على اتباع كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، والتمسك بما كان
عليه أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ورضي الله عنهم.
ومن المعلوم أن الاهتمام بالآثار لون من ألوان البدع المحدثة كما سبق؛ ففي
نشر العلم الشرعي - المتضمن بيان عقيدة أهل السنة والجماعة وما يضادها -
وقاية من الوقوع في مثل هذا الاهتمام، كما أن في ذلك أيضاً مقاومة له بعد حصوله.
المبحث الثاني: الدعوة إلى المنهج الحق:
ومن الوسائل المهمة لمقاومة الاهتمام بالآثار وبعثها من جديد الدعوة إلى
المنهج الحق، وأعني بهذا دعوة من ابتلي بشيء من هذا الاهتمام حتى يرجع إلى
الحق وإلى منهج الشرع القويم.
وتحقيق ذلك داخل ضمن مبدأ عظيم من مبادئ الدين، ألا وهو مبدأ الأمر
بالمعروف والنهي عن المنكر.
فعلى هذا يجب على من عنده علم واستطاعة إنكار المنكرات التي أعظمها
البدع المحدثة في الدين، ومنها بدعة الاهتمام بالآثار.
ويمكن دعوة من يفعل ذلك إلى المنهج الحق باتباع الوسائل الآتية:
1 - تبصير الناس بالمنهج الحق الذي كان عليه سلف الأمة الأبرار، وتحذير
الناس من الابتداع والإحداث في الدين، وسد الذرائع المفضية إلى ذلك.
2 - على الدعاة إنكار جميع ما يقع من مطالبات لإحياء هذه الآثار والاهتمام
بها.
3 - على العلماء مناقشة الشبهات التي يتمسك بها مؤيدو إحياء هذه الآثار
والرد عليها، عن طريق المؤلفات، وشتى الوسائل المختلفة المناسبة.
4 - وضع مرشدين من طلبة العلم عند بعض المواضع التي يكثر طَرْقُها من
قبل عامة الناس للتوعية والإرشاد بشكل دائم.
5 - كتابة النشرات الإرشادية المناسبة على لوحات، ووضعها عند الأماكن
التي يُعتقد فيها كالمقابر والمشاهد، والجبال، والمساجد المحدثة.
6 - صدور فتاوى من كبار العلماء في هذا الموضوع، وينص بمنع أصحاب
الأقلام في الصحافة ونحوها من الكتابة والمطالبة فيه.
7 - توعية الأدلاَّء الجهال أو من يسمون (المزوِّرين) الذين يصطحبون
الحجاج أو الزوار إلى المزارات المشروعة، وعقد الدورات العلمية لهم لتوجيههم،
واشتراط أن يكونوا متعلمين، ومن المعروفين باتباع السنة.
ولقد سئل شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - عن حكم عمل القُوّام عند
القبور أو غيرهم الذين يأمرون زوار القبور بالبدع ويرغبونهم فيها، ويأخذون على
ذلك جُعلاً، وعن موقف ولي الأمر من ذلك.
وكان مما أجاب عن ذلك قوله - رحمه الله - بعدما أبان حرمة هذا العمل:
«ومن أمر الناس بشيء من ذلك، أو رغبهم فيه، أو أعانهم عليه، من القُوّام أو
غير القُوَّام، فإنه يجب نهيه عن ذلك، ومنعه منه، ويثاب ولي الأمر على منع
هؤلاء، وإن لم ينته عن ذلك فإنه يُعزر تعزيراً يردعه، وأقل ذلك أن يعزل عن
القيامة، ولا يترك من يأمر الناس بما ليس من دين المسلمين».
وأفاد - رحمه الله - أن «الكسب الذي يكسب بمثل ذلك خبيث، من جنس
كسب الذين يكذبون على الله ورسوله ويأخذون على ذلك جُعلاً، ومن جنس كسب
سدنة الأصنام الذين يأمرون بالشرك ويأخذون على ذلك جُعلا» [24].
المبحث الثالث: إزالة وسائل الغلو ومظاهر الاهتمام:
من الوسائل الفعلية النافعة في مقاومة الاهتمام بالآثار: إزالة وسائل الغلو في
الأنبياء والصالحين وغيرهم؛ والأصل في إزالة المنكر قوله صلى الله عليه وسلم:
«من رأى منكم منكراً فليغيره بيده .. » [25]. وتغيير المنكر وإزالته باليد ونحوها
أعلى مراتب التغيير، ولا يجوز العدول عن هذه المرتبة إلى ما دونها إلا عند عدم
الاستطاعة.
وتأمل في قصة وفد ثقيف عندما أسلموا ووفدوا على رسول الله صلى الله عليه
وسلم؛ فإنهم فيما سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يدع لهم الطاغية - وهي
اللات - لا يهدمها ثلاث سنين، فأبى رسول الله صلى الله عليه وسلم عليهم، فما
برحوا يسألونه سَنَة سَنَة، ويأبى عليهم، حتى سألوه شهراً واحداً بعد قدومهم، فأبى
عليهم أن يدعها شيئاً مسمَّى، وإنما يريدون بذلك فيما يظهرون أن يَسْلَموا بتركها
من سفهائهم ونسائهم وذراريهم، ويكرهون أن يروِّعوا قومهم بهدمها، فبعث المغيرة
بن شعبة و أبا سفيان بن حرب لهدمها [26] .. فتأمل - يا رعاك الله - المصالح التي
¥