تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وقد جاءت كذلك عن الحسن البصري رحمه الله في من يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، وقد رواه ابن جرير في تفسير الآية (ومن أحسن قولاً) ورجاله ثقات غير أنه من رواية معمر بن راشد عن الحسن، وإنما أدرك منه جنازته، وقال بعض الأئمة بينهما عمرو بن عبيد، وأشار الزيلعي في تخريج الأحاديث والآثار (الكشاف) [1/ 213] إلى طريق أخرى رواها بقية بن الوليد عن حسان بن سليمان عن أبي نضرة عن الحسن، ولايصح لعنعنة بقية كدأبه عن من لايعرف، وقد روي مرفوعاً بأسانيد واهية لاتثبت بها حجة.

غير أنه في تفسير قول الله تعالى: (إني جاعل في الأرض خليفة)، "ذكر الطبري أن مقتضى ما نقله السدي عن مشايخه أنه خليفة الله في الأرض" [فتح الباري 6/ 364]، يعني آدم عليه السلام.

وقد جاءت هذا الكلمة عن أبي مسلم الخولاني في عبارته لقوم من قتلت عثمان وكانوا قد حجوا من المدينة فسألهم: هل مررتم بإخوانكم من أهل الحجر؟ فقالوا: نعم! قال: كيف رأيتم صنيع الله بهم؟ قالوا: صنع الله بهم ذلك بذنوبهم. قال: فإني أشهد أنكم عند الله مثلهم. فلما سأله معاوية علل بقوله: قتلوا ناقة الله، وقتلتم خليفة الله، وأشهد على ربي لخليفته أكرم عليه من ناقته! [ينظر تالي تلخيص المتشابه 2/ 383، وكذلك تاريخ مدينة دمشق 27/ 220 - 39/ 491].

وقد ثبت إطلاق هذا اللفظ عن عبدالله بن جعفر بن أبي طالب –رضي الله عنه- فقد روى الشافعي بسند مستقيم قال حدثني يحيى بن سليم عن جعفر بن محمد عن أبيه عن عبدالله بن جعفر بن أبي طالب أنه قال: "وَلِيَنَا أبوبكر خير خليفة الله، وأرحمه وأحناه عليه" وقد رواه الحاكم وقال: صحيح الإسناد ولم يخرجاه [المستدرك 3/ 84] ورواه غيره، وهو كما قال.

أما المرفوع إلى النبي صلى الله عليه وسلم فلعل أصحه ما جاء في حديث الرايات السود؛ حديث ثوبان في المهدي، قال النبي صلى الله عليه وسلم: "فإن فيها خليفة الله المهدي"، وقد رواه الحاكم وذكر أنه على شرط الشيخين، وقال البوصيري المحدث في المصباح [3/ 263]: هذا إسناد صحيح رجاله ثقات، وكذا قال البزار، وقد حكم الألباني على اللفظة خاصة في الضعيفة بالنكارة وقال إن هذه الزيادة "خليفة الله" ليس لها إسناد ثابت والسبب عنده أن لفظ الحاكم تفرد به خالد الحزاء فهو معلل، وما جاء عند أحمد ضعيف لعنعنة أبي قلابة، وماذكره العلامة فيه نظر فإن رواية خالد تابعتها رواية أحمد فخالد الحزاء لم يتفرد به، ورواية أحمد لاتقدح فيها عنعنة مثل أبي قلابة حتى على منهج المتأخرين فأبوقلابة ذكره الحافظ ابن حجر في الطبقة الأولى من المدلّسين وهؤلاء لايضر تدليسهم. انظر طبقات المدلسين [1/ 21]، ثم إن لم يصح الحديث مرفوعاً فهو موقوف عن ثوبان كما جاء في بعض طرقه الجيدة وقد قال ابن كثير في البداية والنهاية أن وقفه عليه أشبه. فإن كان كذلك فمثله لايقال بالرأي، وعلى كل الكلام فيه يطول، غير أنه أحسن الأحاديث في المهدي كما أشار صاحب البدء والتاريخ.

إشكال آخر يشير إليه من يمنع:

وهو ما رواه الإمام أحمد وعبدالرزاق وغيرهما من حديث وكيع عن نافع عن ابن أبي مليكة قال: قال رجل لأبي بكر: يا خليفة الله، قال: لست بخليفة الله، ولكن خليفة رسول الله، أنا راض بذلك.

ومع أن الأثر لايفهم منه مطلق النهي، وعلى الرغم من إمكان حمله على التواضع والفرار من تزكية النفس كما أشير إليه، على الرغم من ذلك فلسنا بحاجة إلى القول به فالأثر ضعيف لاتقوم به حجة، فعلى الرغم من أن إسناده كالشمس وعلى الرغم من أن ابن أبي مليكة أدرك ما يربوا على ثلاثين صحابياً –أوصلهم ابن حبان إلى ثمانين- غير أنه لم يدرك أبا بكر رضي الله عنه، وإلى هذه العلة أشار الهيثمي في المجمع [5/ 198] فقال: رجاله رجال الصحيح إلاّ أن ابن أبي مليكة لم يدرك الصديق.

بل نص الحفاظ بأن روايته عن عمر وعثمان رضي الله عنهما مرسلة [انظر جامع التحصيل 1/ 214].

وعلى هذا فالأثر محل الإشكال ضعيف، ومثله ما روى الخلال في السنة من أن رجلاً قال لعمر ياخليفة الله! فقال: خالف الله بك! فهو مليء بالعلل فمنها أنه من مفردات جابر وهو ابن يزيد الجعفي ضعيف عند الجمهور بل متهم بالكذب [ينظر الكامل لابن عدي 2/ 115والتاريخ الكبير للبخاري 2/ 210]، وقد عنعن وقد نص الحفاظ على شدة تدليسه وترك ما عنعن فيه من حديثه، ثم هو عن يزيد بن مرة وهو الجعفي [الجرح والتعديل 9/ 287] وقيل الحنفي [التاريخ الكبير 8/ 359]، وقد قال البخاري لايصح حديثه، وقال الحافظ في تعجيل المنفعة فيه نظر [1/ 451]، كما أنه رواه عن مجهول لم يسمه، فالأثر ضعيف لايثبت، وله طريق آخر ساقط ذكرها الطبري في تاريخه [2/ 569] وهي من طريق أبي حمزة وهو السكري عن جابر وهو الجعفي، أرسله إلى عمر! فالأثر لايثبت بحال، بل روي أن عوف بن مالك الأشجعي رضي الله عنه قال لها له في رؤيا رآها فلم ينكرها [تاريخ مدينة دمشق 47/ 39 من طريق عاصم بن علي عن المسعودي وهو كما قال الإمام أحمد يحتمل، والذهبي في تاريخ الإسلام أشار إليه من نفس الطريق، ورواه ابن أبي شبة في تاريخ المدينة من طريق أبي داود عن المسعودي، ثم ساق متابعةً للمسعودي من طريق عبيد الله بن عمرو عن عبد الملك بن عمير، ثم ذكر لها شاهداً عن أبي بكر رضي الله عنه يحدث عن عوف، فلعل الأثر إلى الحسن أقرب وبكل حال هو أقوى من الذي روي في خلافه].

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير