تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وكذلك هو بكل مكان يراك لا يخفى عليه شىء مما فى الاماكن هو فيها بالعلم بها والاحاطة فكيف يسوغ لأحد أن يقول أنه بكل مكان على الحلول مع قوله الرحمن على العرش استوى أى استقر قال الله تعالى فاذا استويت أنت ومن معك على الفلك أى استقررت ومع قوله اليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه

وكيف يصعد اليه شىء هو معه أو يرتفع اليه عمل هو عنده وكيف تعرج الملائكة والروح يوم القيامة وتعرج بمعنى تصعد يقال عرج الى السماء اذا صعد والله ذو المعارج والمعارج الدرج فما هذه الدرج فالى من تؤدى الملائكة الأعمال اذا كان بالمحل الاعلى مثله بالمحل

الادنى ولو أن هؤلاء رجعوا الى فطرهم وما ركبت عليه خلقتهم من معرفة الخالق لعلموا أن الله هو العلى وهو الأعلى وبالمكان الرفيع وان القلوب عند الذكر تسمو نحوه والايدى ترتفع بالدعاء اليه ومن العلو يرجى الفرج ويتوقع النصر والرزق

وهناك الكرسى والعرش والحجب والملائكة يقول الله تبارك وتعالى وله من فى السموات والأرض ومن عنده لا يستكبرون عن عبادته ولا يستحسرون يسبحون الليل والنهار لا يفترون وقال فى الشهداء أحياء عند ربهم يرزقون قيل لهم شهداء لأنهم يشهدون ملكوت الله وأحدهم شهيد كما يقال عليم وعلماء وكفيل وكفلاء

وقال عز وجل لو أردنا أن نتخذ لهوا لاتخذناه من لدنا أى لا اتخذنا ذلك عندنا لا عندكم لأن زوجة الرجل وولده يكونان عنده بحضرته لا عند غيره

والأمم كلها عجمها وعربها تقول ان الله عز وجل فى السماء ما تركت على فطرتها ولم تنقل عن ذلك بالتعليم

وفى الحديث أن رجلا أتى الى النبى بأمة أعجمية للعتق فقال لها رسول الله أين الله قالت فى السماء قال من أنا قالت أنت رسول الله فقال هى مؤمنة وأمره بعتقها

وقال أمية بن أبى الصلت

... مجدوا الله فهو للمجد أهل ... ربنا فى السماء أمسى كبيرا ... بالبناء الأعلى الذى سبق الناس ... وسوى فوق السماء سريرا ... شرجعا ما يناله بصر العين ... ترى دونه الملائك صورا

وصورا جمع اصور وهو المائل العنق وهكذا قيل فى حملة العرش صور وكل من حمل شيئا ثقيلا على كأهله أو على منكبه لم يجد بدا من أن يميل عنقه

وفى الانجيل أن المسيح عليه السلام قال لا تحلفوا بالسماء فانها كرسى الله وقال للحواريين ان أنتم غفرتم للناس فان اباكم الذى فى السماء يغفر لكم كلكم أنظروا الى طير السماء فانهن لا يزرعن ولا يحصدن ولا يجمعن فى الاهواء وابوكم الذى فى السماء هو الذى يرزقهم افلستم افضل منهن ومثل هذا من الشواهد كثير يطول به الكتاب

قال ابن قتيبة وأما قوله تعالى وهو الذى فى السماء إله وفى الأرض إله فليس فى ذلك ما يدل على الحلول بهما وانما أراد أنه إله السماء ومن فيها وإله الارض ومن فيها ومثل هذا من الكلام قولك هو بخراسان أمير وبمصر أمير فالامارة تجتمع له فيهما وهو حال بأحدهما أو بغيرهما هذا واضح لا يخفى

فإن قال لنا كيف النزول منه جل وعز قلنا لا نحكم على النزول منه بشىء ولكنا نبين كيف النزول منا وما تحتمله اللغة من هذا اللفظ والله أعلم بما أراد

والنزول منا يكون بمعنيين

أحدهما الانتقال من مكان الى مكان كنزول من الجبل الى الحضيض ومن السطح الى الدار

والمعنى الآخر إقبالك الى الشىء بالارادة والنية كذلك الهبوط والارتفاع والبلوغ والمصير وأشباه هذا من الكلام

ومثال ذلك ان سألك سائل عن محل قوم من الأعراب وهو لا يريد المصير اليهم فتقول له اذا صرت الى جبل كذا فأنزل منه وخذ يمينا واذا صرت الى وادى كذا فاهبط فيه ثم خذ شمالا واذا سرت الى أرض كذا فاعل هضبة هناك حتى تشرف عليهم وأنت لا تريد فى شىء مما تقوله أفعله ببدنك إنما تريد أفعله بنيتك وقصدك

وقد يقول القائل بلغت الى الاحزاب تشتمهم وصرت الى الخلفاء تطعن عليهم وجئت الى العلم تزهد فيه ونزلت عن معالى الاخلاق الى الدناءة ليس يراد فى شىء من هذا انتقال الجسم وانما يراد به القصد الى الشىء بالارادة والعزم والنية وكذلك قوله ان الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون لا يراد به أنه معهم بالحلول ولكن بالنصر والتوفيق والحياطة

وكذلك قوله عز وجل من تقرب منى شبرا تقربت منه ذراعا ومن تقرب منى ذراعا تقربت منه باعا ومن أتانى يمشى أتيته هرولة

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير