تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

السادس الاستصحاب وهو البقاء على الاصل فيما لم يعلم ثبوته وانتفاؤه بالشرع وهو حجة على عدم الاعتقاد بالاتفاق وهل هو حجة فى اعتقاد العدم فيه خلاف ومما يشبه الاستدلال بعدم الدليل السمعى على عدم الحكم الشرعى مثل ان يقال لو كانت الاضحية أو الوتر واجبا لنصب الشرع عليه دليلا شرعيا إذ وجوب هذا لا يعلم بدون الشرع ولا دليل فلا وجوب فالاول يبقى على نفى الوجوب والتحريم المعلوم بالعقل حتى يثبت المغير له وهذا استدلال بعد الدليل السمعى المثبت على عدم الحكم إذ يلزم من ثبوت مثل هذا الحكم ثبوت دليله السمعى كما يستدل بعدم النقل لما تتوفر الهمم والدواعى على نقله وما توجب الشريعة نقله وما يعلم من دين اهلها وعادتهم انهم ينقلونه على انه لم يكن كالاستدلال بذلك على عدم زيادة فى القرآن وفى الشرائع الظاهرة وعدم النص الجلى بالامامة على علي أو العباس أو غيرهما ويعلم الخاصة 2 من أهل العلم بالسنن والآثار وسيرة النبى وخلفائه انتفاء امور من هذا ولا يعلم انتفاءها غيرهم ولعلمهم بما ينفيها من أمور منقولة يعلمونها هم ولعلمهم بانتفاء لوازم نقلها فان وجود احد الضدين ينفى الآخر وانتفاء اللازم دليل على انتفاء الملزوم الطريق السابع المصالح المرسلة وهو ان يرى المجتهد ان هذا الفعل يجلب منفعة راجحة وليس فى الشرع ما ينفيه فهذه الطريق فيها خلاف مشهور فالفقهاء يسمونها المصالح المرسلة ومنهم من يسميها الرأى وبعضهم يقرب إليها الاستحسان وقريب منها ذوق الصوفية ووجدهم وإلهاماتهم فان حاصلها أنهم يجدون فى القول والعمل مصلحة فى قلوبهم واديانهم ويذوقون طعم ثمرته وهذه مصلحة لكن بعض الناس يخص المصالح المرسلة بحفظ النفوس والأموال والأعراض والعقول والأديان وليس كذلك بل المصالح المرسلة فى جلب المنافع وفى دفع المضار وما ذكروه من دفع المضار عن هذه الأمور الخمسة فهو أحد القسمين وجلب المنفعة يكون فى الدنيا وفى الدين ففى الدنيا كالمعلامات والأعمال التى يقال فيها مصلحة للخلق من غير حظر شرعى وفى الدين ككثير من المعارف والأحوال والعبادات والزهادات التى يقال فيها مصلحة للانسان من غير منع شرعى فمن قصر المصالح على العقوبات التى فيها دفع الفساد عن تلك الأحوال ليحفظ الجسم فقط فقد قصر وهذا فصل عظيم ينبغى الاهتمام به فان من جهته حصل فى الدين اضطراب عظيم وكثير من الأمراء والعلماء والعباد رأوا مصالح فاستعملوها بناء على هذا الاصل وقد يكون منها ما هو محظور فى الشرع ولم يعلموه وربما قدم على المصالح المرسلة كلاما بخلاف النصوص وكثير منهم من أهمل مصالح يجب اعتبارها شرعا بناء على ان الشرع لم يرد بها ففوت واجبات ومستحبات أو وقع فى محظورات ومكروهات وقد يكون الشرع ورد بذلك ولم يعلمه وحجة الاول ان هذه مصلحة والشرع لا يهمل المصالح بل قد دل الكتاب والسنة والاجماع على اعتبارها وحجة الثانى ان هذا امر لم يرد به الشرع نصا ولا قياسا والقول بالمصالح المرسلة يشرع من الدين مالم يأذن به الله غالبا وهى تشبه من بعض الوجوه مسئلة الاستحسان والتحسين العقلى والرأى ونحو ذلك فان الاستحسان طلب الحسن والاحسن كالاستخراج وهو رؤية الشىء حسنا كما أن الاستقباح رؤيته قبيحا والحسن هو المصلحة فالاستحسان والاستصلاح متقاربان والتحسين العقلى قول بأن العقل يدرك الحسن لكن بين هذه فروق والقول الجامع ان الشريعة لا تهمل مصلحة قط بل الله تعالى قد أكمل لنا الدين وأتم النعمة فما من شىء يقرب إلى الجنة الا وقد حدثنا به النبى صلى الله عليه وسلم وتركنا على البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها بعده إلا هالك لكن ما اعتقده العقل مصلحة وان كان الشرع لم يرد به فأحد الأمرين لازم له إما ان الشرع دل عليه من حيث لم يعلم هذا الناظر أو أنه ليس بمصلحة وان اعتقده مصلحة لأن المصلحة هى المنفعة الحاصلة أو الغالبة وكثير ما يتوهم الناس ان الشىء ينفع فى الدين والدنيا ويكون فيه منفعة مرجوحة بالمضرة كما قال تعالى فى الخمر والميسر قل فيهما اثم كبير ومنافع للناس واثمهما أكبر من نفعهما وكثير مما ابتدعه الناس من العقائد والأعمال من بدع أهل الكلام وأهل التصوف وأهل الرأى وأهل الملك حسبوه منفعة أو مصلحة نافعا وحقا وصوابا ولم يكن كلك بل كثير من الخارجين عن الاسلام من اليهود والنصارى والمشركين

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير