بل الرق باقٍ ما بقي الجهاد، ولا حرج منه. وإجماع (العالم) على إلغائه لا يغير من حكمه شيئاً في الإسلام؛ لأن الإسلام يُحْتج به ولا يُحتج عليه بالأمور الواقعة. ولو فعلنا هذا لحللنا كثيراً من المحرمات التي (استباحها) أو (أذن بها) العالم اليوم.
يقول الشيخ عبدالله بن يابس –رحمه الله- في تعقبه على بعض الكتاب: ((وإذا كان القتال ماضياً إلى قيام الساعة، والكفار موجودين في كل زمن فسنة الإسلام جواز الاسترقاق لمن استولوا عليه بطريق الحرب)) ().
ويقول الدكتور علي العلياني راداً على بعضهم ممن يرى رأي الدكتور: ((من الأحكام الإسلامية المتعلقة بالجهاد التي حرفها تلاميذ الاستشراق والاستعمار: حكم الرق، حتى إنا نرى بعض أولئك الضعاف المهازيل من قليلي العلم والتقوى الذين أعجبوا بمبادئ الدول الغربية والشرقية من الدول الكافرة والملحدة يعتذرون عن رب العالمين في تشريعه للجهاد، ويعللون إباحة الإسلام للرق بتعليلات ساقطة من عند أنفسهم، لم يدل عليها دليل من كتاب ولا سنة…)) ()
وقال رداً على من قال: بأن الإسلام لا يتعارض مع إلغاء الرق من العالم اليوم!: ((هذا كذب صراح وافتراء على الإسلام …. وهل يظن هذا الكاتب أن المسلمين منذ عهد الرسول صلى الله عليه وسلم إلى عام 1842م عندما وُقعت اتفاقية دولية تحرم الرق كانوا يعملون غير مباح؟! نعوذ بالله من هذا التحريف المشين)) ().
2 - الدكتور يتمنى قيام دولة عالمية واحدة!!
يقول الدكتور تحت عنوان (الدولة العالمية كمقصد أعلى للبشر): "إن وجود دولة عالمية تحتكر العنف من الدول سيحقق الأمن عالمياً، فندخل العصر الذي تتوقف فيه الحروب" ويقول: "الأمل أن تتحقق الدولة العالمية الواحدة في مدى القرنين القادمين أو ربما أسرع…. عندها تنتهي لعبة الحروب نهائياً، ويلغى عصر الجوع"!! (سيكولوجية العنف .. ، ص158).
ويقول في موضع آخر: "الطريق ما زال طويلاً لإقامة الدولة العالمية التي ستحتكر السلاح والخبز، فتلغي الحروب بين الدول، وتنهي عصر المجاعات" (المرجع السابق، ص 218)
قلت: لا زال الدكتور يحلم ويمني النفس! وليته إذ مارس (حلمه) و (أمنياته) هذه مارس ذلك لوحده أو بين أهله إذاً لكففت القلم عنه وقلت
إذا تمنيتُ بتُّ الليل مغتبطاً إن المنى رأس أموال المفاليس!
ولكن حلمه هذا تحول إلى فكرة تشغل ذهنه، ثم سوّلت له نفسه نشرها وتكتيل الأنصار حولها، فعندها لزم الرد، وإيقاظ الدكتور من نومه.
أما أن فكرته عبارة عن حلم، فهذا يعرفه كل مسلم، وكل من له عقل، وقد قضى الله (كوناً) هذا الخلاف بين البشر وقدَّره.
يقول سبحانه عن البشر (ولا يزالون مختلفين).
وليس معنى هذا –كما يتوهم البعض- أن يرضى المسلم بهذا الاختلاف ويقره ولا يحاول تغييره؛ لأن هذا الأمر مما يحبه الله ولذلك قدره!!.
فهذا قول من لا يفرق بين إرادة الله (الكونية) وإرادته (الشرعية)، -كما هو معتقد أهل السنة-، ويخلط بينهما، فيظن أن الله إذا قدر وأراد (شيئاً) بإرادته (الكونية) ينبغي للمسلم أن يقر ذلك ويرضاه، وهذا قول شنيع، يلزم منه أن يقر صاحبه الكفر والمعاصي ويرضى بها، ولا يحاول تغييرها! والله تعالى يقول (ولا يرضى لعباده الكفر)، مع أنه واقع في الأرض بإرادته سبحانه (الكونية) لا (الشرعية).
فاختلاف البشر واقع ولا يزال مستمراً، وقد أراده الله بإرادته (الكونية) التي لا يخرج عنها شيء من المقدَّرات، ولكنه لم يرده (شرعاً)، بل أراد لعباده جميعاً أن يعبدوه ويوحدوه، والمسلم مطالب بعدم الرضا بهذا الاختلاف، والسعي لإزالته بما يستطيع، ومحاولة جمعهم على الكتاب والسنة. والله أعلم.
ثم ليت الدكتور حينما خالف هذا الأمر الكوني بحلمه وأمنيته تلك حلم وتمنى بأن يجتمع العالم في دولة (إسلامية) واحدة، تحكم بشريعة الله –سبحانه وتعالى-، وهو حلم كل مسلم.
لكنه لم يفعل هذا، بل تمنى دولة عالمية واحدة تطعمه من الجوع وتؤمنه من الخوف!! مهما كان دينها أو مذهبها!! كل هذا لا يهم عند الدكتور، مادام ينام هانئاً آمناً ممتلئاً بطنه بالخبز والماء البارد، ونعوذ بالله من دناءة المطلب.
3 - الدكتور يدعي أن الغرب المتحضر ترك (العنف) و (الحرب)!
¥