تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

والصابئين والمجوس يحسب كثير منهم ان ما هم عليه من الاعتقادات والمعاملات والعبادات مصلحة لهم فى الدين والدنيا ومنفعة لهم فقد ضل سعيهم فى الحياة الدنيا وهم يحسبون انهم يحسنون صنعا وقد زين لهم سوء عملهم فرأوه حسنا فإذا كان الانسان يرى حسنا ما هو سيء كان استحسانه أو استصلاحه قد يكون من هذا الباب وهذا بخلاف الذين جحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظلما وعلوا فان باب جحود الحق ومعاندته غير باب جهله والعمى عنه والكفار فيهم هذا وفيهم هذا 2 وكذلك فى أهل الاهواء من المسلمين القسمان فان الناس كما أنهم فى باب الفتوى والحديث يخطئون تارة ويتعمدون الكذب اخرى فكذلك هم فى أحوال الديانات وكذلك فى الافعال قد يفعلون ما يعلمون أنه ظلم وقد يعتقدون أنه ليس بظلم هو ظلم فان الانسان كما قال الله تعالى وحملها الانسان انه كان ظلوما جهولا فتارة يجهل وتارة يظلم ذلك فى قوة علمه وهذا فى قوة عمله وأعلم ان هذا الباب مشترك بين أهل العلم والقول وبين أهل الارادة والعمل فذلك يقول هذا جائز أو حسن بناء على ما رآه وهذا يفعله من غير اعتقاد تحريمه أو اعتقاد أنه خير له كما يجد نفعا فى مثل السماع المحدث سماع المكاء والتصدية واليراع التى يقال لها الشبابة والصفارة والاوتار وغير ذلك وهذا يفعله لما يجده من لذته وقد يفعله لما يجده من منفعة دينه بزيادة أحواله الدينية كما يفعل مع القرآن وهذا يقول هذا جائز لما يرى من تلك المصلحة والمنفعة وهو نظير المقالات المبتدعة وهذا يقول هو حق لدلالة القياس العقلى عليه وهذا يقول يجوز ويجب اعتقادها وادخالها فى الدين اذا كانت كذلك وكذلك سياسات ولاة الأمور من الولاة والقضاة وغير ذلك واعلم أنه لا يمكن العاقل أن يدفع عن نفسه أنه قد يميز بعقله بين الحق والباطل والصدق والكذب وبين النافع والضار والمصلحة والمفسدة ولا يمكن المؤمن ان يدفع عن إيمانه ان الشريعة جاءت بما هو الحق والصدق فى المعتقدات وجاءت بما هو النافع والمصلحة فى الأعمال التى تدخل فيها الاعتقادات ولهذا لم يختلف الناس ان الحسن أو القبيح إذا فسر بالنافع والضار والملائم للانسان والمنافى له واللذيذ والاليم فانه قد يعلم بالعقل وهذا فى الافعال وكذلك اذا فسر حسنه بانه موجود أو كمال الموجود يوصف بالحسن ومنه قوله تعالى ولله الأسماء الحسنى وقوله الذى أحسن كل شىء خلقه كما نعلم ان الحى اكمل من الميت فى وجوده وان العلم أكمل من الجاهل وان الصادق أكمل من الكاذب فهذا أيضا قد يعلم بالعقل وإنما اختلفوا فى ان العقل هل يعتبر المنفعة والمضرة وأنه هل باب التحسين واحد فى الخالق والمخلوق فأما الوجهان الأولان فثابتان فى أنفسهما ومنهما ما يعلم بالعقل الأول فى الحق المقصود والثانى فى الحق الموجود الأول متعلق بحب القلب وبغضه وارادته وكراهته وخطابه بالأمر والنهى و الثانى متعلق بتصديقه وتكذيبه واثباته ونفيه وخطابه الخبرى المشتمل على النفى والاثبات والحق والباطل يتناول النوعين فإن الحق يكون بمعنى الموجود الثابت والباطل بمعنى المعدوم المنتفى والحق بازاء ما ينبغى قصده وطلبه وعمله وهو النافع والباطل بازاء ما لا ينبغى قصده ولا طلبه ولا عمله وهو غير النافع والمنفعة تعود إلى حصول النعمة واللذة والسعادة التى هى حصول اللذة ودفع الألم هو حصول المطلوب وزوال المرهوب وحصول النعيم وزوال العذاب وحصول الخير وزوال الشر ثم الموجود والنافع قد يكون ثابتا دائما وقد يكون منقطعا لا سيما اذا كان زمنا يسيرا فيستعمل الباطل كثيرا بازاء ما لا يبقى من المنفعة وبازاء ما لا يدوم من الوجود كما يقال الموت حق والحياة باطل وحقيقته انه يستعمل بازاء ما ليس من المنافع خالصا أو راجحا كما تقدم القول فيه فيما يزهد فيه وهو ما ليس بنافع والمنفعة المطلقة هى الخالصة أو الراجحة واما ما يفوت ارجح منها او يعقب ضررا ليس هو دونها فانها باطل فى الاعتبار والمضرة احق باسم الباطل من المنفعة واما ما يظن فيه منفعة وليس كذلك أو يحصل به لذة فاسدة فهذا لا منفعة فيه بحال فهذه الأمور التى يشرع الزهد فيها وتركها وهى باطل ولذلك ما نهى الله عنه ورسوله باطل ممتنع ان يكون مشتملا على منفعة خالصة أو راجحة ولهذا صارت أعمال الكفار والمنافقين باطلة لقوله لا تبطلوا صدقاتكم بالمن والأذى كالذى ينفق ماله

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير