9559ـ حدثنا أبو كريب, قال: حدثنا ابن إدريس, قال: سمعت أبي, عن عطية بن سعد, قال: جاء عبادة ابن الصامت من بني الحرث بن الخزرج إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم, فقال: يا رسول الله, إن لي موالي من يهود كثير عددهم, وإني أبرأ إلى الله ورسوله من ولاية يهود وأتولى الله ورسوله فقال عبد الله بن أبيّ: إني رجل أخاف الدوائر, لا أبرأ من ولاية مواليّ. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعبد الله ابن أبيّ: "يا أبا الحُبابِ مَا بَخِلْتَ بِهِ مِنْ وِلايَةِ يَهُودَ على عُبادَةَ بنِ الصّامِتِ فَهُوَ إلَيكَ دُونَهُ". قال: قد قبلت. فأنزل الله: يا أيّها الّذِينَ آمَنُوا لا تَتّخِذُوا اليَهُودَ والنّصَارَى أوْلِياءَ بَعْضُهُمْ أوْلِياءُ بَعْضٍ ... إلى قوله: فَتَرى الّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ.
9560ـ حدثنا هناد, قال: حدثنا يونس بن بكير, قال: ثني عثمان بن عبد الرحمن, عن الزهري, قال: لما انهزم أهل بدر قال المسلمون لأوليائهم من يهود: آمنوا قبل أن يصيبكم الله بيوم مثل يوم بدر فقال مالك ابن صيف: غرّكم أن أصبتم رهطا من قريش لا علم لهم بالقتال, أما لو أسررنا العزيمة أن نستجمع عليكم لم يكن لكم يد أن تقاتلونا. فقال عبادة: يا رسول الله إن أوليائي من اليهود كانت شديدة أنفسهم كثيرا سلاحهم شديدة شوكتهم, وإني أبرأ إلى الله وإلى رسوله من ولايتهم, ولا مولى لي إلا الله ورسوله. فقال عبد الله بن أبيّ: لكني لا أبرأ من ولاء يهود, إني رجل لا بدّ لي منهم. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يا أبا حُبابِ أرأيْتَ الّذِي نَفَسْتَ بِهِ مِنْ وَلاءِ يَهُودَ على عُبادَةَ, فَهُوَ لَكَ دونَهُ". قال: إذن أقبل. فأنزل الله تعالى ذكره: يا أيّها الّذِينَ آمَنُوا لا تَتّخِذُوا اليَهُودَ والنّصَارَى أوْلِياءَ بَعْضُهُمْ أوْلياءُ بَعْضٍ ... إلى أن بلغ إلى قوله: وَاللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النّاسِ.
9561ـ حدثنا هناد, قال: حدثنا يونس, قال: حدثنا ابن إسحاق, قال: ثني والدي إسحاق بن يسار, عن عبادة ابن الوليد بن عبادة بن الصامت, قال: لما حاربت بنو قَينُقاع رسول الله صلى الله عليه وسلم, تشبث بأمرهم عبد الله بن أبيّ, وقام دونهم. ومشى عبادة بن الصامت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم, وكان أحد بني عوف بن الخزرج من له حلفهم مثل الذي لهم من عبد الله بن أبيّ, فخلعهم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم, وتبرأ إلى الله وإلى رسوله من حلفهم, وقال: يا رسول الله أتبرأ إلى الله وإلى رسوله من حلفهم وأتولى الله ورسوله والمؤمنين, وأبرأ من حلف الكفار وولايتهم ففيه وفي عبد الله بن أبيّ نزلت الاَيات في المائدة: يا أيّها الّذِينَ آمَنُوا لا تَتّخِذُوا اليَهُودَ والنّصَارَى أوْلِياءَ بَعْضُهُمْ أوْلِياءُ بَعْضً ... الاَية.
وقال آخرون: بل عُنى بذلك قوم من المؤمنين كانوا هموا حين نالهم بأُحد من أعدائهم من المشركين ما نالهم أن يأخذوا من اليهود عِصَما, فنهاهم الله عن ذلك, وأعلمهم أن من فعل ذلك منهم فهو منهم. ذكر من قال ذلك:
9562ـ حدثني محمد بن الحسين, قال: حدثنا أحمد بن المفضل, قال: حدثنا أسباط, عن السديّ: يا أيّها الّذِينَ آمَنُوا لا تَتّخِذُوا اليَهُودَ والنّصَارَى أوْلِياءَ بَعْضُهُمْ أوْلِياءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَولّهُمْ مِنْكُمْ فإنّهُ مِنْهُمْ قال: لما كانت وقعة أُحد, اشتدّ على طائفة من الناس وتخوّفوا أن يُدال عليهم الكفار, فقال رجل لصاحبه: أما أنا فألحقُ بدَهْلَكَ اليهودي فآخذ منه أمانا وأتهوّد معه, فإني أخاف أن تدال علينا اليهود. وقال الاَخر: أما أنا فألحق بفلان النصرانيّ ببعض أرض الشام فآخذ منه أمانا وأنتصر معه. فأنزل الله تعالى ذكره ينهاهما: يا أيّها الّذِينَ آمَنُوا لا تَتّخِذُوا اليَهُودَ والنّصَارَى أوْلِياءَ بَعْضُهُمْ أوْلِياءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلّهُمْ مِنْكُمْ فإنّهُ مِنْهُمْ إنّ اللّهَ لا يَهْدِي القَوْمَ الظّالَمِينَ.
وقال آخرون: بل عُني بذلك أبو لبابة بن عبد المنذر في إعلامه بني قريظة إذ رضوا بحكم سعد أنه الذبح. ذكر من قال ذلك:
¥