ولهذا لم يكن إعراض الكفار عن استماع القرآن وتدبره مانعا من قيام حجة الله تعالى عليهم وكذلك إعراضهم عن استماع المنقول عن الأنبياء وقراءة الآثار المأثورة عنهم لا يمنع الحجة إذ المكنة حاصلة
فلذلك قال تعالى وإذا تتلى عليه ءايتنا ولى مستكبرا كأن لم يسمعها كأن في اذنيه وقرا فبشره بعذاب أليم
وقال تعالى وقال الذين كفروا لا تسمعوا لهذا القرءان والغوا فيه لعلكم تغلبون فلنذيقن الذين كفروا عذابا شديدا) الرد على المنطقيين 99.
قال ابن القيم رحمه الله (نعم لا بد في هذا المقام من تفصيل به يزول الإشكال وهو الفرق بين مقلد تمكن من العلم ومعرفة الحق فأعرض عنه ومقلد لم يتمكن من ذلك بوجه والقسمان واقعان في الوجود فالمتمكن المعرض مفرط تارك للواجب عليه لا عذر له عند الله وأما العاجز عن السؤال والعلم الذي لا يتمكن من العلم بوجه فهم قسمان أيضا أحدهما مريد للهدى مؤثر له محب له غير قادر عليه ولا على طلبه لعدم من يرشده فهذا حكمه حكم أرباب الفترات ومن لم تبلغه الدعوة الثاني معرض لا إرادة له ولا يحدث نفسه بغير ما هو عليه فالأول يقول يا رب لو أعلم لك دينا خيرا مما أنا عليه لدنت به وتركت ما أنا عليه ولكن لا أعرف سوى ما أنا عليه ولا أقدر على غيره فهو غاية جهدي ونهاية معرفتي والثاني راض بما هو عليه لا يؤثر غيره عليه ولا تطلب نفسه سواه ولا فرق عنده بين حال عجزه وقدرته وكلاهما عاجز وهذا لا يجب أن يلحق بالأول لما بينهما من الفرق فالأول كمن طلب الدين في الفترة ولم يظفر به فعدل عنه بعد استفراغ الوسع في طلبه عجزا وجهلا والثاني كمن لم يطلبه بل مات على شركه وإن كان لو طلبه لعجز عنه ففرق بين عجز الطالب وعجز المعرض فتأمل هذا الموضع والله يقضي بين عباده يوم القيامة بحكمه وعدله ولا يعذب إلا من قامت عليه حجته بالرسل فهبذا مقطوع به في جملة الخلق وأما كون زيد بعينه وعمرو قامت عليه الحجة أم لا فذلك ما لا يمكن الدخول بين الله وبين عباده فيه بل الواجب على العبد أن يعتقد أن كل من دان بدين غير دين الإسلام فهو كافر وأن الله سبحانه وتعالى لا يعذب أحدا إلا بعد قيام الحجة عليه بالرسول هذا في الجملة والتعيين موكول إلى علم الله وحكمه هذا في أحكام الثواب والعقاب وأما في أحكام الدنيا فهي جارية على ظاهر الأمر فأطفال الكفار ومجانينهم كفار في أحكام الدنيا لهم حكم أوليائهم ... ).
طريق الهجرتين 609 - 610
ـ[أبو أسيد البغدادي]ــــــــ[25 - 06 - 04, 09:25 ص]ـ
بارك الله فيكم شيخنا الكريم
هلا شرحتم لنا-ااتماما للفائدة-كلام الشيخ عبد اللطيف ال الشيخ ( ... فلا حجة بالوحيين إذ النقل و التعريف يتوقف على أهل العلم كما أن بيان المعاني يتوقف عليهم) (الحقائق باب 48 - كتاب حقيقة الحجة)
وهلا بينتم لنا حال القوم ايام الشيخ محمد بن عبد الوهاب ولماذا كانوا أهل فترة؟
ـ[عبد الرحمن بن طلاع المخلف]ــــــــ[25 - 06 - 04, 04:18 م]ـ
أخي الفاضل بالنسبة لكلام الشيخ عبد اللطيف آل الشيخ رحمه الله (تعريف أهل العلم للجهال بمباني الإسلام وأصول الإيمان والنصوص القطعية والمسائل الإجماعية حجة عند أهل العلم تقوم بها الحجة وتترتب عليها الأحكام، أحكام الردة وغيرها والرسول صلى الله عليه وسلم أمر بالتبليغ عنه ومن الذي يبلغ وينقل نصوص الكتاب والسنة غير أهل العلم ورثة الرسل؟ فإن كانت حجة الله لاتقوم بهم وببيانهم أن هذا من عند الله وهذا كلام رسول الله فلا حجة بالوحيين إذ النقل والتعريف يتوقف على أهل العلم كما أن بيان المعاني يتوقف عليهم كما قال علي رضى الله عنه في حديث كميل بن زياد بلى لن تخلو الأرض من قائم لله بحججه كي لا تبطل حجج الله، وبالجملة فالحجة في كل زمان ومكان إنما تقوم بأهل العلم ورثة الرسل) مصباح الظلام 124،123
هنا نكتة مهمة جدا يجب التنبه لها و هي هناك فرق بين البلاغ العام و بين قيام الحجة على الأعيان.
نعم البلاغ العام لا يقوم به إلا أهل العلم و ورثة الرسل و ليس معنى هذا أن الأعيان وقتها غير مقامه الحجه عليهم فمن قال حينها بأن كل عين قبل البلاغ العام الحجه غير مقامه عليهم فقد كذب و افترى.
¥