وأما ما حكاه البخاري عن عمر وأنس [ ............ .............................. ].
وقد روي عن أنس - مرفوعا -، رواه سعيد بن عامر: ثنا صالح بن رستم، قال: قال أبو قلابة: سمع أنس بن مالك يقول - وقد مروا بمسجد أحدث -، فذكر أن النبي r قال ((يأتي على أمتي زمان يتباهون فيه بالمساجد ولا يعمرونها إلا قليلا)) - أو قال: ((لا يعمرونها إلا قليلا)).
خرجه ابن خزيمة في صحيحه.
ثم خرج البخاري هاهنا حديثا، فقال:
446 - ثنا علي بن عبد الله: ثنا يعقوب بن إبراهيم، ثنا أبي، عن صالح بن كيسان: ثنا نافع، أن عبد الله اخبره، أن المسجد كان على عهد رسول الله r مبنيا باللبن، وسقفه الجريد، وعمده خشب النخل، فلم يزد فيه أبو بكر شيئا، وزاد فيه
عمر، وبناه على بنيانه في عهد رسول الله r باللبن والجريد، وأعاد عمده خشبا، ثم غيره عثمان، فزاد فيه زيادة كثيرة، وبنى جداره بالحجارة المنقوشة والقصة، وجعل عمده من حجارة منقوشة، وسقفه بالساج.
القصة: الجص.
والساج: نوع من أرفع أنواع الخشب، يجلب من بلاد الهند والزنج.
ويستدل بما فعله عثمان من يرخص في تجصيص المساجد وتزويقها ونقشها.
وقد روي عن ابن عمر في هذا الباب روايات أخر:
فخرج أبو داود من طريق فراس، عن عطية، عن ابن عمر، أن مسجد النبي r كانت سواريه على عهد النبي r من جذوع النخل، أعلاه مظلل بجريد النخل، ثم إنها تخربت في خلافة أبي بكر، فبناها بجذوع النخل وجريد النخل، ثم إنها تخربت في خلافة عمر، فبناها بجذوع النخل وجريد النخل، وتخربت في خلافة عثمان فبناها بالآجر، فلم تزل ثابتة حتى الآن.
وفي هذه الرواية زيادة تجديد أبي بكر له وإعادته على ما كان، لكنه لم يزد في بقعة المسجد شيئا، وإنما زاد فيه عمر.
وروى الإمام أحمد: ثنا حماد الخياط: ثنا عبد الله، عن نافع، أن عمر زاد في المسجد من الاسطوانة إلى المقصورة، وزاد عثمان، فقال عمر: لو لا أني سمعت
رسول الله r يقول: ((ينبغي أن نزيد في مسجدنا)) ما زدت.
وليس في رواية ذكر ابن عمر، وهو منقطع.
وفيما فعله عمر وعثمان من تخريب المسجد والزيادة فيه: دليل على جواز الزيادة في المساجد وتخريبها لتوسعتها وإعادة بناءها على وجه أصلح من البناء الأول؛ فإن هذا فعله عمر وعثمان بمشهد من المهاجرين والأنصار واقروا عليه.
بنيان المسجد
وقال أبو سعيد: كان سقف المسجد من جريد النخل.
وأمر عمر ببناء المسجد، وقال: أكن الناس من المطر، وإياك أن تحمر أو تصفر فتفتن الناس.
وقال أنس: يتباهون بها، لا يعمرونها إلا قليلا.
وقال ابن عباس: لتزخرفنها كما زخرفت اليهود والنصارى.
وأما حديث أبي سعيد فقد خرجه بتمامه في مواضع من ((كتابه)) في
((الصلاة)) و ((الاعتكاف)) وغيروهما.
وفي الحديث: إن السماء مطرت فوكف المسجد، فانصرف النبي rمن صلاة الصبح وعلى جبهته وانفه اثر الماء والطين.
وهذا يدل على أن سقف المسجد لم يكن يكن الناس من المطر، ولا يمنع من نزول ماء المطر إليه.
وقد ذكرنا فيما سبق من مراسيل الزهري أن النبي r جعل طول جداره بسطه وعمده الجذوع وسقفه جريدا. فقيل له: إلا نسقفه؟ فَقَالَ: ((عريشا كعريش موسى، خشبات وثمام، الأمر أعجل من ذَلِكَ)).
وقال المروذي في ((كتاب الورع)): قرئ على أبي عبد الله - يعني: أحمد -: سفيان، عن عمرو، عن أبي جعفر، قال: قيل للنبي r في المسجد: هده، طده. قال: ((لا عريش كعريش موسى))؟ قال أبو عبد الله: قد سألوا النبي r أن يكحل المسجد، فقال: ((لا، عريش كعريش موسى)).
قال أبو عبد الله: إنما هو شيء مثل الكحل يطلى، أي: فلم يرخص النبي r .
قال أبو عبيد: كان سفيان بن عيينة يقول: معنى قوله: ((هده)): أصلحه. قال: وتأويله كما قال، واصله: أنه يراد به الإصلاح بعد الهدم، وكل شيء حركته فقد هدته، فكان المعنى أنه يهدم ثم يستأنف ويصلح.
قال المروذي: وقلت لأبي عبد الله: أن محمد بن أسلم الطوسي لا يجصص مسجده، ولا بطوس مسجد مجصص إلا قلع جصه؟ فقال أبو عبد الله: هو من زينة الدنيا.
¥