تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[التفسير والتأويل لغة و اصطلاحا]

ـ[أحمد بزوي الضاوي]ــــــــ[15 - 09 - 06, 04:33 ص]ـ

بسم الله الرحمن الرحيم

و الصلاة و السلام على سيدنا محمد المبعوث رحمة للعالمين

(سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم) سورة البقرة، الآية 32

للغويين في معنى التفسير أقوال طريفة ومتعددة، وكلها تلتقي في معنى الإيضاح والبيان والكشف، فقد "ذكر الليث عن الخليل بن أحمد أنه قال: مأخذ التفسير من الفسر وهو البيان، قال والتفسرة اسم البول الذي تنظر فيه الأطباء وتستدل به على مرض البدن، وكل شيء يعرف به تفسير الشيء فهو تفسرته " (1).

وقد وردت لفظة (التفسير) في القرآن الكريم في موضع واحد وهو قوله تعالى: {ولا يأتونك بمثل إلا جئناك بالحق وأحسن تفسيرا} (2)،

وقال ابن عباس في معنى الآية: أي تفصيلا (3).

ومن معاجم اللغة يتبين لنا أن التفسير يستعمل لغة في الكشف الحسي ـ ولعل قول الخليل السالف الذكر يقوم دليلا على ذلك ـ وقلما يستعمل في المعاني المعقولة.

وأما التأويل في اللغة فهو من آل يؤول إلى كذا أي يرجع إليه، ويقول الرازي في مختار الصحاح: " التأويل تفسير ما يؤول إليه الشيء، وقد أوله تأويلا وتأوله بمعنى،وآل الرجل أتباعه وعياله، وآله أيضا أتباعه " (1).

وقد وردت كلمة "التأويل" في سبعة عشر موضعا من القرآن الكريم، وكلها تحوم حول هذه المعاني:

1 - تأويل الأحاديث: {وكذلك مكنا ليوسف في الأرض ولنعلمه من تأويل الأحاديث} (2).

2 - تأويل الأحلام: {وما نحن بتأويل الأحلام بعالمين} (3).

3 - تأويل الأعلام وبيان ما يقصد منها: {سأنبئك بتأويل ما لم تستطع عليه صبرا} (4).

4 - ما يتعلق بالمتشابه الذي لا يعلمه إلى الله: {وما يعلم تأويله إلى الله} (5).

والسياق الذي وردت فيه كلمة "التأويل" في القرآن الكريم يبين أن استعمالها يكون أكثر في الكشف عن المعاني المعنوية العقلية.

ويرى جلة من العلماء أن التأويل مرادف للتفسير في أشهر معانيهما اللغوية (1)، ومما يؤكد ذلك ما ذهب إليه الدكتور الجليند من أن التأويل بمعنى " نقل ظاهر اللفظ إلى ما يحتاج في إثباته إلى دليل، أي صرف اللفظ عن معناه الظاهر إلى معنى آخر يحتمله اللفظ " لم يرد في المعاجم التي ألفت قبل القرن الرابع الهجري. ويخلص من ذلك إلى القول إن " كلمة التأويل كانت تستعمل على ألسنة اللغويين من رواة ومحدثين حتى بداية القرن الخامس الهجري في معنى: المرجع والمصير والعود. حيث لم يرد إلينا في المعاجم التي وضعت في هذه الفترة. وهي المصدر الوحيد لكل المعاجم التي وضعت بعد ذلك ما يخالف ذلك (2).

وليس معنى هذا أن التفسير هو عين التأويل لغة، فقد أثبتت الدراسات اللغوية أن الترادف لا يعني التماثل والتوافق التام في المعنى، بل هناك تشابه في المعنى العام، مع وجود فروق دقيقة لابد من التنبيه إليها. ومن ثم يمكن القول إن التفسير يرتبط بتفسير الأمور الحسية في الغالب. أما التأويل فيستعمل ـ غالبا ـ في الأمور التي تحتاج إلى إعمال الفكر والنظر.

وقد نبه الراغب الأصفهاني (ت502هـ) إلى ذلك حيث قال: " والتفسير أعم من التأويل، وأكثر ما يستعمل التفسير في الألفاظ، والتأويل في المعاني، كتأويل الرؤيا والتأويل يستعمل أكثره في الكتب الإلهية والتفسير يستعمل فيها وفي غيرها، والتفسير أكثره يستعمل في مفردات الألفاظ، والتأويل أكثره يستعمل في الجمل" (1).

التفسير والتأويل اصطلاحا:

بسط العلماء القول في تعريف التفسير اصطلاحا، ولعل أجمع أقوالهم ما أثبته الزرقاني في كتابه "مناهل العرفان في علوم القرآن " حيث قال: " والتفسير في الاصطلاح: علم يبحث فيه عن القرآن الكريم من حيث دلالته على مراد الله تعالى بقدر الطاقة البشرية " (2).

ويستعان في التفسير ببعض العلوم المساعدة كعلم اللغة والقراءات، والناسخ والمنسوخ وأسباب النزول، والفقه وأصول الفقه، مع الإلمام بأصول الدين وقواعده. ويؤكد هذا المعنى قول الزركشي عند تعريفه لمصطلح التفسير فهو " علم نزول الآية وسورتها وأقاصيصها والإشارات النازلة فيها، ثم ترتيب مكيها ومدنيها ومحكمها ومتشابهها، وناسخها ومنسوخها، وخاصها وعامها، ومطلقها ومقيدها، ومحكمها ومفسرها.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير