تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فلا خالقَ ولا رازقَ ولا محييَ ولا مميتَ ولا مدبِّر للأمورِ سواهُ، ولا معبودَ بحقٍّ في الوجودِ إلاَّ هو، وهذا معنى (لا إله إلاَّ الله)، لهُ الأسماءُ الحسنى والصِّفاتُ العُليا، كما أثبَتَها لنفسهِ في كتابهِ، وعلى لسانِ رسولهِ، بِلاَ تكييفٍ، ولا تحريفٍ، ولا تمثيلٍ، ولا تعطيلٍ.

وأنَّ الله تعالى فوقَ سماواتهِ، على عرشهِ، عَلا على خلقهِ، وهوَ سُبحَانهُ مَعَهُم إينما كانوا، يعلمُ ما هم عَامِلون، قال تعالى {وَلِلّهِ الأَسْمَاء الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُواْ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَآئِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ}

وقال تعالى {أَأَمِنتُم مَّن فِي السَّمَاء أَن يَخْسِفَ بِكُمُ الأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ (16) أَمْ أَمِنتُم مَّن فِي السَّمَاء أَن يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِبًا فَسَتَعْلَمُونَ كَيْفَ نَذِيرِ}

وقال تعالى {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى}

قال فيها مالك: الاستواءُ معلومٌ، والكيفُ مجهولٌ، والإيمانُ واجبٌ، والسؤالُ عنهُ بدعةٌ.

وقال صلى الله عليه وسلَّم للجارية: أينَ اللهُ؟

فقالت: في السَّماءِ.

قال: من أنا؟

قالت: أنتَ رسولُ اللهِ.

قال: أعتقها فإنَّها مؤمنةٌ.

ونعوذُ باللهِ من أن نظنَّ أنَّ السَّماء تُقلُّه أو تظلُّه، فهو الذي يمسكُ السماواتِ والأرضَ أن تزولا، وقد وسعَ كرسيهُ السماواتِ والأرضَ ولا يؤودهُ حفظهما وهو العلي العظيم.

2 - ونعتقدُ أنَّ عبادةَ غير اللهِ شركٌ أكبرٌ، وأنَّ دعاءَ غير اللهِ من الأمواتِ والغائبينَ، وحبَّه كحبِّ اللهِ، ورجاءَهُ، ونحوَ ذلك شِرْكٌ أكبر

، وسواءٌ دعاهُ دعاءَ عبادةٍ، أو دعاءَ استغاثةٍ في شدَّةٍ أو رخاءٍٍ، فإنَّ الدعاء مخُّ العبادةِ، وسواءٌ دعاهُ لجلبِ نفعٍ أو دفعِ الضُّرِّ، أو دعاهُ لطلبِ الشَّفاعةِ، أو ليقرِّبهُ إلى الله، أو دعاهُ تقليدًا لآبائهِ أو أَسْلاَفِهِ، أو لِغَيْرِهِم.

والأدلَّة على ذلك في كتاب الله كثيرةٌ جدّاً منها قوله تعالى {وَمَن يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ}.

3 - وأنَّ أعتقادَ أنَّ لشيءٍ من الأشياءِ سُلطانًا على ما خرجَ من قدرةِ المخلوقينَ شركٌ أكبر.

4 - وأنَّ من عظَّمَ غيرَ اللهِ مستعينًا به فيما لا يقدرُ عليه إلاَّ الله، كالاستنصارِ في الحربِ بغير قوَّة الجيوشِ، والاستشفاءِ من الأمراضِ بغير الأدويةِ التي هَدانا اللهُ لها، والاستغاثةِ على السَّعادةِ الأُخرَوِيَّةِ أو الدُّنْيَويِّةِ بغير الطُّرقِ والسُّنَنِ التي شَرَعَها اللهُ لنَا يُكونُ شِركًا أكبر.

5 - وأنَّ الشَّفاعة مُلكٌ للَّهِ وحدهُ، ولا تكونُ إلاَّ لمن أذنَ لهُ {وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى}، ولا يرضى الله إلاَّ عمَّن اتَّبع رسله، فنطلُبَهَا مِن اللهِ مَالِكِها، فنقول (اللهُمَّ شفِّع فينا نبيَّكَ) مثلا، ولا نقول (يا رسولَ اللهِ اشفَعْ لَنَا)، فذلكَ لم يردْ بهِ كتابٌ ولا سنَّةٌ ولا عملُ سلفٍ، ولا صَدَر ممَّن يوثقُ بِهِ مِن المسلمينَ، فنبرأُ إلى اللهِ أنْ نتخِذَ واسطةً تُقرِّبُنا إلى الله، أو تشفعُ لنا عندهُ، فنكونَ ممَّن قال الله فيهم، وقد أقرُّوا بربوبيتهِ، وأشركوا بعبادتهِ {وَيَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللّهِ مَا لاَ يَضُرُّهُمْ وَلاَ يَنفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلاء شُفَعَاؤُنَا عِندَ اللّهِ}، وحكى عنهم {مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى}، أو نكونَ ممَّن قلَّدوا آباءهم في أصلِ الدِّينِ، فكانوا أضلَّ من الأنعامِ، وهم الذينَ قال الله فيهم {بَلْ قَالُوا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِم مُّهْتَدُونَ}، فوَصَفهم بقوله {إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا} إِذْ عطَّلوا تلك المواهبِ التي أُودِعَتْ فيهم، ولو تخلّوا بأنفسهم برهةً أطلقوا فيها لتلك المواهبِ سَرَاحَهَا لأدركتْ من آياتِ الله ما يرشدهم إلى سواء السبيل.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير