ولو كان إحياؤها أو زيارتها أمرا مشروعا لفعله النبي صلى الله عليه وسلم في مكة وبعد الهجرة أو أمر بذلك أو فعله أصحابه أو أرشدوا إليه وسبق أنهم أعلم الناس بشريعة الله وأحبهم لرسوله صلى الله عليه وسلم وأنصحهم لله ولعباده ولم يحفظ عنه صلى الله عليه وسلم ولا عنهم أنهم زاروا غار حراء حين كانوا بمكة أو غار ثور ولم يفعلوا ذلك أيضا حين عمرة القضاء ولا عام الفتح ولا في حجة الوداع ولم يعرجوا على موضع خيمتي أم معبد ولا محل شجرة البيعة فعلم أن زيارتها وتمهيد الطرق إليها أمر مبتدع لا أصل له في شرع الله وهو من أعظم الوسائل إلى الشرك الأكبر ولما كان البناء على القبور واتخاذ مساجد عليها من أعظم وسائل الشرك نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك ولعن اليهود والنصارى على اتخاذهم قبور أنبيائهم مساجد وأخبر عمن يفعل ذلك أنهم شرار الخلق
وقال فيما ثبت عنه في صحيح مسلم رحمه الله عن جندب بن عبد الله البجلي رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد ألا فلا تتخذوا القبور مساجد فإني أنهاكم عن ذلك وفي صحيح مسلم أيضا عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يجصص القبر وأن يقعد عليه وأن يبنى عليه زاد الترمذي بإسناد صحيح وأن يكتب عليه والأحاديث في هذا المعنى كثيرة
وقد دلت الشريعة الإسلامية الكاملة على وجوب سد الذرائع القولية والفعلية واحتج العلماء على ذلك بأدلة لا تحصى كثرة وذكر منها العلامة ابن القيم رحمه الله في كتابه [إعلام الموقعين] تسعة وتسعين دليلا كلها تدل على وجوب سد الذرائع المفضية إلى الشرك والمعاصي وذكر منها قول الله تعالى وَلا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ الآية وقوله صلى الله عليه وسلم لا صلاة بعد الصبح حتى تطلع الشمس ولا صلاة بعد العصر حتى تغرب الشمس سدا لذريعة عبادة الشمس من دون الله.
ومنعا للتشبه بمن فعل ذلك كما ذكر منها أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بناء المساجد على القبور ولعن من فعل ذلك ونهى عن تجصيص القبور وتشريفها واتخاذها مساجد وعن الصلاة إليها وعندها وعن إيقاد المصابيح عليها وأمر بتسويتها ونهى عن اتخاذها عيدا وعن شد الرحال إليها لئلا يكون ذلك ذريعة إلى اتخاذها أوثانا والإشراك بها وحرم ذلك على من قصده ومن لم يقصده بل قصد خلافه سدا للذريعة.
فالواجب على علماء المسلمين وعلى ولاة أمرهم أن يسلكوا مسلك نبي الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم في هذا الباب وغيره وأن ينهوا عما نهى عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأن يسدوا الذرائع والوسائل المفضية إلى الشرك والمعاصي والغلو في الأنبياء والأولياء حماية لجناب التوحيد وسدا لطرق الشرك ووسائله والله المسئول أن يصلح أحوال المسلمين وأن يفقههم في الدين وأن يوفق علماءهم وولاة أمرهم لما فيه صلاحهم ونجاتهم في الدنيا والآخرة وأن يوفق قادة المسلمين لتحكيم شريعة الله والحكم بها في كل شئونهم وأن يسلك بالجميع صراطه المستقيم إنه ولي ذلك والقادر عليه وصلى الله وسلم على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه إلى يوم الدين
http://www.binbaz.org.sa/Display.asp?f=Bz00463.htm
ـ[المستفيد7]ــــــــ[23 - 06 - 04, 07:02 م]ـ
تعظيم الآثار رؤية شرعية
محمد بن عبد الله الهبدان
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
فتعظيم الآثار ظاهرة قديمة، تأخذ صوراً وأشكالاً متعددة عند كثير من
الشعوب والأمم، وقد درجت بعض الدول في العصور المتأخرة على إحياء آثارها
التاريخية لأسباب سياسية واقتصادية، ونشطت كثير من المنظمات الدولية في
رعاية تلك الآثار ودعوة الدول إلى العناية بها.
وبعد حادثة تحطيم الأصنام التي جرت في أرض أفغانستان كثر حديث الساسة
والمنظمات الدولية والقنوات الإعلامية عن الآثار التاريخية وضرورة العناية بها،
فكتبت هذه الدراسة المتواضعة توضيحاً للمنهج الشرعي الصحيح، وبياناً للحق
مستعيناً بالله - تعالى - فأقول، وبالله التوفيق:
تعريف الآثار لغة واصطلاحاً:
1 - تعريف الأثر لغة [1]:
¥