تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

كونه فوق عرشه وعبدالله بن طاهر وهو من خيار من ولى الأمر بخراسان كان يعرف ان الله فوق العرش واشكل عليه انه ينزل لتوهمه أن ذلك يقتضى أن يخلو منه العرش فأقره الامام اسحق على أنه فوق العرش وقال له يقدر أن ينزل من غير أن يخلو منه العرش فقال له الأمير نعم فقال له اسحق لم تتكلم فى هذا يقول فاذا كان قادرا على ذلك لم يلزم من نزوله خلو العرش منه فلا يجوز أن يعترض على النزول بأنه يلزم منه خلو العرش وكان هذا أهون من اعتراض من يقول ليس فوق العرش شىء فينكر هذا وهذا

ونظيره ما رواه أبو بكر الاثرم فى السنة قال حدثنا ابراهيم بن الحارث يعنى العبادى قال حدثنى الليث بن يحيى قال سمعت ابراهيم بن الاشعث يقول سمعت الفضيل بن عياض يقول اذا قال الجهمى انا أكفر برب يزول عن مكانه فقل أنا أومن برب يفعل ما يشاء اراد الفضيل بن عياض رحمه الله مخالفة الجهمى الذى يقول أنه لا تقوم به الأفعال الاختيارية فلا يتصور منه اتيان ولا مجىء ولا نزول ولا استواء ولا غير ذلك من الافعال الاختيارية القائمة به فقال الفضيل اذا قال لك الجهمى أنا أكفر برب يزول عن مكانه فقل انا ازمن برب يفعل ما شاء فأمره أن يؤمن بالرب الذى يفعل ما يشاء من الافعال القائمة بذاته التى يشاؤها لم يرد من المفعولات المنفصلة عنه

ومثل ذلك ما يروى عن الاوزاعى وغيره من السلف أنهم قالوا فى حديث النزول يفعل الله ما يشاء قال اللالكائى حدثنا المسير بن عثمان حدثنا

أحمد بن الحسين ثنا أحمد بن على الابار قال سمعت يحيى بن معين يقول اذا سمعت الجهمى يقول أنا أكفر برب ينزل فقل أنا اومن برب يفعل ما يريد

فان بعض من يعظمهم وينفى قيام الأفعال الاختيارية به كالقاضى ابى بكر ومن اتبعه وابن عقيل والقاضى عياض وغيرهم يحمل كلامهم على أن مرادهم بقولهم يفعل ما يشاء ان يحدث شيئا منفصلا عنه من دون ان يقوم به هو فعل أصلا

وهذا أوجبه اصلان لهم

احدهما أن الفعل عندهم هو المفعول والخلق هو المخلوق فهم يفسرون أفعاله المتعدية مثل قوله تعالى خلق السموات والأرض وأمثاله ان ذلك وجد بقدرته من غير أن يكون منه فعل قام بذاته بل حاله قبل أن يخلق وبعد ما خلق سواء لم يتجدد عندهم الا اضافة ونسبة وهى أمر عدمى لا وجودى كما يقولون مثل ذلك فى كونه يسمع أصوات العباد ويرى أعمالهم وفى كونه كلم موسى وغيره وكونه أنزل القرآن أو نسخ منه ما نسخ وغير ذلك فانه لم يتجدد عندهم الا مجرد نسبة و اضافة بين الخالق والمخلوق وهى أمر عدمى لا وجودى

وهكذا يقولون فى استوائه على العرش اذا قالوا أنه فوق العرش وهذا قول ابن عقيل وغيره وهو أول قولى القاضى أبى يعلى ويسمى ابن عقيل هذه النسبة الأحوال ولعله يشبهها بالأحوال التى يثبتها من يثبتها من النظار

ويقولون هى لا موجودة ولا معدومة كما يقول ذلك ابو هاشم والقاضيان ابو بكر وأبو يعلى وأبى المعالى الجوينى فى أول قوليه

وأكثر الناس خالفوهم فى هذا الاصل وأثبتوا له تعالى فعلا قائما بذاته وخلقا غير المخلوق ويسمى التكوين وهو الذى يقول به قدماء الكلابية كما ذكره الثقفى والضبعى وغيرهما من اصحاب أبى بكر محمد بن خزيمة فى العقيدة التى كتبوها وقرؤوها على أبى بكر محمد بن اسحق بن خزيمة لما وقع بينهم النزاع فى مسألة القرآن وهو آخر قولى القاضى أبى يعلى وجمهور الحنفية والحنبلية وأئمة المالكية والشافعية وهو الذى ذكره البغوى فى شرح السنة عن أهل السنة وذكره البخارى اجماع العلماء كما بسط ذلك فى مواضع أخر و

الأصل الثانى نفيهم أن تقوم به أمور تتعلق بقدرته ومشيئته ويسمون ذلك حلول الحوادث فلما كانوا نفاة لهذا امتنع عندهم أن يقوم به فعل اختيارى يحصل بقدرته ومشيئته لا لازم ولا متعد لا نزول ولا مجىء ولا استواء ولا اتيان ولا خلق ولا احياء ولا أماتة ولا غير ذلك فلهذا فسروا قول السلف بالنزول بأنه يفعل ما يشاء على أن مرادهم حصول مخلوق منفصل لكن كلام السلف صريح فى أنهم لم يريدوا ذلك وانما أرادوا الفعل الاختيارى الذى يقوم به

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير