تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

الكفر ولا يحب كل مختال فخور ومع هذا فما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن واحسن ما يعتذر به من قال هذا القول من أهل الاثبات ان المحبة بمعنى الارادة انه أحبها كما ارادها كونا فكذلك احبها ورضيها كونا وهذا فيه نظر مذكور فى غير هذا الموضع فان قيل تقسيم الارادة لا يعرف فى حقنا بل ان الامر منه بالشىء اما أن يريده أو لا يريده واما الفرق بين الارادة والمحبة فقد يعرف فى حقنا فيقال وهذا هو الواجب فان الله تعالى ليس كمثله شىء وليس امره لنا كامر الواحد منا لعبده وخدمه وذلك ان الواحد منا إذا أمر عبده فاما ان يأمره لحاجته اليه او إلى المأمور به أو لحاجته إلى الأمر فقط فالاول كأمر السلطان جنده بما فيه حفظ ملكه ومنافعهم له فان هداية الخلق وارشادهم بالامر والنهى هى من باب الاحسان اليهم والمحسن من العباد يحتاج إلى احسانه قال الله تعالى ان أحسنتم أحسنتم لانفسكم وان أسأتم فلها وقال من عمل صالحا فلنفسه ومن اساء فعليها والله تعالى لم يأمر عباده لحاجته إلى خدمتهم ولا هو محتاج إلى أمرهم وإنما أمرهم احسانا منه ونعمة أنعم بها عليهم فامرهم بما فيه صلاحهم ونهاهم عما فيه فسادهم وارسال الرسل وانزال الكتب من أعظم نعمه على خلقه كما قال وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين وقال تعالى لقد من الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولا من انفسهم وقال يا ايها الناس قد جاءتكم موعظة من ربكم وشفاء لما فى الصدور وهدى ورحمة للمؤمنين قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا فمن أنعم الله عليه مع الأمر بالامتثال فقد تمت النعمة فى حقه كما قال اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتى وهؤلاء هم المؤمنون ومن لم ينعم عليه بالامتثال بل خذله حتى كفر وعصى فقد شقى لما بدل نعمة الله كفرا كما قال ألم تر إلى الذين بدلوا نعمة الله كفرا وأحلوا قومهم دار البوار والأمر والنهى الشرعيان لما كانا نعمة ورحمة عامة لم يضر ذلك عدم انتفاع بعض الناس بهما من الكفار كانزال المطر وإنبات الرزق هو نعمة عامة وان تضرر بها بعض الناس لحكمة اخرى كذلك مشيئته لما شاءه من المخلوقات واعيانها وافعالها لا يوجب ان يحب كل شىء منها فاذا امر العبد بأمر فذاك ارشاد ودلالة فان فعل المأمور به صار محبوبا لله وإلا لم يكن محبوبا له وان كان مرادا له وإرادته له تكوينا لمعنى آخر فالتكوين غير التشريع فان قيل المحبة والرضا يقتضيان ملاءمة ومناسبة بين المحب والمحبوب ويوجب للمحب بدرك محبوبه فرحا ولذة وسرورا وكذلك البغض لا يكون إلا عن منافرة بين المبغض والمبغض وذلك يقتضى للمبغض بدرك المبغض أذى وبغضا ونحو ذلك والملاءمة والمنافرة تقتضى الحاجة إذ مالا يحتاج الحى إليه لا يحبه وما لا يضره كيف يبغضه والله غنى لا تجوز عليه الحاجة إذ لو جازت عليه الحاجة للزم حدوثه وإمكانه وهو غنى عن العالمين وقد قال تعالى أى فى الحديث القدسى يا عبادى انكم لن تبلغوا ضرى فتضرونى ولن تبلغوا نفعى فتنفعونى فلهذا فسرت المحبة والرضا بالارادة إذ يفعل النفع والضر فيقال الجواب من وجهين احدهما الالزام وهو ان نقول الارادة لا تكون إلا للمناسبة بين المريد والمراد وملاءمته فى ذلك تقتضى الحاجة والا فما لا يحتاج إليه الحى لا ينتفع به ولا يريده ولذلك اذا اراد به العقوبة والاضرار لا يكون إلا لنفرة وبغض والا فما لم يتألم به الحى اصلا لا يكرهه ولا يدفعه وكذلك نفس نفع الغير وضرره هو فى الحى متنافر من الحاجة فان الواحد منا إنما يحسن إلى غيره لجلب منفعة أو لدفع مضرة وإنما يضر غيره لجلب منفعة أو دفع مضرة فاذا كان الذى يثبت صفة وينفى اخرى يلزمه فيما اثبته نظير ما يلزمه فيما نفاه لم يكن اثبات احداهما ونفى الأخرى اولى من العكس ولو عكس عاكس فنفى ما اثبته من الارادة واثبت ما نفاه من المحبة لما ذكره لم يكن بينهما فرق وحينئذ فالواجب إما نفى الجميع ولا سبيل إليه للعلم الضرورى بوجود نفع الخلق والاحسان إليهم وان ذلك يستلزم الارادة واما اثبات الجميع كما جاءت به النصوص وحينئذ فمن توهم انه يلزم من ذلك محذور فاحد الأمرين لازم اما ان ذلك المحذور لا يلزم او انه ان لزم فليس بمحذور الجواب الثانى ان الذى يعلم قطعا هو ان الله قديم واجب الوجود كامل وأنه لا يجوز عليه الحدوث ولا الامكان ولا النقص لكن كون هذه الأمور التى جاءت بها

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير