تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

واما اذا كان لكل بلد ثلث غير الثلث الآخر وان أول كل بلد بعد الثلث الآخر يقدر ما بينهما وكذلك آخر ثلث ليل البلد الشرقى ينقضى قبل انقضاء ثلث ليل البلد الغربى وأيضا ان كانت مداخلة فلابد أن يدوم النزول على كل بلد ثلث ليلهم الى طلوع فجرهم فيلزم من ذلك أن يقدر أثلاث بقدر عدد البلاد

وأيضا فكما أن ثلث الليل يختلف بطول البلد فهو يختلف بعرضها أيضا فكلما كان البلد أدخل فى الشمال كان ليله فى الشتاء اطول وفى الصيف أقصر وما كان قريبا من خط الاستواء يكون ليله فى الشتاء أقصر من ليل ذاك وليله فى الصيف أطول من ليل ذاك فيكون ليلهم ونهارهم أقرب الى التساوى

وحينئذ فالنزول الالهى لكل قوم هو مقدار ثلث ليلهم فيختلف مقداره بمقادير الليل فى الشمال والجنوب كما اختلف فى المشرق والمغرب وأيضا فانه اذا صار ثلث الليل عند قوم فبعده بلحظة ثلث الليل عند ما يقاربهم من البلاد فيحصل النزول الالهى الذى أخبر به الصادق المصدق ايضا عند أولئك اذا بقى ثلث ليلهم وهكذا الى آخر العمارة

فلو كان كما توهمه الجاهل من أنه يكون تحت العرش وتكون فوقه السماء وتحته السماء لكان هذا ممتنعا من وجوه كثيرة

منها أنه لا يكون فوق العرش قط بل لا يزال تحته ومنها أنه يجب على هذا التقدير أن يكون الزمان بقدر ما هو مرات كثيرة جدا ليقع كذلك ومنها أنه مع دوام نزوله الى سماء هؤلاء الى طلوع فجرهم ان أمكن مع ذلك أن يكون قد نزل على غيرهم أيضا ممن ثلث ليلهم يخالف ثلث هؤلاء فى التقديم والتأخير والطول والقصر

فهذا خلاف ما تخيلوه فانهم لا يمكنهم أن يتخيلوا نازلا كنزول العباد من يكون نازلا على سماء هؤلاء ثلث ليلهم وهو أيضا فى تلك الساعة نازلا على سماء آخرين مع أنه يجب أن يتقدم على أولئك أو يتأخر عنهم أو يزيد أو يقصر

وحكى عن بعض الجهال أنه قيل له فالسموات كيف حالها عند نزوله قال يرفعها ثم يضعها وهو قادر على ذلك فهؤلاء الذين يتخيلون ما وصف رسول الله به ربه أنه مثل صفات أجسامهم كلهم ضالون ثم يصيرون قسمين

قسم علموا أن ذلك باطل وظنوا أن هذا ظاهر النص ومدلوله وأنه لا يفهم منه معنى الا ذلك فصاروا اما أن يتأولوه تأويلا يحرفون به الكلم عن مواضعه

وإما أن يقولوا لا يفهم منه شىء ويزعمون أن هذا مذهب السلف

ويقولون ان قوله وما يعلم تأويله الا الله يدل على أن معنى المتشابه لا يعلمه الا الله والحديث منه متشابه كما فى القرآن وهذا من متشابه الحديث فيلزمهم أن يكون الرسول الذى تكلم بحديث النزول لم يدر هو ما يقول ولا ما عنى بكلامه وهو المتكلم به ابتداء فهل يجوز لعاقل أن يظن هذا بأحد من عقلاء بنى آدم فضلا عن الأنبياء فضلا عن أفضل الأولين والآخرين وأعلم الخلق وأفصح الخلق وأنصح الخلق الخلق وهم مع ذلك يدعون أنهم أهل السنة وان هذا القول الذى يصفون به الرسول وأمته هو قول أهل السنة

ولا ريب أنهم لم يتصوروا حقيقة ما قالوه ولوازمه ولو تصوروا ذلك لعلموا أنه يلزمهم ما هو من اقبح اقوال الكفار فى الأنبياء وهم لا يرتضون مقالة من ينتقص النبى صلى الله عليه وسلم ولو تنقصه أحد لاستحلوا قتله وهم مصيبون فى استحلال قتل من يقدح فى الأنبياء عليهم السلام وقولهم يتضمن أعظم القدح لكن لم يعرفوا ذلك ولازم القول ليس بقول فانهم لو عرفوا أن هذا يلزمهم ما التزموه

وقسم ثان من الممثلين لله بخلقه لما رأوا ان قول هؤلاء منكر وان قول الرسول حق قالوا مثل تلك الجهالات من انه تصير فوقه سماء وتحته سماء او ان السموات ترتفع ثم تعود ونحو ذلك مما يظهر بطلانه لمن له ادنى عقل ولب وقد

وقد ثبت فى الصحيحين انه ينزل وفى لفظ ينزل كل ليلة إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر وفى حديث آخر اقرب ما يكون الرب من عبده فى جوف الليل الآخر وفى صحيح مسلم ان الله ينزل إلى سماء الدنيا حين يمضى ثلث الليل وفى صحيح مسلم أيضا اذا مضى شطر الليل أو ثلثاه ينزل الله الى سماء الدنيا فما ذكر من تقدم اختلاف الليل فى البلاد يبطل قول من يظن أنه يخلو منه العرش ويصير تحت العرش أو تحت السماء

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير