تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وان قلت انه لا مباين للعالم ولا مداخل له قيل لك فهل يعقل موجودان قائمان بأنفسهما ليس أحدهما مباينا للآخر ولا محايثا له فان جمهور العقلاء يقولون ان فساد هذا معلوم بالضرورة فاذا قال نعم يعقل ذلك فيقال له فان جاز وجود موجود قائم بنفسه ليس هو مباينا للعالم ولا محايثا له فوجود مباين للعالم ينزل الى العالم ولا يخلو منه ما فوق العالم أقرب الى المعقول فانك ان كنت لا تثبت من الوجود الا ما تعقل له حقيقة فى الخارج فانت لا تعقل فى الخارج موجودين قائمين بأنفسهما ليس أحدهما داخلا فى الآخر ولا محايثا له وان كنت تثبت ما لا تعقل حقيقته فى الخارج فوجود موجودين أحدهما مباين للآخر أقرب الى المعقول ونزول هذا من غير خلو ما فوق العرش منه أقرب الى المعقول من كونه لا فوق العالم ولا داخل العالم فان حكمت بالقياس فالقياس عليك لا لك وان لم تحكم به لم يصح استدلالك على منازعك به

وأما قول السائل ليس هذا جوابى بل هو حيدة عن الجواب فيقال له الجواب على

وجهين جواب معترض ناف لنزوله وعلوه وجواب مثبت لنزوله وعلوه وأنت لم تسأل سؤال مستفت بل سألت سؤال معترض ناف وقد تبين لك أن هذا الاعتراض ساقط لا ينفعك فانه سواء قيل انه يخلو منه العرش او قيل لا يخلو منه العرش ليس فى ذلك ما يصحح قولك أنه لاداخل العالم ولا خارجه ولا قولك انه بذاته فى كل مكان واذا

بطل هذان القولان تعين الثالث وهو أنه سبحانه وتعالى فوق سماواته على عرشه بائن من خلقه واذا كان كذلك بطل قول المعترض

هذا ان كان المعترض غير مقر بأنه فوق العرش وقد سئل بعض أئمة نفاة العلو عن النزول فقال ينزل أمره فقال له السائل فممن ينزل ما عندك فوق العالم شىء فممن ينزل الأمر من العدم المحض فبهت

وان كان المعترض من المثبتة للعلو ويقول ان الله فوق العرش لكن لا يقر بنزوله بل يقول بنزول ملك أو يقول بنزول أمره الذى هو مأمور به وهو مخلوق من مخلوقاته فيجعل النزول مفعولا محدثا يحدثه الله فى السماء كما يقال مثل ذلك فى استوائه على العرش فيقال له هذا التقسيم يلزمك فانك ان قلت اذا نزل يخلو منه العرش لزم المحذور الاول وان قلت لا يخلو منه العرش اثبت نزولا مع عدم خلو العرش منه وهذا لا يعقل على أصلك

وان قال انما أثبت ذلك فى بعض مخلوقاته قيل له أى شىء أثبته مع عدم فعل اختيارى يقوم بنفسه كان غير معقول من هذا الخطاب لا يمكن أن يراد به أصلا مع تحريف الكلم عن مواضعه فجمعت بين شيئين بين أن ما أثبته لا يمكن أن يعقل من خطاب الرسول وبين أنك حرفت كلام الرسول فان قلت الذى ينزل ملك قيل هذا باطل من وجوه

منها أن الملائكة لا تزال تنزل بالليل والنهار الى الارض كما قال تعالى ينزل الملائكة بالروح من أمره على من يشاء من عباده وقال تعالى وما نتنزل الا بأمر ربك

وفى الصحيحين عن أبى هريرة وأبى سعيد رضى الله عنهما عن النبى أنه قال يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل وملائكة بالنهار ويجتمعون فى صلاة الفجر وصلاة العصر ثم يعرج اليه الذين باتوا فيكم فيسألهم ربهم وهو أعلم بهم كيف تركتم عبادى فيقولون اتيناهم وهم يصلون وتركناهم وهم يصلون

وكذلك ثبت فى الصحيح عن أبى هريرة عن النبى أنه قال ان لله ملائكة سياحين فضلا يتتبعون مجالس الذكر فاذا مروا على قوم يذكرون الله تعالى ينادون هلموا الى حاجتكم فيحفونهم بأجنحتهم الى السماء الدنيا قال فيسألهم ربهم وهم أعلم بهم ما يقول عبادى قال فيقولون يسبحونك ويكبرونك ويحمدونك ويمجدونك

وفى رواية لمسلم ان لله ملائكة سيارة فضلا عن كتاب الناس يتبعون مجالس الذكر فاذا وجدوا مجلسا فيه ذكر قعدوا معهم وحف بعضهم بعضا حتى يملأوا ما بينهم وبين سماء الدنيا فاذا تفرقوا عرجوا أو صعدوا الى السماء قال فيسألهم الله عز وجل وهو أعلم بهم من أين جئتم فيقولون جئنا

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير