تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وكذلك إذا قيل هو جسم بمعنى انه مركب من الجواهر المنفردة او المادة والصورة فهذا باطل بل هو أيضا باطل فى المخلوقات فكيف فى الخالق سبحانه وتعالى وهذا مما يمكن ان يكون قد قاله بعض المجسمة الهشامية والكرامية وغيرهم ممن يحكى عنهم التجسيم إذ من هؤلاء من يقول ان كل جسم فانه مركب من الجواهر المنفردة ويقولون مع ذلك ان الرب جسم واظن هذا قول بعض الكرامية فانهم يختلفون فى إثبات الجوهر الفرد وهم متفقون على انه سبحانه جسم

لكن يحكى عنهم نزاع فى المراد بالجسم هل المراد به انه موجود قائم بنفسه او المراد به انه مركب فالمشهور عن ابى الهيصم وغيره من نظارهم انه يفسر مراده بأنه موجود قائم بنفسه مشار اليه لا بمعنى انه مؤلف مركب وهؤلاء ممن اعترف نفاة الجسم بأنهم لا يكفرون فانهم لم يثبتوا معنى فاسدا فى حق الله تعالى

لكن قالوا إنهم اخطؤوا فى تسمية كل ما هو قائم بنفسه او ما هو

موجود جسما من جهة اللغة قالوا فان اهل اللغة لا يطلقون لفظ الجسم الا على المركب

والتحقيق ان كلا الطائفتين مخطئة على اللغة اولئك الذين يسمون كل ما هو قائم بنفسه جسما وهؤلاء الذين سموا كل ما يشار إليه وترفع الأيدى إليه جسما وادعوا ان كل ما كان كذلك فهو مركب وان اهل اللغة يطلقون لفظ الجسم على كل ما كان مركبا فالخطأ فى اللغة والابتداع فى الشرع مشترك بين الطائفتين

واما المعاني فمن اثبت من الطائفتين ما نفاه الله ورسوله او نفى ما اثبت الله ورسوله فهو مخطئ عقلا كما هو مخطئ شرعا بل اولئك يقولون لهم نحن وانتم اتفقنا على ان القائم بنفسه يسمى جسما فى غير محل النزاع ثم ادعيتم ان الخالق القائم بنفسه يختص بما يمنع هذه التسمية التى اتفقنا نحن وانتم عليها فبينا انه لا يختص لأن ذلك مبنى على ان الأجسام مركبة ونحن نمنع ذلك ونقول ليست مركبة من الجواهر المنفردة

ولهذا كره السلف والأئمة كالامام احمد وغيره ان ترد البدعة بالبدعة فكان أحمد فى مناظرته للجهمية لما ناظروه على ان القرآن مخلوق وألزمه أبو عيسى محمد بن عيسى برغوث انه اذا كان غير مخلوق لزم ان يكون الله جسما وهذا منتف فلم يوافقه احمد لا على نفي ذلك ولا على اثباته بل قال قل هو الله احد الله الصمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا احد

ونبه أحمد على ان هذا اللفظ لا يدرى ما يريدون به وإذا لم يعرف مراد المتكلم به لم يوافقه لا على إثباته ولا على نفيه فان ذكر معنى اثبته الله ورسوله اثبتناه وإن ذكر معنى نفاه الله ورسوله نفيناه باللسان العربى المبين ولم نحتج إلى الفاظ مبتدعة فى الشرع محرفة فى اللغة ومعانيها متناقضة فى العقل فيفسد الشرع واللغة والعقل كما فعل اهل البدع من اهل الكلام الباطل المخالف للكتاب والسنة

وكذلك ايضا لفظ الجبر كره السلف ان يقال جبر وان يقال ما جبر فروى الخلال فى كتاب السنة عن ابى اسحق الفزاري الامام قال قال الأوزاعى أتانى رجلان فسألانى عن القدر فأحببت ان آتيك بهما تسمع كلامهما وتجيبهما قلت رحمك الله انت اولى بالجواب قال فأتانى الأوزاعى ومعه الرجلان فقال تكلما فقالا قدم علينا ناس من اهل القدر فنازعونا فى القدر ونازعناهم حتى بلغ بنا وبهم الجواب الى ان قلنا ان الله قد جبرنا على ما نهانا عنه وحال بيننا وبين ما أمرنا به ورزقنا ما حرم علينا فقال أجبهما يا أبا اسحاق قلت رحمك الله انت أولى بالجواب فقال اجبهما فكرهت ان اخالفه فقلت يا هؤلاء ان الذين اتوكم بما اتوكم به قد ابتدعوا بدعة واحدثوا حدثا وانى اراكم قد خرجتم من البدعة الى مثل ما خرجوا اليه فقال اجبت واحسنت يا ابا اسحق

وروى ايضا عن بقية بن الوليد قال سألت الزبيدي والأوزاعي عن الجبر فقال الزبيدى امر الله اعظم وقدرته اعظم من ان يجبر او يعضل ولكن

يقضى ويقدر ويخلق ويجبل عبده على ما أحب وقال الاوزاعي ما اعرف للجبر اصلا من القرآن والسنة فأهاب ان اقول ذلك ولكن القضاء والقدر والخلق والجبل فهذا يعرف فى القرآن والحديث عن رسول الله وإنما وضعت هذا مخافة ان يرتاب رجل من اهل الجماعة والتصديق

وروي عن أبى بكر المروذى قال قلت لأبى عبد الله تقول إن الله أجبر العباد فقال هكذا لا تقول وأنكر هذا وقال يضل الله من يشاء ويهدى من يشاء

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير