[سؤال عن التحسين والتقبيح]
ـ[الحنبلي السلفي]ــــــــ[30 - 06 - 04, 03:20 ص]ـ
الإخوة الكرام: أريد بحثا عن مسألة التحسين والتقبيح والفرق بين قول أهل السنة والمعتزلة والأشاعرة مدعما بالنقل عن أئمة السنة لاسيما شيخ الإسلام ورجاء الاهتمام وأخص الأخ عبد الرحمن السديس والشيخ عبد الرحمن الفقيه وفقهما الله تعالى
ـ[أبو الوليد الجزائري]ــــــــ[30 - 06 - 04, 04:24 ص]ـ
مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين
فصل قال صاحب المنازل اللطيفة الثالثة أن مشاهدة العبد الحكم لم
تدع له استحسان حسنة ولا استقباح سيئة لصعوده من جميع المعاني إلى معنى الحكم
هذا الكلام إن أخذ على ظاهره فهو من أبطل الباطل الذي لولا إحسان الظن بصاحبه وقائله ومعرفة قدره من الإمامة والعلم والدين لنسب إلى لازم هذا الكلام ولكن من عدا المعصوم فمأخوذ من قوله ومتروك ومن ذا الذي لم تزل به القدم ولم يكب به الجواد
............ فاعلم أن هذا مقام عظيم زلت فيه أقدام طائفتين من الناس طائفة من أهل الكلام والنظر وطائفة من أهل السلوك والإرادة
فنفى لأجله كثير من النظار التحسين والتقبيح العقليين وجعلوا الأفعال كلها سواء في نفس الأمر وأنها غير منقسمة في ذواتها إلى حسن وقبيح ولا يميز القبيح بصفة اقتضت قبحه بحيث يكون منشأ القبح وكذلك الحسن فليس للفعل عندهم منشأ حسن ولا قبح ولا مصلحة ولا مفسدة ولا فرق بين السجود للشيطان والسجود للرحمن في نفس الأمر ولا بين الصدق والكذب ولا بين السفاح والنكاح إلا أن الشارع حرم هذا وأوجب هذا فمعنى حسنه كونه مأمورا به لا أنه منشأ مصلحة ومعنى قبحه كونه منهيا عنه لا أنه منشأ مفسدة ولا فيه صفة اقتضت قبحه ومعنى حسنه أن الشارع أمر به لا أنه منشأ مصلحة ولا فيه صفة اقتضت حسنه
وقد بينا بطلان هذا المذهب من ستين وجها في كتابنا المسمى تحفة النازلين بجوار رب العالمين وأشبعنا الكلام في هذه المسألة هناك وذكرنا جميع ما احتج به أرباب هذا المذهب وبينا بطلانه
فإن هذا المذهب بعد تصوره وتصور لوازمه يجزم العقل ببطلانه وقد دل القرآن على فساده في غير موضع والفطرة أيضا وصريح العقل
فإن الله سبحانه فطر عباده على استحسان الصدق والعدل والعفة والإحسان ومقابلة النعم بالشكر وفطرهم على استقباح أضدادها ونسبة هذا إلى فطرهم وعقولهم كنسبة الحلو والحامض إلى أذواقهم وكنسبة رائحة المسك ورائحة النتن إلى مشامهم وكنسبة الصوت اللذيذ وضده إلى أسماعهم وكذلك كل ما يدركونه بمشاعرهم الظاهرة والباطنة فيفرقون بين طيبه وخبيثه ونافعه وضاره
وقد زعم بعض نفاة التحسين والتقبيح أن هذا متفق عليه وهو راجع إلى
الملائمة والمنافرة بحسب اقتضاء الطباع وقبولها للشيء وانتفاعها به ونفرتها من ضده
قالوا وهذا ليس الكلام فيه وإنما الكلام في كون الفعل متعلقا للذم والمدح عاجلا والثواب والعقاب آجلا فهذا الذي نفيناه وقلنا إنه لا يعلم إلا بالشرع وقال خصومنا إنه معلوم بالعقل والعقل متقض له
فيقال هذا فرار من الزحف إذ ههنا أمران متغيران لا تلازم بينهما
أحدهما هل الفعل نفسه مشتمل على صفة اقتضت حسنه وقبحه بحيث ينشأ الحسن والقبح منه فيكون منشأ لهما أم لا
والثاني أن الثواب المرتب على حسن الفعل والعقاب المرتب على قبحه ثابت بل واقع بالعقل أم لا يقع إلا بالشرع
ولما ذهب المعتزلة ومن وافقهم إلى تلازم الأصلين استطلتم عليهم وتمكنتم من إبداء تناقضهم وفضائحهم ولما نفيتم أنتم الأصلين جميعا استطالوا عليكم وأبدوا من فضائحكم وخلافكم لصريح العقل والفطرة ما أبدوه وهم غلطوا في تلازم الأصلين وأنتم غلطتم في نفي الأصلين
والحق الذي لا يجد التناقض إليه السبيل أنه لا تلازم بينهما وأن الأفعال في نفسها حسنة وقبيحة كما أنها نافعة وضاره والفرق بينهما كالفرق بين المطعومات والمشمومات والمرئيات ولكن لا يترتب عليها ثواب ولا عقاب إلا بالأمر والنهي وقبل ورود الأمر والنهي لا يكون قبيحا موجبا للعقاب مع قبحه في نفسه بل هو في غاية القبح والله لا يعاقب عليه إلا بعد إرسال الرسل فالسجود للشيطان والأوثان والكذب والزنا والظلم والفواحش كلها قبيحة في ذاتها والعقاب عليها مشروط بالشرع
¥