2 - المعرفة بالفكر الفلسفي والاجتماعي والاقتصادي والسياسي، السائد والمهيمن على الساحة، وذلك حتى يستطيع دحض كل الشبهات المحاكة حول الدين الإسلامي، وإبراز حقيقة القرآن الكريم وموقفه من كل قضايا العصر، وذلك مساهمة منه في نشر الوعي بحقيقة الإسلام وريادته الفكرية والحضارية.
3 - الوعي بمشكلات العصر وأزماته. والمعرفة بها ضرورية لإبراز موقف الإسلام منها وسبل تفاديها وكيفية معالجتها، ولصاحب " كتاب المباني " إشارة لطيفة لهذه النقطة، حيث يقول: " والثالثة أن يكون عالما بأبواب السر من الإخلاص والتوكل والتفويض والأذكار الباطنة التي افترضها الله تعالى، وبالإلهام والوسوسة وما يصلح الأعمال وما يفسدها، وبآفات الدنيا ومعايب النفس، وسبل التوقي من فسادهما ليتأتى له تفسير الآيات المنتظمة لهذه المعاني (1) ".
والمتتبع للشروط المعرفية التي اشترطها علماؤنا ـ من أهل السنة ـ يتضح له أن هذه الشروط وإن كانت كلها معرفية فإنها تنقسم إلى قسمين:
1 - شروط معرفية بحتة.
2 - شروط منهجية.
وهذه الأخيرة اشترطوا فيها:
أ- تفسير القرآن بالقرآن.
ب- تفسير القرآن بالسنة.
ح - الأخذ بقول الصحابي.
د- الأخذ بأقوال كبار التابعين كمجاهد وابن جبر وسعيد ابن جبير، وعكرمة وعطاء بن أبي رباح، والحسن البصري ومسروق بن الأجدع وسعيد بن المسيب، وغيرهم ممن تلقى جميع التفسير عن الصحابة رضوان الله عليهم (1).
آداب المفسر:
وهي ما سميناه بالبعد الذاتي، وللسيوطي قول جامع فيه: " اعلم أنه لا يحصل للناظر فهم معاني الوحي، ولا يظهر له أسراره وفي قلبه بدعة أو كبر أو هوى أو حب الدنيا أو هو على ذنب أو غير متحقق بالإيمان أو ضعيف التحقيق أو يعتمد على قول مفسر ليس عنده علم أو راجع إلى معقوله، وهذه كلها حجب وموانع بعضها آكد من بعض. قلت: وفي هذا المعنى قوله تعالى: {سأصرف عن آياتي الذين يتكبرون في الأرض بغير الحق} (2). قال سفيان بن عيينة " يقول أنزع عنهم فهم القرآن" أخرجه ابن أبي حاتم " (3).
من هذا القول الجامع للإمام السيوطي ـ رحمه الله ـ نستخلص جملة آداب يتعين على المفسر التحلي بها وهي:
1 - صحة الاعتقاد.
2 - التجرد عن الهوى.
3 - حسن النية.
4 - حسن الخلق.
5 - التواضع ولين الجانب.
6 - الزهد في متاع الدنيا، حتى يكون عمله خالصا لله تعالى.
7 - إعلان التوبة والامتثال لأمور الشرع، والانتهاء عن نواهيه.
8 - عدم الاعتماد في التفسير على أهل البدع والضلالة.
9 - يتعين عليه أن لا يستكين إلى معقوله، وأن يجعل من كتاب الله أميرا يقتدى به.
وفي هذا يقول الشهيد حسن البنا ـ رحمه الله ـ "ومع هذا التعظيم لقدر التفسير والمفسرين الذين يعلمون فيما أنزلت الآيات وما أريد بها، فإن السلف رضوان الله عليهم، كانوا يتحرون دائما في التفسير ألا تتحكم فيما يفهمونه من الآيات أغراض خاصة، أو أهواء شخصية، أو ظروف طارئة، ولكنهم كانوا يجردوه من كل ذلك حتى يكون القرآن أميرا على تصرفاتهم، ويكون هواهم تبعا لما جاء به رسولهم صلى الله عليه و سلم وهو صريح الإيمان. ومن هنا كان الكثير منهم يتحرج من التفسير ويخاف أن يقول في القرآن برأيه" (1).
ومن أقوال العلماء يتضح لنا أن التأويل المذموم هو الذي لا يبنى على علم محصل سلفا، يكون أداة المفسر وآلته في تبيان وتفسير القرآن الكريم.
ـ[أبو المعالي القنيطري]ــــــــ[17 - 11 - 09, 07:42 م]ـ
بارك الله فيك ورضي عنك.
ـ[أحمد بزوي الضاوي]ــــــــ[19 - 11 - 09, 11:18 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم، و الصلاة و السلام على سيدنا محمد المبعوث رحمة للعالمين.
الأخ الفاضل الأستاذ أبو المعالي القنيطري ـ حفظه الله ـ.
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته.
أما بعد، فإني أشكر لفضيلتكم اهتمامكم و تقديركم.
جزاكم الله خيرا.
والسلام عليكم و رحمة الله و بركاته.