ـ[أبوحاتم]ــــــــ[20 - 08 - 04, 08:56 م]ـ
الأخ الكريم أبو أميرة (محب العلم) وفقه الله
وجه اعتراضي على الإجماع الذي يحكيه أئمة الدعوة في هذه المسألة قد أوضحته في كلامي السابق.
والفرق بين اعتراضي على إجماع ابن حزم وإجماع أئمة الدعوة:
أنني لا أسلم بأن ابن حزم أراد التكفير بمطلق الإعانة , وكلامه يرد هذا. هذا من ناحية.
ومن ناحية أخرى فليس في كلامه حكاية إجماع أصلا , وإنما فيه فهمه لظاهر الآية الذي لا يجوز لمسلم مخالفته عنده , وقد نقلتُ الخلاف في فهم الآية وتركتُ نقولا أخرى.
أما بالنسبة لأئمة الدعوة فإنني أسلِّم بأن مرادهم واضح , وهو التكفير بمطلق الإعانة. ولكني أمنع أن يكون ما حكوه من الإجماع إجماعا معتبرا تقوم به الحجة , وإنما هو فهمهم للنصوص , ظنوا أنه لا خلاف فيه , فحكوه إجماعا , لا أنهم وقفوا على أقوال أهل العلم الموافقة والناطقة بقولهم فنقلوها. وهذا ظاهر.
وأئمة الدعوة في هذا الأمر - لقرب عهدهم - كالواحد من طلبة العلم في هذا الزمان , لو ادعى أن في مسألة ما إجماعا , فلن يقبل منه ذلك هكذا حتى ينقل القول بمضمون الحكم الذي وقع عليه الإجماع الذي يدعيه عن جماعات من أهل العلم , ثم لا نجد لهم مخالفا.
هذا إذا تسمحنا كثيرا في شروط الإجماع.
فهل نقل أئمة الدعوة أقوال أهل العلم التي فيها التكفير بمطلق الإعانة؟
وهل تستطيع أنت أو غيرك أن يأتي بها؟
أم أنه يكفي أن يقول الشيخ عبد اللطيف رحمه الله: ((على هذا إجماع أهل العلم)) دون أن يذكر لنا أقوال جماعة من العلماء الذين يحكي إجماعهم؟!
أما الفرق بين أن يكون الإجماع بالنقل , أو بالفهم , فأظن أنه قد اتضح من خلال كلامنا عن إجماع ابن حزم وأئمة الدعوة.
ولا بأس أن أقربه لك بعبارة مبسطة.
الإجماع المنقول هو الذي يعتمد على الوقوف على أقوال العلماء في المسألة المتفقة على حكم ما , من عالم صاحب سعة في الاطلاع والرواية في كتب الفقه والاختلاف وشروح الحديث (وهذه ليست متوفرة في أئمة الدعوة , مع بالغ الاحترام لهم).
أما الإجماع المعتمد على الفهم , فهو كما يفعله بعض المتكلمين في نسبتهم بعض الأقوال إلى السلف , فتراهم يأتون بأقوال لم تنقل عن السلف ويقولون: ((هذا قول السلف)).
وقد بين شيخ الإسلام وغيره أنهم يأتون إلى المسألة وينظرون فيها , حتى إذا ظنوا أنهم وقعوا على الصواب والحق في تحريرها , قالوا: ما دام أن هذا هو الحق الذي تدل عليه الأدلة (سواء كانت عقلية أو غيره) , والسلف لا يخالفون الأدلة الصريحة لأنهم لا يخالفون الحق , فالسلف يقولون بهذه النتيجة!
وهذا هو ما فعله أئمة الدعوة؛ فإنهم نظروا إلى أدلة الكتاب والسنة في الموالاة ففهموا منها كفر كل من أعان الكفار بأي إعانة , فلما استقر عندهم أن هذا هو الحق الذي تدل عليه ظواهر النصوص حكوا اتفاق أهل العلم عليه , دون أن يكونوا قد وقفوا فعلا على أقوال أهل العلم الناصَّة عليه , وإلا لنقلوا بعضها , أو نقلها من بعدهم ممن تقلد قولهم.
فكيف إذا كان بعض أهل العلم يقول بخلاف بعض ما تضمنه ذاك الإجماع المزعوم , وهو ما ذكرنا في مسألة الجاسوس , مع أن فعله من أظهر صور الإعانة للكفار.
هذا كاف لنقض ذاك الإجماع (على التنزل) , وإلا فهو غير قائم أصلا حتى يحتاج إلى نقض.
ـ[محب العلم]ــــــــ[20 - 08 - 04, 11:15 م]ـ
أخي الكريم
أما مسألة الجاسوس ففرع عن حديث حاطب، والأولى لمن ينقض الاجماع بالخلاف في الجاسوس أن ينقضه بالخلاف في فعل حاطب هل هو كفر أم لا ?
وقد سبق في أول المقال بيان أوجه الرد على الاستدلال بحديث حاطب على اشتراط المحبة القلبية للتكفير، فإن فعل حاطب رضي الله عنه لايخلو من حالتين:
إما أن يكون قد وصل حد الاعانة، فهو هنا كفر أكبر، وحاطب رضي الله عنه معذور لتأوله.
وإما أن لايكون قد وصل حد الاعانة بل هو دون ذلك فهو كبيرة من الكبائر.
والقائلين بأنه لم يصل حد الاعانة، خرجوا عليه حكم قتل الجاسوس، ولم يخرجوا عليه حكم المعين للكفار بماله أو رأيه وهو في بلاد المسلمين بل أطلقوا القول بالتكفير بمطلق الاعانة والنصرة.
ووجه ذلك هو أن التجسس يحتمل الاعانة فمادونها كما يحتمله فعل حاطب، فكان قتل الجاسوس بهذا الأمر المحتمل خطأ بينا.
ولك أن تتأمل معي الصورة التالية:
¥