تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وهو البعد والحجب فالبعد والابعاد حكم مشيئته والحدود والاقطار حجب بريته الى أن قال وهو الله فى السموات وفى الأرض ثم استوى على العرش وهو معكم أينما كنتم غير متصل بالخلق ولا مفارق وغير مماس للكون ولا متباعد بل منفرد بنفسه متوحد بوصفه لا يزدوج الى شىء ولا يقترن به شىء أقرب من كل شىء بقرب هو وصفه وهو محيط بكل شىء بحيطة هى نعته وهو مع كل شىء وفوق كل شىء وأمام كل شىء ووراء كل شىء بعلوه ودنوه وهو قربه فهو وراء الحول الذى هو وراء حملة العرش وهو أقرب من حبل الوريد الذى هو الروح وهو مع ذلك فوق كل شىء وهو محيط بكل شىء وليس هو تعالى فى هذا مكانا لشىء ولا مكانا له شىء وليس كمثله فى كل هذا شىء لا شريك له فى ملكه ولا معين له فى خلقه ولا نظير له فى عباده ولا شبيه له فى ايجاده وهو أول فى آخريته بأولية هى صفته وآخر فى أوليته بآخرية هى نعته وباطن فى ظهوره بباطنيه هى قربه وظاهر فى باطنيته بظهور هو علوه لم يزل كذلك اولا ولا يزال كذلك آخرا ولم يزل كذلك باطنا ولا يزال كذلك ظاهرا

الى أن قال هو على عرشه باخباره لنفسه فالعرش حد خلقه الاعلى وهو غير محدود بعرشه والعرش محتاج الى مكان والرب عز وجل غير محتاج اليه كما قال تعالى الرحمن على العرش استوى الرحمن اسم والاستواء

نعته متصل بذاته والعرش خلقه منفصل عن صفاته ليس بمضطر الى مكان يسعه ولا حامل يحمله

إلى أن قال وهو لا يسعه غير مشيئته ولا يظهر الا فى انوار صفته ولا يوجد الا فى سعة البسطة فاذا قبض أخفى ما أبدى واذا بسط أعاد ما أخفى وكذلك جعله فى كل رسم كون وفعله بكل اسم مكان ومما جل فظهر ومما دق فاستتر لا يسعه غير مشيئته بقربه ولا يعرف الا بشهوده ولا يرى الا بنوره هذا لأوليائه اليوم بالغيب فى القلوب ولهم ذلك عند المشاهدة بالابصار ولا يعرف الا بمشيئته ان شاء وسعه أدنى شىء وان لم يشأ لم يسعه كل شىء ان أراد عرفه كل شىء وان لم يرد لم يعرفه شىء ان أحب وجد عند كل شىء وان لم يحب لم يوجد بشىء وذكر تمام كلامه كما حكيناه من قبل

قلت وهذا الذى ذكره من قربه واطلاقه وأنه لا يتجلى بوصف مرتين ولا يظهر فى صورة لاثنين هو حكم ما يظهر لبعض السالكين من قربه الى قلوبهم وتجليه لقلوبهم لا ان هذا هو وصفه فى نفس الأمر وانه كما تحصل هذه التجليات المختلفة تحصل يوم القيامة للعيون

وهذا الموضع مما يقع الغلظ فيه لكثير من السالكين يشهدون اشياء بقلوبهم فيظنون أنها موجودة فى الخارج هكذا حتى ان فيهم خلقا من هم من المتقدمين والمتأخرين يظنون أنهم يرون الله بعيونهم لما يغلب على قلوبهم

من المعرفة والذكر والمحبة يغيب بشهوده فيما حصل لقلوبهم ويحصل لهم فناء واصطلام فيظنون ان هذا هو أمر مشهود بعيونهم ولا يكون ذلك الا فى القلب ولهذا ظن كثير منهم أنه يرى الله بعينه فى الدنيا

وهذا مما وقع لجماعة من المتقدمين والمتأخرين وهو غلط محض حتى أورث مما يدعيه هؤلاء شكا عند أهل النظر والكلام الذين يجوزون رؤية الله فى الجملة وليس لهم من المعرفة بالسنة ما يعرفون به هل يقع فى الدنيا أو لا يقع فمنهم من يذكر فى وقوعها فى الدنيا قولين ومنهم من يقول يجوز ذلك وهذا كله ضلال فان ائمة السنة والجماعة متفقون من أن الله لا يراه أحد بعينه فى الدنيا ولم يتنازعوا الا فى نبينا صلى الله عليه وسلم خاصة وقد روى نفى رؤيتنا له فى الدنيا عن النبى من عدة أوجه منها ما رواه مسلم فى صحيحه عن النبى أنه قال لما ذكر الدجال قال واعلموا أن أحدا منكم لن يرى ربه حتى يموت وموسى بن عمران عليه السلام قد سأل الرؤية فذكر الله سبحانه قوله لن ترانى وما أصاب موسى من الصعق

وهؤلاء منهم من يقول أن موسى رآه وان الجبل كان حجابه فلما جعل الجبل دكا رآه وهذا يوجد فى كلام ابى طالب ونحوه ومنهم من يجعل الرائى هو المرئى فهو الله فيذكرون إتحادا وأنه افنى موسى عن نفسه حتى

كان الرائى هو المرئى فما رآه عندهم موسى بل رأى نفسه بنفسه وهذا يدعونه لأنفسهم

والاتحاد والحلول باطل وعلى قول من يقول به إنما هذا فى الباطن والقلب لا فى الظاهر فان غاية ذلك ما تقوله النصارى فى المسيح ولم يقولوا ان أحدا رأى اللاهوت الباطن المتدرع بالناسوت

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير