تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ومثل الأعمال المنهى عنها إذا أورثت كشفا أو تأثيرا والثانى ان يدعو على غيره بما لا يستحقه أو يدعو للظالم بالاعانة ويعينه بهمته كخفراء العدو وأعوان الظلمة من ذوى الاحوال فإن كان صاحبه من عقلاء المجانين والمغلوبين غلبة بحيث يعذرون والناقصين نقصا لا يلامون عليه برحية وقد بينت فى غير هذا الموضع ما يعذرون فيه وما لا يعذرون فيه وان كانوا عالمين قادرين كانوا بلعامية فان من أتى بخارق على وجه منهى عنه أو لمقصود منهى عنه فاما ان يكون معذورا معفوا عنه كبرح أو يكون متعمدا للكذب كبلعام فتلخص أن الخارق ثلاثة أقسام محمود مع الدين ومذموم فى الدين ومباح لا محمود ولا مذموم فى الدين فان كان المباح فيه منفعة كان نعمة وان لم يكن فيه منفعة كان كسائر المباحات التى لا منفعة فيها كاللعب والعبث قال أبو على الجوزجانى كن طالبا للاستقامة لا طالبا للكرامة فان نفسك منجبلة على طلب الكرامة وربك يطلب منك الاستقامة قال الشيخ السهروردى فى عوارفه وهذا الذى ذكره أصل عظيم كبير فى الباب وسر غفل عن حقيقته كثير من أهل السلوك والطلاب وذلك أن المجتهدين والمتعبدين سمعوا عن سلف الصالحين المتقدمين وما منحوا به من الكرامات وخوارق العادات فأبدا نفوسهم لا تزال تتطلع إلى شىء من ذلك ويحبون ان يرزقوا شيئا من ذلك ولعل احدهم يبقى منكسر القلب متهما لنفسه فى صحة عمله حيث لم يكاشف بشىء من ذلك ولو علموا سر ذلك لهان عليهم الامر فيعلم ان الله يفتح على بعض المجاهدين الصادقين من ذلك بابا والحكمة فيه ان يزداد بما يرى من خوارق العادات وآثار القدرة تفننا فيقوى عزمه على هذا الزهد فى الدنيا والخروج عن دواعى الهوى وقد يكون بعض عباده يكاشف بصدق اليقين ويرفع عن قلبه الحجاب ومن كوشف بصدق اليقين أغنى بذلك عن رؤية خرق العادات لأن المراد منها كان حصول اليقين وقد حصل اليقين فلو كوشف هذا المرزوق صدق اليقين بشىء من ذلك لازداد يقينا فلا تقتضى الحكمة كشف القدرة بخوارق العادات لهذا الموضع استغناء به وتقتضى الحكمة كشف ذلك لآخر لموضع حاجته وكان هذا الثانى يكون اتم استعدادا وأهلية من الأول فسبيل الصادق مطالبة النفس بالإستعانة فهى كل الكرامة ثم إذا وقع فى طريقه شىء خارق كان كأن لم يقع فما يبالى ولا ينقص بذلك وإنما ينقص بالاخلال بواجب حق الاستقامة فتعلم هذا لأنه أصل كبير للطالبين والعلماء الزاهدين ومشايخ الصوفية.

فصل كلمات الله تعالى نوعان كلمات كونية وكلمات دينية فكلماته الكونية هى التى استعاذ بها النبى صلى الله عليه وسلم فى قوله أعوذ بكلمات الله التامات التى لا يجاوزهن بر ولا فاجر وقال سبحانه إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون وقال تعالى وتمت كلمة ربك صدقا وعدلا والكون كله يدخل تحت هذه الكلمات وسائر الخوارق الكشفية التأثيرية و النوع الثانى الكلمات الدينية وهى القرآن وشرع الله الذى بعث به رسوله وهى أمره ونهيه وخبره وحظ العبد منها العلم بها والعمل والأمر بما أمر الله به كما أن حظ العبد عموما وخصوصا من الأول العلم بالكونيات والتأثير فيها أى بموجبها فالأولى قدرية كونية والثانية شرعة دينية وكشف الأولى العلم بالحوادث الكونية وكشف الثانية العلم بالمأمورات الشرعية وقدرة الأولى التأثير فى الكونيات وقدرة الثانية التأثير فى الشرعيات وكما أن الأولى تنقسم إلى تأثير فى نفسه كمشيه على الماء وطيرانه فى الهواء وجلوسه على النار وإلى تأثير فى غيره باسقام وإصحاح وأهلاك وإغناء وافقار فكذلك الثانية تنقسم إلى تأثير فى نفسه بطاعته لله ورسوله والتمسك بكتاب الله وسنة رسوله باطنا وظاهرا وإلى تأثير فى غيره بأن يأمر بطاعة الله ورسوله فيطاع فى ذلك طاعة شرعية بحيث تقبل النفوس ما يأمرها به من طاعة الله ورسوله فى الكلمات الدينيات كما قبلت من الأول ما أراد تكوينه فيها بالكلمات الكونيات وإذا تقرر ذلك فاعلم ان عدم الخوارق علما وقدرة لا تضر المسلم فى دينه فمن لم ينكشف له شىء من المغيبات ولم يسخر له شىء من الكونيات ولا ينقصه ذلك فى مرتبته عند الله بل قد يكون عدم ذلك انفع له فى دينه إذا لم يكن وجود ذلك فى حقه مأمورا به امر إيجاب ولا استحباب واما عدم الدين والعمل به فيصير الانسان ناقصا مذموما اما ان يجعله مستحقا للعقاب واما ان يجعله محروما من

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير