تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ثم المعاد عندهم يفتقر الى أن يبتدىء هذه الجواهر والجهم بن صفوان منهم يقول بعدمها بعد ذلك ويقول بفناء الجنة والنار لامتناع دوام الحوادث عنده فى المستقبل كامتناع دوامها فى الماضى وأبو الهذيل العلاف يقول بعدم الحركات وهؤلاء ينكرون استحالة الاجسام بعضها الى بعض أو انقلاب جنس الى جنس بل الجواهر عندهم متماثلة والاجسام مركبة منها وما ثم الا تغيير التركيب فقط لا انقلاب ولا استحالة

ولا ريب أن جمهور العقلاء من المسلمين وغيرهم على انكار هذا والاطباء والفقهاء ممن يقول باستحالة الاجسام بعضها الى بعض كما هو موجود فى كتبهم والاجسام عندهم ليست متماثلة بل الماء يخالف الهواء والهواء يخالف التراب وابدان الناس تخالف النبات ولهذا صارت النفاة اذا اثبت أحد شيئا من الصفات كان ذلك مستلزما لأن يكون الموصوف عندهم جسما وعندهم الاجسام متماثلة فصاروا يسمونه مشبها بهذه المقدمات التى تلزمهم مثل

ما الزموه لغيرهم وهى متناقضة لا يتصور أن ينتظم منها قول صحيح وكلها مقدمات ممنوعة عند جماهير العقلاء وفيها من تغيير اللغة والمعقول ما دخل بسبب هذه الاغاليط والشبهات حتى يبقى الرجل حائرا لا يهون عليه ابطال عقله ودينه والخروج عن الايمان والقرآن فان ذلك كله متطابق على اثبات الصفات

ولا يهون عليه التزام ما يلزمونه من كون الرب مركبا من الأجزاء ومماثلا للمخلوقات فانه يعلم ايضا بطلان هذا وان الرب عزوجل يجب تنزيهه عن هذا فانه سبحانه احد صمد و الاحد ينفى التمثيل و الصمد ينفى ان يكون قابلا للتفريق والتقسيم والبعضية سبحانه وتعالى فضلا عن كونه مؤلفا مركبا ركب والف من الأجزاء فيفهمون من يخاطبون ان ما وصف به الرب نفسه لا يعقل إلا فى بدن مثل بدن الانسان بل وقد يصرحون بذلك ويقولون الكلام لا يكون إلا من صورة مركبة مثل فم الانسان ونحو ذلك مما يدعونه

وإذا قال النفاة لهم متى قلتم إنه يرى لزم ان يكون مركبا مؤلفا لأن المرئي لا يكون إلا بجهة من الرائي وما يكون بجهة من الرائى لا يكون إلا جسما والجسم مؤلف مركب من الأجزاء او قالوا ان الرب اذا تكلم بالقرآن او غيره من الكلام لزم ذلك واذا كان فوق العرش لزم ذلك وصار المسلم العارف بما قاله الرسول يعلم ان الله يرى فى الآخرة لما تواتر عنده من الأخبار عن الرسول بذلك

وكذلك يعلم ان الله تكلم بالقرآن وغيره من الكلام ويعلم ان الله فوق العرش بما تواتر عنده عن الرسول بما يدل على ذلك مع ما يوافق ذلك من القضايا الفطرية التى خلق الله عليها عباده

وإذا قالوا له هذا يستلزم ان يكون الله مركبا من الأجزاء المنفردة والمركب لابد له من مركب فيلزم ان يكون الله محدثا اذ المركب يفتقر الى أجزائه واجزاؤه تكون غيره وما افتقرالى غيره لم يكن غنيا واجب الوجود بنفسه حيروه وشككوه إن لم يجعلوه مكذبا لما جاء به الرسول مرتدا عن بعض ما كان عليه من الايمان مع ان تشككه وحيرته تقدح فى إيمانه ودينه وعلمه وعقله

فيقال لهم اما كون الرب سبحانه وتعالى مركبا ركبه غيره فهذا من اظهر الأمور فسادا وهذا معلوم فساده بضرورة العقل ومن قال هذا فهو من أكفر الناس واجهلهم واشدهم محاربة لله وليس فى الطوائف المشهورين من يقول بهذا

وكذلك إذا قيل هو مؤلف أو مركب بمعنى انه كانت اجزاؤه متفرقة فجمع بينها كما يجمع بين اجزاء المركبات من الأطعمة والادوية والثياب والأبنية فهذا التركيب من اعتقده فى الله فهو من اكفر الناس واضلهم ولم يعتقده احد من الطوائف المشهورة فى الأمة بل اكثر العقلاء عندهم ان مخلوقات

الرب ليست مركبة هذا التركيب وإنما يقول بهذا من يثبت الجواهر المنفردة وكذلك من زعم ان الرب مركب مؤلف بمعنى انه يقبل التفريق والانقسام والتجزئة فهذا من اكفر الناس واجهلهم وقوله شر من قول الذين يقولون إن لله ولدا بمعنى انه انفصل منه جزء فصار ولدا له وقد بسطنا الكلام على هذا فى تفسير قل هو الله احد وفى غير ذلك

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير