تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

كحال من تدين خوف العذاب او رجاء الجنة فان ذلك مأمور به وهو على سبيل نجاة وشريعة صحيحة والعجب أن كثيرا ممن يزعم أن همه قد ارتفع وارتقى عن ان يكون دينه خوفا من النار أو طلبا للجنة يجعل همه بدينه أدنى خارق من خوارق الدنيا ولعله يجتهد اجتهادا عظيما فى مثله وهذا خطأ ولكن منهم من يكون قصده بهذا تثبيت قلبه وطمأنينته وايقانه بصحة طريقه وسلوكه فهو يطلب الآية علامة وبرهانا على صحة دينه كما تطلب الامم من الانبياء الآيات دلالة على صدقهم فهذا اعذر لهم فى ذلك ولهذا لما كان الصحابة رضى الله عنهم مستغنين فى علمهم بدينهم وعملهم به عن الآيات بما رأوه من حال الرسول ونالوه من علم صار كل من كان عنهم أبعد مع صحة طريقته يحتاج إلى ما عندهم فى علم دينه وعمله فيظهر مع الافراد فى أوقات الفترات واماكن الفترات من الخوارق مالا يظهر لهم ولا لغيرهم من حال ظهور النبوة والدعوة فصل العلم بالكائنات وكشفها له طرق متعددة حسية وعقلية وكشفية وسمعية ضرورية ونظرية وغير ذلك وينقسم الى قطعى وظنى وغيرذلك وسنتكلم إن شاء الله تعالى على ما يتبع منها وما لا يتبع فى الأحكام الشرعية اعنى الاحكام الشرعية على العلم بالكائنات من طريق الكشف يقظة ومناما كما كتبته فى الجهاد وأما العلم بالدين وكشفه فالدين نوعان أمور خبرية اعتقادية وأمور طلبية عملية فالأول كالعلم بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر ويدخل فى ذلك اخبار الأنبياء واممهم ومراتبهم فى الفضائل وأحوال الملائكة وصفاتهم وأعمالهم ويدخل فى ذلك صفة الجنة والنار وما فى الاعمال من الثواب والعقاب وأحوال الأولياء والصحابة وفضائلهم ومراتبهم وغير ذلك وقد يسمى هذا النوع أصول دين ويسمى العقد الاكبر ويسمى الجدال فيه بالعقل كلاما ويسمى عقائد واعتقادات ويسمى المسائل العلمية والمسائل الخبرية ويسمى علم المكاشفة والثانى الأمور العملية الطلبية من أعمال الجوارح والقلب كالواجبات والمحرمات والمستحبات والمكروهات والمباحات فان الأمر والنهى قد يكون بالعلم والاعتقاد فهو من جهة كونه علما واعتقادا أو خبرا صادقا أو كاذبا يدخل فى القسم الأول ومن جهة كونه مأمورا به أو منهيا عنه يدخل فى القسم الثانى مثل شهادة ان لا إله إلا الله وان محمدا رسول الله فهذه الشهادة من جهة كونها صادقة مطابقة لمخبرها فهى من القسم الاول ومن جهة انها فرض واجب وان صاحبها بها يصير مؤمنا يستحق الثواب وبعدمها يصير كافرا يحل دمه وماله فهى من القسم الثانى وقد يتفق المسلمون على بعض الطرق الموصلة إلى القسمين كاتفاقهم على أن القرآن دليل فيهما فى الجملة وقد يتنازعون فى بعض الطرق كتنازعهم فى أن الاحكام العملية من الحسن والقبيح والوجوب والحظر هل تعلم بالعقل كما تعلم بالسمع أم لا تعلم إلا بالسمع وان السمع هل هو منشأ الاحكام أو مظهر لها كما هو مظهر للحقائق الثابتة بنفسها وكذلك الاستدلال بالكتاب والسنة والاجماع على المسائل الكبار فى القسم الاول مثل مسائل الصفات والقدر وغيرهما مما اتفق عليه أهل السنة والجماعة من جميع الطوائف وابى ذلك كثير من أهل البدع المتكلمين بما عندهم على أن السمع لا تثبت به تلك المسائل فاثباتها بالعقل حتى يزعم كثير من القدرية والمعتزلة انه لا يصح الاستدلال بالقرآن على حكمة الله وعدله وانه خالق كل شىء وقادر على كل شىء وتزعم الجهمية من هؤلاء ومن اتبعهم من بعض الاشعرية وغيرهم انه لا يصح الاستدلال بذلك على علم الله وقدرته وعبادته وأنه مستو على العرش ويزعم قوم من غالبة أهل البدع أنه لا يصح الاستدال بالقرآن والحديث على المسائل القطعية مطلقا بناء على أن الدلالة اللفظية لا تفيد اليقين بما زعموا ويزعم كثير من أهل البدع أنه لا يستدل بالاحاديث المتلقاة بالقبول على مسائل الصفات والقدر ونحوهما مما يطلب فيه القطع واليقين ويزعم قوم من غالية المتكلمين أنه لا يستدل بالاجماع على شىء ومنهم من يقول لا يصح الاستدلال به على الأمور العلمية لانه ظنى وانواع من هذه المقالات التى ليس هذا موضعها فإن طرق العلم والظن وما يتوصل به اليهما من دليل او مشاهدة باطنة أو ظاهرة عام أو خاص فقد تنازع فيه بنو آدم تنازعا كثيرا وكذلك كثير من أهل الحديث والسنة قد ينفى حصول العلم لاحد بغير الطريق التى يعرفها حتى ينفى أكثر

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير