تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

باطلة أما الأولى واما الثانية كما سيأتى ان شاء الله تعالى وهذه قواعد مختصرة جامعة وهى مبسوطة فى مواضع أخرى

فصل

إذا تبين هذا فقول السائل كيف ينزل بمنزلة قوله كيف استوى وقوله كيف يسمع وكيف يبصر وكيف يعلم ويقدر وكيف يخلق ويرزق وقد تقم الجواب عن مثل هذا السؤال من أئمة الاسلام مثل مالك بن أنس وشيخه ربيعة بن أبى عبدالرحمن فانه قد روى من غير وجه أن سائلا سأل مالكا عن قوله الرحمن على العرش استوى كيف استوى فأطرق مالك حتى علاه الرحضاء ثم قال الاستواء معلوم والكيف مجهول والايمان به واجب والسؤال عنه بدعة وما اراك الا رجل سوء ثم أمر به فأخرج ومثل هذا الجواب ثابت عن ربيعة شيخ مالك وقد روى هذا الجواب عن أم سلمة رضى الله عنها موقوفا ومرفوعا ولكن ليس اسناده مما يعتمد عليه وهكذا سائر الأئمة قولهم يوافق قول مالك فى انا لا نعلم كيفية استوائه كما لا نعلم كيفية ذاته ولكن نعلم المعنى الذى دل عليه الخطاب فنعلم معنى الاستواء ولا نعلم كيفيته وكذلك نعلم معنى النزول ولا نعلم كيفيته ونعلم معنى السمع والبصر والعلم والقدرة ولا نعلم كيفية ذلك ونعلم معنى الرحمة والغضب والرضا والفرح والضحك ولا نعلم كيفية ذلك

وأما سؤال السائل هل يخلو منه العرش أم لا يخلو منه وامساك المجيب عن هذا لعدم علمه بما يجيب به فانه امساك عن الجواب بما لم يعلم حقيقته وسؤال السائل له عن هذا ان كان نفيا لما أثبته الرسول فخطأ منه وان كان استرشادا فحسن وان كان تجهيلا للمسؤول فهذا فيه تفصيل فان المثبت الذى لم يثبت الا ما أثبته الرسول ونفى علمه بالكيفية فقوله سديد لا يرد عليه سؤاله والمعترض الذى يعترض عليه بهذا السؤال اعتراضه باطل فان ذلك لا يقدح فى جواب المجيب

وقول المسؤول هذا قول مبتدع ورأى مخترع حيدة منه عن الجواب يدل على جهله بالجواب السديد ولكن لا يدل هذا على ان نفى المعترض لما أخبر به الرسول حق ولا على أن تأويله بنزول أمره ورحمته تأويل صحيح

ومما يبين ذلك أن هذا المعترض اما ان يقر بأن الله فوق العرش واما أن لا يكون مقرا بذلك فان لم يكن مقرا بذلك كان قوله هل يخلو العرش منه أم لا يخلو كلاما باطلا لأن هذا التقسيم فرع ثبوت كونه على العرش وان قال المعترض انا ذكرت هذا التقسيم لأنفى نزوله وانفى العلو لأنه ان قال يخلو منه العرش لزم أن يخلو من استوائه على العرش وعلوه عليه وان لا يكون وقت النزول هو العلى الأعلى بل يكون فى جوف العالم والعالم محيط به وان قال ان العرش لا يخلو منه قيل له فاذا لم يخل العرش منه لم يكن قد نزل فان نزوله بدون خلو العرش منه لا يعقل فيقال لهذا المعترض

هذا الاعتراض باطل لا ينفعك لأن الخالق سبحانه وتعالى موجود بالضرورة والشرع والعقل والاتفاق فهو اما أن يكون مباينا للعالم فوقه واما أن يكون مداخلا للعالم محايثا واما أن يكون لا هذا ولا هذا

فان قلت انه محايث للعالم بطل قولك فانك اذا جوزت نزوله وهو بذاته فى كل مكان لم يمتنع عندك خلو ما فوق العرش منه بل هو دائما خال منه لأنه هناك ليس عندك شىء ثم يقال لك وهل يعقل مع هذا أن يكون فى كل مكان وأنه مع هذا ينزل الى السماء الدنيا فان قلت نعم قيل لك فاذا نزل هل يخلو منه بعض الامكنة او لا يخلو فان قلت يخلو منه بعض الامكنة كان هذا نظير خلو العرش منه فان قلت لا يخلو منه مكان كان هذا نظير كون العرش لا يخلو منه فان جوزت هذا كان لخصمك ان يجوز هذا

فقد لزمك على قولك ما يلزم منازعك بل قولك أبعد عن المعقول لأن نزول من هو فوق العالم أقرب الى المعقول من نزول من هو حال فى جميع العالم فان نزول هذا لا يعقل بحال وما فررت منه من الحلول وقعت فى نظيره بل منازعك الذى يجوز أن يكون فوق العالم وهو أعظم عنده من العالم وينزل الى العالم اشد تعظيما لله منك ويقال له هل يعقل موجودان قائمان بأنفسهما أحدهما محايث للآخر فان قال لا بطل قوله وان قال نعم قيل له فليعقل أنه فوق العرش وانه ينزل الى السماء الدنيا ولا يخلو منه العرش فان هذا أقرب الى العقل مما اذا قلت انه حال فى العالم

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير