تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وأهل التفسير متفقون على أن سبب نزول هذه الآية - كماقاله شيخ الاسلام رحمه الله – هو أن بعض المنافقين سارع في إعانة اليهود وتوليهم خوفا من الدوائر فكان هذا موجبا للزوم الذم لهم في هذه الآيات، مع كون بعض أهل التفسير قد فسر المسارعة هنا بغير الاعانة مما هو راجع إلى الاعانة غير متناقض معها ومع هذا فإن شيخ الاسلام قد نقل هذا الاتفاق ولم ينظر إلى خلاف التنوع هذا لكمال رسوخه في علم تفسير القرآن ومعرفته بمعانيه وأسباب نزوله، والغفلة عن سبب النزول تؤدي إلى الخروج عن مقصود الآيات كماقرره الشاطبي في الموافقات وقال:

" الجهل بأسباب التنزيل موقع في الشبه والاشكالات ومورد للنصوص الظاهرة مورد الاجمال حتى يقع الاختلاف، وذلك مظنة وقوع النزاع " انتهى.

ولن تجد طريقا لإثبات الاجماع على أن مطلق الاعانة داخلة في حقيقة التولي أبلغ من هذه الطريق.

ولهذا فإن المخالف في هذه المسألة – كالشيخ النقاد – لم يتعرض لهذا الايراد، وإنما جعل التولي على قسمين: مكفر وغير مكفر.

وجعل التولي المكفر هو مااشتمل على محبة دين الكفار بخلاف مطلق التولي عنده.

ولهذا احتاج إلى تفسير كلام ابن حزم رحمه الله للتولي في هذه الآية بمايوافق تقسيمه هذا، وجعل ابن حزم غير مريد لمطلق التولي كماهو ظاهر لفظه بل هو مريد – عنده – لمعنى خاص للتولي في هذه الآية استخرجه من (مجموع كلامه) ثم هو – أي النقاد – لايوافقه على هذا المعنى ل (التولي المكفر) وإن كان يعتبره قولا قويا في المسألة يوجد في كلام الإمام أحمد مايناسبه، وإنما يجعل التولي المكفر المراد في هذه الآية هو ماسبق تقريره في كلامه، وإلا فهو لاينازع في أن ابن حزم قد يفسرمطلق التولي بالاعانة ولكنه جزما – عند النقاد – لايريد بالتولي المكفر في هذه الآية مطلق الاعانة بقرينة أن أخي النقاد لم ينازع في أن الاعانة صورة من أظهر صور التولي كما نص على هذا في أول كلامه.

فمحل الخلاف إنما هو في المقدمة الثانية وهي أن جميع صور التولي كفر أكبر.

فالمخالف يجعل التولي (ومنه الاعانة) على قسمين: مكفر وغير مكفر.

ومخالفه يجعله كفرا أكبر في جميع صوره خاصة مايتعلق بمعناه في هذه الآية

فالمكفر يحتج بظاهر كلام ابن حزم وظواهر كلام المفسرين وأهل اللغة، والمخالف يحمل هذا الظاهر على معنى لايحتمله اللفظ، فإن طولب بالدليل احتج بفعل حاطب الذي هو خارج عن حقيقة التولي لغة وشرعا ليفسر به (التولي) في الاية بمعنى يحمل عليه اجماع ابن حزم وكلام جميع المفسرين وأقوال (كل) أهل العلم المطلقين للتكفير بمطلق التولي، وهو بضاعته في هذا التقسيم.

فكان التمسك بظاهر كلام ابن حزم أقوى من دعوى تأويله بلاقرينة متصلة ولامنفصلة

وقد قلت لأخي النقاد – ولا زلت أقول – إنه لايستطيع أن يورد هذا التفصيل الذي جاء به في الاعانة عن أحد من أهل العلم بمثل التفصيل الذي يورده.

فإن سألت أخي الكريم ولك ذلك: أليست محبة الكفار توليا؟.

فالجواب هي موالاة غير مكفرة وإنما تكون مكفرة – سواء سميناها توليا أو غيره - عند محبة دين الكفار، وكذلك الاعانة فإن مطلق إعانة الكفار ليست بكفر أكبر كماسبق تقريره بل هي إن كانت دالة في ظاهرها على محبة أو تعظيم لأشخاصهم محرمة كما مثل بعض أهل العلم ببري القلم وبل الدواة ونحوها وإنما تكون (توليا) وموالاة مكفرة إذا كانت إعانة للكفار في حربهم على المسلمين فمطلق هذه الاعانة كفر أكبر لأن هذا إعانة لدينهم ونصرة له وإن ادعى المعين عدم محبته لدينه، فكما أن محبة دين الكفار كفر أكبر ولو لم ينصرهم فإعانة الكفار على ظهور دينهم كفر اكبر ولو لم يحب دينهم وإنما قصد الدنيا بإعانته.

فإن قلت لماذا لاتكون الاعانة كفرا عند ظهور دين الكفار بهذه الاعانة؟

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير