ضاحين من كل فج عميق وعن أم سلمة رضى الله عنها قالت قال رسول الله ان الله ينزل الى السماء الدنيا يباهى بأهل عرفة الملائكة ويقول أنظروا الى عبادى اتونى شعثا غبرا فوصف أنه يدنو عشية عرفة الى السماء الدنيا ويباهى الملائكة بالحجيج فيقول انظروا الى عبادى اتونى شعثا غبرا ما أراد هؤلاء فانه من المعلوم أن الحجيج عشية عرفة ينزل على قلوبهم من الايمان والرحمة والنور والبركة ما لا يمكن التعبير عنه لكن ليس هذا الذى فى قلوبهم هو الذى يدنو الى السماء الدنيا ويباهى الملائكة بالحجيج
والجهمية ونحوهم من المعطلة انما يثبتون مخلوقا بلا خالق واثرا بلا مؤثر ومفعولا بلا فاعل وهذا معروف من اصولهم وهذا من فروع اقوال الجهمية
وايضا فيقال له وصف نفسه بالنزول كوصفه فى القرآن بأنه خلق السموات والأرض فى ستة أيام ثم استوى على العرش وبأنه استوى الى السماء وهى دخان وبأنه نادى موسى وناجاه فى البقعة المباركة من الشجرة وبالمجىء والاتيان فى قوله وجاء ربك والملك صفا صفا وقال هل ينظرون الا ان تأتيهم الملائكة أو يأتى ربك أو يأتى بعض آيات ربك
والأحاديث المتواترة عن النبى صلى الله عليه وسلم فى اتيان الرب يوم القيامة كثيرة وكذلك اتيانه لأهل الجنة يوم الجمعة وهذا مما احتج به السلف على من ينكر الحديث فبينوا له أن القرآن يصدق معنى هذا الحديث كما احتج به اسحاق بن راهويه
بن راهويه على بعض الجهمية بحضرة الأمير عبدالله بن طاهر أمير خراسان
قال أبو عبدالله الرباطى حضرت يوما مجلس الامير عبدالله بن طاهر ذات يوم وحضر إسحق بن راهويه فسئل عن حديث النزول أصحيح هو فقال نعم فقال له بعض قواد عبدالله يا أبا يعقوب أتزعم أن الله ينزل كل ليلة قال نعم قال كيف ينزل قال اثبته فوق حتى أصف لك النزول فقال له الرجل اثبته فوق فقال له إسحق قال الله تعالى وجاء ربك والملك صفا صفا فقال الأمير عبدالله بن طاهر يا أبا يعقوب هذا يوم القيامة فقال اسحق أعز الله الأمير ومن يجىء يوم القيامة من يمنعه اليوم
ثم بعد هذا اذا نزل هل يخلو منه العرش أو لا يخلو هذه مسألة أخرى تكلم فيها أهل الاثبات
فمنهم من قال لا يخلو منه العرش ونقل ذلك عن الامام أحمد بن حنبل فى رسالته الى مسدد وعن اسحق بن راهويه وحماد بن زيد وعثمان بن سعد الدارمى وغيرهم
ومنهم من أنكر ذلك وطعن فى هذه الرسالة وقال راويها عن أحمد بن حنبل مجهول لا يعرف
والقول الأول معروف عند الأئمة كحماد بن زيد واسحق بن راهويه
وغيرهما قال الخلال فى كتاب السنة حدثنا جعفر بن محمد الفريابى ثنا أحمد بن محمد المقدمى ثنا سليمان بن حرب قال سأل بشر بن السرى حماد بن زيد فقال يا أبا اسماعيل الحديث الذى جاء ينزل ربنا الى سماء الدنيا يتحول من مكان الى مكان فسكت حماد بن زيد ثم قال هو فى مكانه يقرب من خلقه كيف شاء ورواه ابن بطة فى كتاب الابانة فقال حدثنى ابو القاسم حفص بن عمر الاردبيلى حدثنا ابو حاتم الرازى حدثنا سليمان بن حرب قال سأل بشر بن السرى حماد بن زيد فقال يا أبا اسماعيل الحديث الذى جاء ينزل الله الى سماء الدنيا أيتحول من مكان الى مكان فسكت حماد بن زيد ثم قال هو فى مكانه يقرب من خلقه كيف شاء وقال ابن بطة وحدثنا أبو بكر النجاد ثنا أحمد بن على الابار ثنا على بن خشرم قال قال اسحق بن راهويه دخلت على عبدالله بن طاهر فقال ما هذه الاحاديث التى تروونها قلت أى شىء اصلح الله الأمير قال تروون أن الله ينزل الى السماء الدنيا قلت نعم رواها الثقات الذين يروون الاحكام قال أينزل ويدع عرشه قال فقلت يقدر أن ينزل من غير أن يخلو العرش منه قال نعم قلت ولم تتكلم فى هذا
وقد رواها اللالكائى أيضا باسناد منقطع واللفظ مخالف لهذا وهذا الاسناد أصح وهذه والتى قبلها حكايتان صحيحتان رواتهما أئمة ثقات فحماد بن زيد يقول هو فى مكانه يقرب من خلقه كيف شاء فأثبت قربه الى خلقه مع
¥