تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[شروط المفسر وآدابه]

ـ[أحمد بزوي الضاوي]ــــــــ[15 - 09 - 06, 04:29 ص]ـ

بسم الله الرحمن الرحيم

و الصلاة و السلام على سيدنا محمد المبعوث رحمة للعالمين

(سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم) سورة البقرة، الآية 32

إن كثيرا من الدارسين المحدثين قد أقحموا في دراساتهم كتبا، هي أبعد ما تكون عن التفاسير، وقاموا بدراسة مباحث رجال هم أبعد ما يكونون عن المفسرين، فارتأيت أن أقوم بدارسة شروط وآداب المفسر حتى تكون نبراسا في اختيار التفاسير التي يعول عليه الإنسان في استنباط مراد الله تعالى من القرآن الكريم.

لقيام أي بحث علمي لابد من توفر شروط نظرية نتطلبها في الباحث الذي يريد خوض غمار الكشف عن الحقيقة وتجليتها. وهذه الشروط التي نشترطها فيه هي ذات بعدين:

البعد الذاتي:

ونعني به الأخلاق والقيم الروحية التي ينبغي أن تتوفر في الباحث، لتؤهله لتحمل أمانة الكشف عن الحقيقة وتجليتها لمن يجهلها من البشر. وقد عبر سلفنا الصالح عما ذهبنا إليه بآداب العالم أو سمت العلماء.

البعد المعرفي:

وهو يتمثل في جملة العلوم المساعدة والضرورية للكشف عن الحقيقة، والتي بدونها تذهب الجهود هدرا ودون جدوى، لأنها لم تتهيأ لها الأسباب الكفيلة بإيصالنا إلى الكشف الحقيقة التي نطمح إلى تجليتها وبيانها. وقد اصطلح العلماء على تسمية هذا البعد المعرفي بشروط العالم. وبالنسبة لمبحث تفسير القرآن الكريم فإن علماء الأمة قد وضعوا أيدينا على جملة آداب وشروط ينبغي توافرها في المفسر حتى يوفر لنفسه الأسباب الموصلة إلى الحقيقة.

شروط المفسر:

إذا تتبعنا الشروط التي اشترط العلماء توفرها في المفسر- والتي اجتهد الإمام السيوطي-رحمه الله- وصاحب كتاب "المباني" في جمعها لنا (1) - لا نجدها تخرج عن هذه الشروط:

1 - اللغة: لأن بها يعرف شرح المفردات ومدلولاتها بحسب السياق.

2 - النحو: لأن المعنى يتغير ويختلف باختلاف الإعراب. فلا بد من اعتباره.

3 - التصريف: فيه تعرف الأبنية والصيغ.

4 - الإشتقاق: لأن الإسم إذا كان اشتقاقه من مادتين مختلفتين اختلف باختلافهما.

5 - علوم البلاغة: وهي علوم المعاني والبيان والبديع، لأن المفسر يعرف بالأول خواص تركيب الكلام من جهة إفادتها المعنى، وبالثاني خواصها من حيث اختلافها بحسب وضوح الدلالة وخفائها، وبالثالث وجوه تحسين الكلام. وهذه العلوم هي أعظم الشروط التي ينبغي توفرها في المفسر، ذلك أنه مطالب بمراعاة ما يقتضيه الإعجاز، وإنما يدرك بهذه العلوم.

والملاحظ أن النصوص الأدبية الرفيعة لا تدرك إلا بالذوق وليس كل من اشتغل بالنحو واللغة وغيرهما يكون من أهل الذوق، وممن يصلح لانتقاد تلكم النصوص. وإنما أهل الذوق هم الذين يشتغلون بعلم البيان وراضوا أنفسهم بالرسائل والخطب والكتابة والشعر، وصارت لهم بذلك دراية وملكة تامة فهؤلاء يمكن الاعتماد عليهم في انتقاد النصوص وتمييزها.

6 علم القراءات وبه نعرف كيفية النطق بالقرآن، وبالقراءات يترجح بعض الوجوه المحتملة على بعض.

7 - أصول الدين: بما في القرآن الكريم من الآيات الدالة بظاهرها على ما يجوز على الله تعالى، فالأصولي يؤول ذلك، ويستدل على ما يستحيل، وما يجب وما يجوز.

8 - أصول الفقه: فيه يعرف وجه الإستدلال على الأحكام والإستنباط.

9 - أسباب النزول والقصص: فبسبب النزول يمكننا معرفة الظروف والملابسات التي واكبت نزول الآية. وبالقصص يمكننا الوقوف على بعض أبعاد ما أجمل في القصص القرآني.

10 - الناسخ والمنسوخ: ليعلم محكم آي الذكر الحكيم من غيره.

11 - الفقه: حتى تفسر آيات الأحكام تفسيرا صحيحا لا يحيد بها عن جادة الحق والصواب.

12 - الإلمام بالأحاديث النبوية الشريفة المبينة والمفسرة لما أجمل وأبهم من آي الذكر الحكيم.

13 - علم الموهبة: وهو علم يورثه الله تعالى لمن عمل بما علم. وإليه يشير الحديث النبوي (من عمل بما علم ورثه الله علم ما لم يعلم). (1)

أما بالنسبة للمفسر المعاصر فيتعين إضافة ثلاثة شروط أخرى، وهي:

1 - الإلمام التام بعلوم العصر وذلك حتى يمكن أن يعطي للقرآن بعده الحضاري الصحيح فيتحقق مفهوم شمولية وعالمية الدين الإسلامي.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير