تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

أشكر لك نصحك وحسن سريرتك لأهل العلم، ولو أن الأمر من أمور الدنيا لما رضيت في هذين الشيخين ولا في غيرهما إلا كل ذكر حسن، ولا يخفى على مثلك أن زلة العالم أو مخالفته لاتسقط حرمته ولاتجيز لسقط المتاع أن يقعوا في عرضه، وليس في نفسي أدنى أدنى حرج مماقلته، والأمر في حذفه وإبقائه راجع لأهله وليس لي، وإن كنت كماذكرت لك أقدر لك - والله - نصحك ومشورتك وأعرف موجبها ولكن عارض هذا الموجب مانع آخر أظنه مما تبرأ به ذمتي إن شاء الله، ولم أدخل في النوايا ولا في الخبايا وإنما حكيت واقعا، ومن ذكر لي التعديل الحاصل في الطبعة الثانية من الكتاب هو أحد الشيوخ الأجلاء المعروفين الورعين ممن أحسبه لايؤذي مؤمنا بغير مااكتسب، والأمر يسير، فمن شاء فليراجع وليفدنا، وما أنا ومن أنا أو غيري عند العلامة الجليل الشيخ الزاهد الورع صالح الفوزان أو عند طلاب العلم كصالح آل الشيخ فاربع على نفسك فإنما هي مذاكرة، ودين الله فوق الجميع، ولولا أن لهذه نظائر لما رقمت فيها سوادا في بياض.

===========================

أما الإجماع أخي المقرئ فلا أريد لنقضه إلا ذكر مخالف معتبر في محل الاجماع، وإن كان خلاف الواحد والاثنين لاينقض إجماعا عند أهل العلم كماهو ظاهر صنيع ابن المنذر وابن عبدالبر وغيرهما

إلا أنني أكتفي لفض هذه المحاورة بعالم معتبر ينص على أن إعانة الكفار في حربهم على المسلمين مختلف فيها أو هي معصية من جملة المعاصي لاكفر، فهل طلبت عسيرا؟!

وأما الخلاف الذي يحكيه المتأخرون بفهمهم هم لحديث حاطب أو لكلام عالم ليس في محل النزاع أو كان حمال أوجه فليس بخلاف معتبر على الحقيقة وإنما هو انبطاح علمي وإن احمرت أنوف.

وأما محل الاجماع فقد أوضحته وذكرت أنه إعانة كفار محاربين لمسلمين لهم شوكة، وليست كل إعانة لكل كافر على كل مسلم.

وأنت تقصد أن من لم يعن الكفار على كل المسلمين في الارض فهذا ليس بكافر، إذ قد تكون إعانته على بعض المسلمين لعلة غير إسلامهم.

وهذا أخي الفاضل راجع إلى الخطأ في مناط التكفير في هذه المسألة، إذ مناط التكفير هنا هو الإعانة لا بغض المسلمين ولا الاسلام ولا اختيار الكفر على الاسلام وإنما هذه الأخيرة لوازم لاينفك عنها المعين حال ملابسته للاعانة، فإن انتفاء انقياد القلب لايعني انتفاء تصديقه ولا رضاه القلبي بالدين.

وإلا فإن هذا المعين للكفار لو أعان الكفار في حربهم على دولة مسلمة واحدة مرة واحدة ثم أبى المشاركة لحصوله على كفايته من الدنيا فإنه كافر بهذه الإعانة مالم يحدث توبة، وكل معين للكفار لغرض دنيوي سيقف عن الاعانة إذا حصل غرضه وإلا فإنه سيلتزم الاعانة حتى ينال مراده ولو قاتل كل مسلم على الأرض فالتزام الاعانة على كل مسلم كفر أكبر، وهذا أمر باطن لاسبيل لنا إليه، ولذلك فإن الأمر الظاهر الذي علق به الحكم هو الاعانة لاغير فإن حصلت أجرينا على صاحبها - إن كانت ظاهرة - حكم الظاهر والله يتولى السرائر، ولا يخفاك أن من طلب منه قتل نفس وإلا قتل فإنه سيلتزم القتل عند كل تهديد بالقتل، وقل مثله في المعين كلما خشي على ماله وسلطانه التزم الاعانة وهكذا فإن رأينا منه غير مرة تحقق الاعانة كلما مر به حال يكون له فيها غرض فماذا يكون هذا، وهل ننتظر حتى يفرغ من كل مسلم على الأرض ليحقق غرضه ثم نجزم حينها بكفره، هذا لم يقله حتى أبو مرة!

وأنت تعلم أن أكثر المعينين للكفار إنما هم طلاب دنيا، ولا يكاد يوجد فيهم مبغض للدين على الحقيقة إلا أن استعلاء أحكام الكفر على أحكام الإسلام لايرضى به مسلم انقاد قلبه لله البتة كما نقلت لك عن شيخ الاسلام وعن غيره.

================================

تنبيهات مهمة في خاتمة هذه المعالم:

أولها: سبق وأن ذكرت لأخي النقاد أني اعتمدت طريقة النسخ واللصق في نقل بعض الأقوال وقد أوقعني هذا في خطأين:

الأول نبه إليه أخي النقاد وهو من كلام ابن حزم رحمه الله

والثاني من كلام الشيخ عبداللطيف بن عبدالرحمن رحمه الله في عيون الرسائل والأجوبة على المسائل" (1/ 179)، حيث نقلت كلاما لغيره على أنه له عند ذكري لنقله الاجماع على المسألة وتعقيبي بهذا النقل عليه.

وكلا الخطأين لم يؤثرا على مانقله الإمامان من إجماع في المسألة، وإنما نبهت إليهما خشية التبعة على الدين.

وثانيها:

أن ما أذكره قبل حكاية الاجماع بقولي (النص الأول ... ) إنما أعني به الموضع لا مااصطلح عليه بعض أهل الأصول.

وثالثها:

أن البحث مع الشيخ النقاد إنما هو في ثبوت الاجماع من عدمه ولم نصل بعد لمبحث الأدلة وأقوال أهل العلم فإن رام ذلك مع غيري فهو وشأنه وأما أخوه فقد قال مافي نفسه وزيادة وإن كان شحيح النقل للمعنى الذي ذكرته له سابقا ولخشية تكرر الخطأ في النقل كما حصل في مواضع.

اللهم اسلل سخيمة صدورنا واغفر لنا وارحمنا.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير