تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وقد كان أصل حصول الشرك وعبادة الأصنام في الأرض بسبب تعظيم

الموتى الصالحين.

روى ابن جرير الطبري - رحمه الله - عن بعض السلف في تفسيره لقوله

تعالى:] وَقَالُوا لاَ تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلاَ تَذَرُنَّ وَداًّ وَلاَ سُوَاعاً وَلاَ يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْراً

* وَقَدْ أَضَلُّوا كَثِيراً [(نوح: 23 - 24) أن هذه أسماء رجال صالحين من بني

آدم، وكان لهم أتباع يقتدون بهم، فلما ماتوا قال أصحابهم الذين كانوا يقتدون بهم:

لو صورناهم كان أشوق لنا إلى العبادة إذا ذكرناهم، فصوروهم، فلما ماتوا جاء

آخرون دب إليهم إبليس، فقال: إنما كانوا يعبدونهم، وبهم يُسقَوْن المطر،

فعبدوهم. وروى ابن جرير أن هذه الأصنام كانت تُعبد في زمان نوح - عليه

السلام -، ثم اتخذها العرب بعد ذلك [4].

وأيضاً: فإن اللات التي هي من أكبر أوثان العرب في الجاهلية كان سبب

عبادتها تعظيم قبر رجل صالح والعكوف عليه.

وبهذا تبين أن سبب عبادة الأصنام هو المبالغة في تعظيم الصالحين. وقد رد

سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز - رحمه الله - على مقال نشر بعنوان: (رميم

بيت الشيخ محمد بن عبد الوهاب بحريملاء) وذكر صاحب المقال أن الإدارة العامة

للآثار والمتاحف أولت اهتماماً بالغاً بمنزل مجدد الدعوة السلفية الشيخ محمد بن

عبد الوهاب - رحمه الله - في حي غيلان بحريملاء؛ حيث تمت صيانته وأعيد

ترميمه بمادة طينية تشبه مادة البناء الأصلية .. إلى أن قال: وتم تعيين حارس

خاص لهذا البيت .. إلخ. يقول الشيخ - رحمه الله -: «وقد اطلعت اللجنة

الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء في المملكة العربية السعودية على المقال المذكور،

ورأت أن هذا العمل لا يجوز، وأنه وسيلة للغلو في الشيخ محمد - رحمه الله -

وأشباهه من علماء الحق والتبرك بآثارهم والشرك بهم، ورأت أن الواجب هدمه،

وجعل مكانه توسعة للطريق سداً لذرائع الشرك والغلو، وحسماً لوسائل ذلك،

وطلبت من الجهة المختصة القيام بذلك فوراً، ولإعلان الحقيقة والتحذير من هذا

العمل المنكر جرى تحريره، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله

وصحبه» [5].

المبحث الثاني: الابتداع:

الاهتمام بالآثار وإحياؤها ابتداع في الدين ليس عليه دليل من كتاب الله -

تعالى 0 ولا من سنة نبيه صلى الله عليه وسلم، ولم يفعله السلف الصالح - رحمهم

الله تعالى -، ولو كان خيراً لسبقونا إليه. يقول الشيخ عبد العزيز ابن باز -

رحمه الله -: «ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: «من أحدث

في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد» أخرجه الشيخان، وفي لفظ لمسلم: «من عمل

عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد»، وفي صحيح مسلم عن جابر - رضي الله عنه -

قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في خطبته يوم الجمعة: «أما بعد:

فإن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر

الأمور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة»، والأحاديث في هذا المعنى كثيرة، وهذه

الآثار التي ذكرها الكاتب كغار حراء، و غار ثور، وبيت النبي صلى الله عليه

وسلم، و دار الأرقم بن أبي الأرقم، ومحل بيعة الرضوان وأشباهها إذا عُظِّمت

وعُبِّدت طرقها وعملت لها المصاعد واللوحات لا تزار كما تزار آثار الفراعنة،

وآثار عظماء الكفرة، وإنما تزار للتعبد والتقرب إلى الله بذلك، وبذلك نكون بهذه

الإجراءات قد أحدثنا في الدين ما ليس منه، وشرعنا للناس ما لم يأذن به الله؛

وهذا نفس المنكر الذي حذر الله - عز وجل - منه في قوله - سبحانه -:] أَمْ لَهُمْ

شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُم مِّنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ [(الشورى: 21)، وحذر منه

النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه

فهو رد» .. ولو كان تعظيم الآثار بالوسائل التي ذكرها الكاتب وأشباهها مما

يحبه الله ورسوله لأمر به صلى الله عليه وسلم أو فعله، أو فعله أصحابه الكرام -

رضي الله عنهم -؛ فلما لم يقع شيء من ذلك عُلم أنه ليس من الدين، بل هو من

المحدثات التي حذر منها النبي صلى الله عليه وسلم، وحذر منها أصحابه - رضي

الله عنهم -، وقد ثبت عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير