تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ظاهرة جثمانية وبهذا تبين لك أن القسم الأول إذا صح فهو أفضل من هذا القسم وخير عند الله وعند رسوله وعباده الصالحين المؤمنين العقلاء وذلك من وجوه أحدها أن علم الدين طلبا وخبرا لا ينال إلا من جهة الرسول وأما العلم بالكونيات فأسبابه متعددة وما اختص به الرسل وورثتهم أفضل مما شركهم فيه بقية الناس فلا ينال علمه إلا هم وأتباعهم ولا يعلمه إلا هم وأتباعهم الثانى ان الدين لا يعمل به إلا المؤمنون الصالحون الذين هم أهل الجنة واحباب الله وصفوته وأحباؤه وأولياؤه ولا يأمر به إلا هم وأما التأثير الكونى فقد يقع من كافر ومنافق وفاجر تأثيره فى نفسه وفى غيره كالأحوال الفاسدة والعين والسحر وكالملوك والجبابرة المسلطين والسلاطين الجبابرة وما كان من العلم مختصا بالصالحين أفضل مما يشترك فيه المصلحون والمفسدون الثالث ان العلم بالدين والعمل به ينفع صاحبه فى الآخرة ولا يضره واما الكشف والتأثير فقد لا ينفع فى الآخرة بل قد يضره كما قال تعالى ولو أنهم آمنوا واتقوا لمثوبة من عند الله خير لو كانوا يعلمون الرابع ان الكشف والتأثير إما ان يكون فيه فائدة أو لا يكون فان لم يكن فيه فائدة كالاطلاع على سيئات العباد وركوب السباع لغير حاجة والاجتماع بالجن لغير فائدة والمشى على الماء مع امكان العبور على الجسر فهذا لا منفعة فيه لا فى الدنيا ولا فى الآخرة وهو بمنزلة العبث واللعب و إنما يستعظم هذا من لم ينله وهو تحت القدرة والسلطان فى الكون مثل من يستعظم الملك أو طاعة الملوك لشخص وقيام الحالة عند الناس بلا فائدة فهو يستعظمه من جهة سببه لا من جهة منفعته كالمال والرياسة ودفع مضرة كالعدو والمرض فهذه المنفعة تنال غالبا بغير الخوارق أكثر مما تنال بالخوارق ولا يحصل بالخوارق منها إلا القليل ولا تدوم الا بأسباب اخرى واما الآخر أيضا فلا يحصل بالخوارق إلا مع الدين والدين وحده موجب للآخرة بلا خارق بل الخوارق الدينية الكونية ابلغ من تحصيل الآخرة كحال نبينا محمد وكذلك المال والرياسة التى تحصل لأهل الدين بالخوارق إنما هو مع الدين وإلا فالخوارق وحدها لا تؤثر فى الدنيا الا أثرا ضعيفا فإن قيل مجرد الخوارق ان لم تحصل بنفسها منفعة لا فى الدين ولا فى الدنيا فهى علامة طاعة النفوس له فهو موجب الرياسة والسلطان ثم يتوسط ذلك فتجتلب المنافع الدينية والدنيوية وتدفع المضار الدينية والدنيوية قلت نحن لم نتكلم إلا فى منفعة الدين او الخارق فى نفسه من غير فعل الناس وأما ان تكلمنا فيما يحصل بسببها من فعل الناس فنقول اولا الدين الصحيح أوجب لطاعة النفوس وحصول الرياسة من الخارق المجرد كما هو الواقع فانه لا نسبة لطاعة من اطيع لدينه الى طاعة من أطيع لتأثيره إذ طاعة الاول اعم واكثر والمطيع بها خيار بنى آدم عقلا ودينا واما الثانية فلا تدوم ولا تكثر ولا يدخل فيها الاجهال الناس كأصحاب مسيلمة الكذاب وطليحة الاسدى ونحوهم وأهل البوادى والجبال ونحوهم ممن لا عقل له ولا دين ثم نقول ثانيا لو كان الخارق يناله من الرياسة والمال أكثر من صاحب الدين لكان غايته ان يكون ملكا من الملوك بل ملكه أن لم يقرنه بالدين فهو كفرعون وكمقدمى الاسماعيلية ونحوهم وقد قدمنا أن رياسة الدنيا التى ينالها الملوك بسياستهم وشجاعتهم واعطائهم اعظم من الرياسة بالخارق المجرد فان هذه أكثر ما يكون مدة قريبة الخامس ان الدين ينفع صاحبه فى الدنيا والآخرة ويدفع عنه مضرة الدنيا والآخرة من غير ان يحتاج معه الى كشف او تأثير وأما الكشف أو التأثير فان لم يقترن به الدين وإلا هلك صاحبه فى الدنيا والآخرة اما فى الآخرة فلعدم الدين الذى هو اداء الواجبات وترك المحرمات واما فى الدنيا فان الخوارق هى من الامور الخطرة التى لا تنالها النفوس إلا بمخاطرات فى القلب والجسم والأهل والمال فانه إن سلك طريق الجوع والرياضة المفرطة خاطر بقلبه ومزاجه ودينه وربما زال عقله ومرض جسمه وذهب دينه وإن سلك طريق الوله والاختلاط بترك الشهوات ليتصل بالأرواح الجنية وتغيب النفوس عن اجسامها كما يفعل مولهوا الاحمدية فقد ازال عقله وأذهب ماله ومعيشته وأشقى نفسه شقاء لا مزيد عليه وعرض نفسه لعذاب الله فى الآخرة لما تركه من الواجبات وما فعله من المحرمات وكذلك إن قصد تسخير الجن بالاسماء والكلمات من الاقسام والعزائم

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير