تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وأما من جهة العقل فبينهم نزاع فيما إتفقوا على تسمية جسما كالسماء والأرض والريح والماء ونحو ذلك مما يشار إليه ويختص بجهة وهو متحيز قد تنازعوا هل هو مركب من جواهر لا تقبل القسمة أومن مادة وصورة أو لا من هذا ولا من هذا وأكثر العقلاء على القول الثالث وكل من القولين الأولين قاله طائفة من النظار والأول كثير فى أهل الكلام والثانى كثير فى الفلاسفة لكن قول الطائفتين باطل معلوم بالعقل بطلانه عند أهل القول الثالث

وإذا كان كذلك فإذا قال القائل أنا أقول إنه فوق العرش وأنه ترفع الأيدى إليه ونحو ذلك وليس كل ما كان كذلك كان مركبا من أجزاء مفردة

ولا من المادة والصورة العقليين كان الكلام مع هذا فى التلازم فإذا قال الثانى بل كل ما كان فوق غيره وكل ما كان يشار إليه بالأيدى فلا يكون إلا مركبا إما من هذا وإما من هذا كان هذا بمنزلة قول الآخر كل ما كان حيا قادرا عالما فلا يكون إلا مركبا هذا التركيب أو كل ما كان له حياة وعلم وقدرة فلا يكون إلا مركبا هذا التركيب أو كل ما كان سميعا بصيرا متكلما فلا يكون إلا مركبا هذا التركيب بناء على أن كل موجود قائم بنفسه هو جسم وكل جسم فهو مركب هذا التركيب

ومعلوم أن هذا باطل عند جماهير العلماء والعقلاء باتفاقهم فانى لا أعلم طائفة من العقلاء المعتبرين أنهم قالوا هو جسم وهو مركب هذا التركيب بل الذى اعرف أنهم قالوا هو جسم كالهشامية والكرامية لا يفسرون كلهم الجسم بما هو مركب هذا التركيب بل انما نقل هذا عن بعضهم وقد ينقل عن بعضهم مقالات ينكرها بعضهم كما نقل عن مقاتل بن سليمان وهشام ابن الحكم مقالات ردية ومن الناس من رد هذا النقل عن مقاتل بن سليمان فرده كثير من الناس وأما النقل عن هشام فرده كثير من أتباعه

ومن قدر أنه قال ذلك من الناس فقوله باطل كسائر من قال على الله الباطل كما حكى عن بعض اليهود والرافضة والمجسمة وأنهم يصفونه بالنقائص التى تعالى الله عنها كوصفه أنه أجوف وأنه بكى حتى رمد وعادته الملائكة وعض اصابعه حتى خرج منها الدم وأنه ينزل عشية عرفة على جمل أورق

وأمثال هذه الأقوال التى فيها الافتراء على الله تعالى ووصفه بالنقائص ما يعلم بطلانه بصريح المعقول وصحيح المنقول

وهكذا اذا قال القائل أنه لو نزل الى سماء الدنيا للزم الحركة والانتقال والحركة والانتقال من خصائص الأجسام أو قال للزم أن يخلو منه العرش وذلك محال فان للناس فى هذا ثلاثة أقوال

أحدها قول من يقول ينزل وليس

بجسم وقول من يقول ينزل وهو جسم

وقول من لا ينفى الجسم ولا يثبته اما امساكا عنهما لكون ذلك بدعة وتلبيسا كما تقدم وأما مع تفصيل المراد واقرار الحق وبطلان الباطل وبيان الصواب من المعانى العقلية التى اشتبهت فى هذا مثل أن يقال النزول والصعود والمجىء والاتيان ونحو ذلك مما هو أنواع جنس الحركة لا نسلم أنه مخصوص بالجسم الصناعى الذى يتكلم المتكلمون فى اثباته ونفيه بل يوصف به ما هو أعم من ذلك

ثم هنا طريقان

أحدهما أن هذه الأمور توصف بها الأجسام والاعراض فيقال جاء البرد وجاء الحر وجاءت الحمى ونحو ذلك من الاعراض واذا كانت الاعراض توصف بالمجىء والاتيان علم أن ذلك ليس من خصائص الاجسام فلا يجوز أن يوصف بهذه

الأفعال حقيقة مع أنه ليس بجسم وهذه طريقة الأشعرى ومن تبعه من نظار أهل الحديث واتباع الأئمة الاربعة كالقاضى أبى يعلى وغيره وهذا معنى ما حكاه فى المقالات عن أهل السنة والحديث

ولهذا كان قول ابن كلاب والاشعرى والقلانسى ومن وافقهم من اتباع الأئمة الأربعة وغيرهم من اصحاب أحمد وغيرهم أن الاستواء فعل يفعله الرب فى العرش وكذلك يقولون فى النزول ومعنى ذلك أنه يحدث فى العرش قربا فيصير مستويا عليه من غير أن يقوم به نفسه فعل اختيارى سواء قالوا ان الفعل هو المفعول أو لم يقولوا بذلك وكذلك النزول عندهم فهم يجعلون الافعال اللازمة بمنزلة الافعال المتعدية وذلك لأنهم اعتقدوا أنه لا يقوم به فعل اختيارى لأن ذلك حادث فقيامه به يستلزم أن تقوم به الحوادث فنفوا ذلك لهذا الأصل الذى اعتقدوه

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير