تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

منه، أو دونه فينقض بذلك عرى الإسلام عن قلبه .. » [28].

وقال الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ - رحمه الله -:

« .. ومن الأسباب المانعة عن فهم كتاب الله أنهم ظنوا أن ما حكى الله عن

المشركين، وما حكم عليهم ووصفهم به خاص بقوم مضوا، وأناس سلفوا

وانقرضوا، ولم يعقبوا وارثاً، وربما سمع بعضهم قول من يقول من المفسرين:

هذه نزلت في عباد الأصنام، هذه في النصارى، هذه في الصابئة؛ فيظن الغُمْر أن

ذلك مختص بهم، وأن الحكم لا يتعداهم، وهذا من أكبر الأسباب التي تحول بين

العبد وبين فهم القرآن والسنة» [29].

السبب الثاني: علماء الضلال:

من أسباب انتشار الفتنة بآثار الأنبياء والصالحين علماء أهل الضلال،

وهؤلاء ابتليت الأمة بهم حتى وصل الأمر ببعضهم - كما قال شيخ الإسلام - أنهم:

«يُصنِّفون لأهل السيف والمال من الملوك والوزراء في ذلك، ويتقربون إليهم

بالتصنيف فيما يوافقهم .. » [30]، وقد صنف شيخ الرافضة ابن النعمان المعروف

عندهم بالمفيد كتاباً سماه: «مناسك المشاهد» جعل قبور المخلوقين تحج كما تحج

الكعبة البيت الحرام الذي جعله الله قياماً للناس، وهو أول بيت وضع للناس فلا

يطاف إلا به، ولا يُصلى إلا إليه، ولم يأمر الله إلا بحجه [31]. وهؤلاء الذين

صنفوا هذه الكتب لهم أغراض فاسدة؛ منها التقرب إلى الأئمة، ومنها إضلال الأمة.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله -: «وهذا إنما ابتدعه وافتراه في

الأصل قوم من المنافقين والزنادقة ليصدوا به الناس عن سبيل الله، ويفسدوا عليهم

دين الإسلام، وابتدعوا لهم أصل الشرك المضاد لإخلاص الدين لله .. ولهذا صنف

طائفة من الفلاسفة الصابئين المشركين في تقرير هذا الشرك ما صنفوه، واتفقوا هم

والقرامطة الباطنية على المحادة لله ورسوله حتى فتنوا أمماً كثيرة وصدوهم عن دين

الله. وأقل ما صار شعاراً لهم تعطيل المساجد وتعظيم المشاهد؛ فإنهم يأتون من

تعظيم المشاهد وحجها والإشراك بها ما لم يأمر الله به ولا رسوله صلى الله عليه

وسلم؛ بل نهى الله عنه ورسوله عباده المؤمنين. وأما المساجد فيخربونها؛ فتارة

لا يصلون جمعة ولا جماعة بناءً على ما أصلوه من شعب النفاق، وهو أن الصلاة

لا تصح إلا خلف معصوم، ونحو ذلك من ضلالتهم .. » [32]. بهذا تعرف مدى

تأثير هؤلاء العلماء في انتشار الفتنة بآثار الأنبياء والصالحين.

السبب الثالث: الأئمة المضلون:

لا يشك عاقل في خطر الأئمة المضلين، وكما قيل: الناس على دين ملوكهم،

وقد حذر صلى الله عليه وسلم الأمة منهم بقوله كما في حديث ثوبان - رضي الله

عنه -: «إنما أخاف على أمتي الأئمة المضلين» [33]، وعن زياد بن حدير قال:

قال لي عمر: هل تعرف ما يهدم الإسلام؟ قال: قلت: لا، قال: يهدمه زلة

العالم، وجدال المنافق بالكتاب، وحكم الأئمة المضلين» [34].

فمثلاً القبة التي على الصخرة لم تكن موجودة في عهد الصحابة رضي

الله عنهم كما ذكر ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - بل كانت مكشوفة

حتى تولى عبد الملك بن مروان الملك فبنى القبة على الصخرة وكساها في

الشتاء والصيف ليرغب الناس في زيارة بيت المقدس [35]. وقال في موضع

آخر: «وظهر في ذلك الوقت تعظيم الصخرة وبيت المقدس ما لم يكن

المسلمون يعرفونه بمثل هذا، وجاء بعض الناس ينقل الإسرائيليات في

تعظيمها» [36].

وذكر الشيخ أحمد بن عبد الحميد العباسي رحمه الله المتوفى في القرن العاشر

الهجري في كتابه: «عمدة الأخبار في مدينة المختار» أنه لما كان عام ثمان

وسبعين وستمائة هجرية أمر السلطان الملك الناصر محمد بن قلاوون الصالحي والد

السلطان الملك الناصر محمد بن قلاوون ببناء قبة على الحُجرة الشريفة، ولم يكن

قبل هذا التاريخ عليها قبة ولها بناء مرتفع وإنما كان حظير حول الحجرة الشريفة

فوق سطح المسجد، وكان مبنياً بالآجر مقدار نصف قامة بحيث يميز سطح الحجرة

الشريفة على سطح المسجد، وكان مبنياً بالآجر فعملت هذه القبة الموجودة

اليوم .. » [37].

والمشاهد لم تكن معروفة في العصور المفضلة، ولكن ظهرت وكثرت في

دولة بني بويه، لما ظهرت القرامطة بأرض المشرق والمغرب وكان بها زنادقة

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير