وقال الحاكم في تاريخ نيسابور: سمعت أبا بكر محمد بن المؤمل بن الحسن بن عيسى يقول خرجنا مع إمام أهل الحديث أبي بكر بن خزيمة وعديله أبي علي الثقفي مع جماعة من مشائخنا وهم إذ ذاك متوافرون إلى زيارة قبر علي بن موسى الرضي بطوس قال فرأيت من تعظيمه يعني بن خزيمة لتلك البقعة وتواضعه لها وتضرعه عندها ما تحيرنا
فهل نحتاج الى اثبات وثاقة هذا الامام وعدم كذبه لكي نقبل حكايته هذه؟!
ـ[عبدالرحمن الفقيه]ــــــــ[22 - 09 - 04, 03:14 م]ـ
جزاكم الله خيرا وبارك فيكم
وهذه الحكاية إن ثبتت عن ابن خزيمة رحمه الله فالجواب ما ذكره الشيخ الفاضل حارث همام حفظه الله
وأما إذا كان في المتن نكارة كما قد يفهم من قوله عن ابن خزيمة (فرأيت من تعظيمه يعنى ابن خزيمة لتلك البقعة وتواضعه لها وتضرعه عندها ما تحيرنا) وابن خزيمة من أئمة أهل السنة
ـ فمن القواعد التي يسير عليها النقاد أنه:
ـ إذا وجدت نكارة في المتن، أو في تركيبة الإسناد فقد يطعن في الإسناد بما لايكون قادحاً بإطلاق.
فالأئمة من مسالكهم في التعليل اعتبار المتن وتركيبة السند. فإذا استنكروا شيئاً من ذلك، فإنهم يتطلبون علة في الإسناد يعلقون الخطأ بها. و في مثل هذا قد يعلون بما لا يصلح التعليل به في كل موضع.
وقد أشار إلى هذا المعنى الشيخ المعلمي ـ رحمه الله ـ (1) فقال: "إذا استنكر الأئمة المحققون المتن، وكان ظاهر السند الصحة، فإنهم يتطلبون له علة، فإذا لم يجدوا علة قادحة مطلقاً حيث وقعت، أعلوه بعلة ليست بقادحة مطلقاً، ولكنهم يرونها كافية للقدح في ذاك المنكر". ثم ذكر لذلك أمثلة، منها:
* إعلال علي بن المديني حديث (خلق الله التربة يوم السبت)، وهو حديث يرويه إسماعيل بن أبي أمية، عن أيوب بن خالد. فقال ابن المديني: "ماأرى إسماعيل بن أمية أخذ هذا إلا من إبراهيم بن أبي يحيى" (2).
* ومن ذلك إعلال أبي حاتم حديث "يدخل الجنة بشفاعة رجل من أمتي أكثر من مضر وبني تميم. فقيل: من هو يارسول الله؟ قال: أويس القرني".
فقد ذكر أبوحاتم لهذا الحديث علتين؛ إحداهما: عدم تصريح الليث بن سعد فيه بالسماع من سعيد المقبري، قال: "يحتمل أن يكون سمعه من غير ثقة، ودلسه" (3). مع أن الليث بن سعد لايعرف بالتدليس.
* ومن ذلك إشارة البخاري إلى إعلال حديث قتيبة بن سعيد، عن الليث بن سعد في جمع التقديم، حيث قال: "قلت لقتيبة بن سعيد: مع من كتبت عن الليث بن سعد حديث يزيد بن أبي حبيب، عن أبي الطفيل؟ فقال: مع خالد المدائني. قال البخاري: وكان خالد المدائني هذا يدخل الأحاديث على الشيوخ" (4).
* وأعل أبوحاتم حديثاً بعنعنة سفيان بن عيينة (5).
قال المعلمي ـ رحمه الله ـ: "وحجتهم في هذا أن عدم القدح بتلك العلة مطلقاً، إنما بني على أن دخول الخلل من جهتها نادر، فإذا اتفق أن يكون المتن منكراً، يغلب على ظن الناقد بطلانه، فقد تحقق وجود الخلل، وإذا لم يوجد سبب له إلا تلك العلة، فالظاهر أنها هي السبب، وأن هذا من النادر الذي يجيء الخلل فيه من جهتها" (6).
==================
تنبيه: إذا تقرر هذا الأصل، فإن الخلل يجيء من جهتين عندما يرى الناظر كلام الإمام الناقد على الإسناد:
ـ فإما أن يرده بحجة أن ماذكره الإمام غير قادح، ويغفل عن مأخذ التعليل وهو نكارة المتن أو تركيبة الإسناد، وليس مجرد العلة التي علق عليها الإمام الخطأ.
ـ وإما أن يظن الناظر أن ماذكره الإمام قادح في كل إٍسناد مشابه، وكلا الأمرين خطأ، وبعيد عن مراد الإمام الذي يعلل بمثل ذلك.
وهذا الملحظ الأخير، هو سبب توسع الكثيرين في إعلال الأحاديث الصحاح بالعنعنة، و تغير الحفظ، ونحو ذلك.
========================
(1) مقدمة الفوائد المجموعة ص (ح).
(2) الأسماء والصفات للبيهقي (2/ 256).
(3) علل ابن أبي حاتم (2/رقم2579).
(4) السنن الكبرى للبيهقي (3/ 163).
(5) علل ابن أبي حاتم (1/ 32)، وفي النص سقط، لكن تراه بكماله في تهذيب السنن لابن القيم (1/ 110).
(6) مقدمة الفوائد المجموعة ص (ح).
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=3690
ـ[مصطفى الفاسي]ــــــــ[22 - 09 - 04, 04:23 م]ـ
لقد صدقت والله يا شيخنا الفقيه: ما قاله الشيخ حارث همام حفظه الله هو ميزان الاعتدال الذي لا يحتاج إلى لسان.
¥