تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فيلزمك ما فررت منه من التشبيه والتجسيم بل هذا يلزمك بصريح قولك فان العالم المشهود جسم تقوم به الحركات فان الفلك جسم وكذلك الشمس والقمر والكواكب أجسام تقوم بها الحركات والصفات فجحدت رب العالمين لئلا تجعل القديم الواجب جسما تقوم به الصفات والحركات ثم فى آخر امرك جعلت القديم الازلى الواجب الوجود بنفسه أجساما متعددة تشبه غيرها من وجوه كثيرة تقوم بها الصفات والحركات مع ما فيها من الافتقار والحاجة

فان الشمس والقمر والكواكب محتاجة الى محالها التى هى فيها ومواضعها التى تحملها وتدور بها والأفلاك كل منها محتاج الى ما سواه الى غير ذلك من دلائل نقصها وحاجتها

والمقصود هنا أن هذا الذى فر من أن يجعل القديم الواجب موجودا وموصوفا بصفات الكمال لئلا يلزم ما ذكره من التشبيه والتجسيم وجعل نفى هذا اللازم دليلا على نفى ما جعله ملزوما له لزمه فى آخر الامر ما فر منه من جعله الموجود الواجب جسما يشبه غيره مع أنه وصفه بصفات النقص التى يجب تنزيه الرب عنها ومع أنه جحد الخالق جل جلاله فلزمه مع الكفر الذى هو أعظم من كفر عامة المشركين فانهم كانوا يقرون بالصانع مع عبادتهم لما سواه ولزمه مع هذا أنه من أجهل بنى آدم وأفسدهم عقلا ونظرا وأشدهم تناقضا

وهكذا يفعل الله بالذين يلحدون فى اسمائه وآياته مع دعوى النظر والمعقول والبرهان والقياس كفرعون واتباعه قال الله تعالى ولقد ارسلنا موسى بآياتنا وسلطان مبين الى فرعون وهامان وقارون فقالوا ساحر كذاب فلما جاءهم بالحق من عندنا قالوا اقتلوا أبناء الذين آمنوا معه واستحيوا نساءهم وما كيد الكافرين الا فى ضلال وقال فرعون ذرونى اقتل موسى وليدع ربه أنى أخاف ان يبدل دينكم أو أن يظهر فى الأرض الفساد وقال موسى انى عذت بربى وربكم من كل متكبر لا يؤمن بيوم الحساب وقال رجل مؤمن من آل فرعون يكتم ايمانه اتقتلون رجلا ان يقول ربى الله وقد جاءكم بالبينات من ربكم وان يك كاذبا فعليه كذبه وان يك صادقا يصبكم بعض الذى يعدكم ان الله لا يهدى من هو مسرف كذاب يا قوم لكم الملك اليوم ظاهرين

فى الأرض فمن ينصرنا من بأس الله ان جاءنا قال فرعون ما أريكم الا ما أرى وما اهديكم الا سبيل الرشاد وقال الذى آمن يا قوم انى اخاف عليكم مثل يوم الاحزاب مثل دأب قوم نوح وعاد وثمود والذين من بعدهم وما الله يريد ظلما للعباد ويا قوم انى أخاف عليكم يوم التناد يوم تولون مدبرين ما لكم من الله من عاصم ومن يضلل الله فما له من هاد ولقد جاءكم يوسف من قبل بالبينات فما زلتم فى شك مما جاءكم به حتى اذا هلك قلتم لن يبعث الله من بعده رسولا كذلك يضل الله من هو مسرف مرتاب الذين يجادلون فى آيات الله بغير سلطان اتاهم كبر مقتا عند الله وعند الذين آمنوا كذلك يطبع الله على كل قلب متكبر جبار وقال فرعون يا هامان إبن لى صرحا لعلى أبلغ الاسباب أسباب السموات فأطلع الى اله موسى وانى لأظنه كاذبا وكذلك زين لفرعون سوء عمله وصد عن السبيل وما كيد فرعون الا فى تباب وقال تعالى انا لننصر رسلنا والذين آمنوا فى الحياة الدنيا ويوم يقوم الاشهاد يوم لا ينفع الظالمين معذرتهم ولهم اللعنة ولهم سوء الدار ولقد آتينا موسى الهدى واورثنا بنى اسرائيل الكتاب هدى وذكرى لأولى الالباب فاصبر ان وعد الله حق واستغفر لذنبك وسبح بحمد ربك بالعشى والابكار ان الذين يجادلون فى آيات الله بغير سلطان اتاهم ان فى صدورهم الا كبر ما هم ببالغيه فاستعذ بالله انه هو السميع البصير

وسبب ذلك أن لفظ الجسم و التشبيه فيه اجمال واشتباه كما سنبينه ان شاء الله تعالى فان هؤلاء النفاة لا يريدون بالجسم الذى نفوه ما هو المراد بالجسم فى اللغة فان الموصوف بالصفات لا يجب أن يكون هو الجسم الذى فى اللغة كما نقله أهل اللغة باتفاق العقلاء وسنأتى بذلك وانما يريدون بالجسم ما اعتقدوه أنه مركب من أجزاء واعتقدوا ان كل ما تقوم به الصفات فهو مركب من أجزاء وهذا الاعتقاد باطل بل الرب موصوف بالصفات وليس جسما مركبا من الجواهر المفرة ولا من المادة والصورة كما يدعون كما سنبينه ان شاء الله تعالى فلا يلزم من ثبوت الصفات لزوم ما ادعوه من المحال بل غلطوا فى هذا التلازم واما ما هو لازم لا ريب فيه فذاك يجب اثباته لا يجوز نفيه عن الله تعالى فكان غلطهم باستعمال لفظ مجمل واحدى المقدمتين

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير