حينما قدم مندوب إيران وقدم طلباً باعتراف الرابطة بالمذهب الجعفري ومعه وثيقة من بعض الجهات العلمية الإسلامية ذات الوزن الكبير تؤيده على دعواه وتجيبه إلى طلبه. فإن قبلوا طلبه دخلوا مأزقاً وإن رفضوه واجهوا حرجاً. فاقترحوا أن يولى الأمر فضيلته رحمه الله في جلسة خاصة. فأجاب في المجلس قائلاً: لقد اجتمعنا للعمل على جمع شمل المسلمين والتأليف بينهم وترابطهم أمام خطر عدوهم ونحن الآن مجتمعون مع الشيعة في أصول هي:
الإسلام دين الجميع والرسول صلى الله عليه وسلم رسول الجميع. والقرآن كتاب الله والكعبة قبلة الجميع والصلوات الخمس وصوم رمضان وحج بيت الله الحرام ومجتمعون على تحريم المحرمات من قتل وشرب وزنا وسرقة ونحو ذلك. وهذا القدر كاف للاجتماع والترابط. وهناك أمور نعلم جميعاً أننا نختلف فيها وليس هذا مثار بحثها فإن رغب العضو الإيراني بحثها واتباع الحق فيها فليختر من علمائهم جماعة ونختار لهم جماعة ويبحثون ما اختلفنا فيه ويعلن الحق ويُلتزم به. أو يسحب طلبه الآن. فأقر الجميع قوله وسحب العضو طلبه.
وهكذا كان رحمه الله حكيماً في تعليمه حكيماً في دعوته حكيماً في بحثه وإقناعه. وقد ظهر ذلك كل الوضوح في مؤلفاته.
مؤلفاته رحمه الله: لا شك أن كل مؤلف يحكي شخصية مؤلفه في علمه وفي عقله بل وفي اتجاهه كما قالوا: من ألف فقد استهدف أي لأنه يعرض ما عنده على أنظار الناس. وللشيخ تآليف عديدة منها في بلاده ومنها هنا. فما كان في بلاده هو:
1 في أنساب العرب نظما ألفه قبل البلوغ يقول في أوله:
سميته بخالص الجمان في ذكر أنساب بني عدنان
وبعد البلوغ دفنه قال لأنه كان على نية التفوق على الأقران وقد لامه مشايخه على دفنه وقالوا كان من الممكن تحويل النية وتحسينها.
2 رجز في فروع مذهب مالك يختص بالعقود من البيوع والرهون وهو آلاف متعددة قال في أوله:
الحمد الله الذي قد ندبا لأن نميز البيع عن لبس الربا
ومن بالمؤلفين كتباً تترك أطواد الجهالة هبا
تكشف عن عين الفؤاد الحجبا إذا حجاب دون علم ضربا
3 ألفية في المنطق - أولها:
حمداً لمن أظهر للعقول حقائق المنقول والمعقول
وكشف الرين عن الأذهان بواضح الدليل والبرهان
وفتح الأبواب للألباب حتى استبانت ما وراء الباب
4 نظم في الفرائض أولها:
تركة الميت بعد الخامس من خمسة محصورة عن سادس
وحصرها في الخمسة استقراء وانبذ لحصر العقل بالعراء
أولها الحقوق بالأعيان تعلقت كالرهن أو كالجاني
وكزكاة التمر والحبوب. إن مات بعد زمن الوجوب
وكل هذه المؤلفات مخطوطة.
أما مؤلفاته هنا فهي:
1 - منع جواز المجاز في المنزل للتعبد والإعجاز. وموضوعها إبطال إجراء المجاز في آيات الأسماء والصفات وإيفائها على الحقيقة. وقد زاد هذا المعنى فيما بعد في آداب البحث والمناظرة.
2 - دفع إيهام الاضطراب عن آي الكتاب أبان فيه مواضع ما يشبه التعارض في القرآن كله كما في قوله تعالى: {وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْؤُولُونَ} مع قوله تعالى: {فَيَوْمَئِذٍ لا يُسْأَلُ عَنْ ذَنْبِهِ إِنْسٌ وَلا جَانٌّ} وأن السؤال متنوع والمواقف متعددة. وقد طبع وما قبله ونفدا.
3 - مذكرة الأصول: على روضة الناظر جمع في شرحها أصول الحنابلة والمالكية وبالتالي الشافعية. مقررة على كليتي الشريعة والدعوة.
4 - آداب البحث والمناظرة: أوضح فيه آداب البحث من إيراد المسائل وبيان الدليل ونحو ذلك. وهو أيضاً مقرر في الجامعة ومن جزأين.
5 - أضواء البيان: لتفسير القرآن بالقرآن وهو مدرسة كاملة يتحدث عن نفسه. طبع منه ستة أجزاء كبار والسابع تحت الطبع وصل فيه رحمه الله إلى نهاية قد سمع. ولعل الله ييسر ويوفق من يعمل على إكماله ولو بقدر المستطاع. ومن عجيب الصدف أن يكون موقفه رحمه الله في التفسير على قوله تعالى: {أُولَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلاَ إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}.
وهنا العديد من المحاضرات ذات المواضيع المستقلة طبعت كلها ونفذت وهي:
1 - آيات الصفات: أوضح فيها تحقيق إثبات صفات الله.
2 - حكمة التشريع: عالج فيها العديد من حكمة التشريع في كثير من أحكامه.
3 - المثل العليا: بين فيها المثالية في العقيدة والتشريع والأخلاق.
4 - المصالح المرسلة: بين فيها ضابط استعمالها بين الإفراط والتفريط.
5 - حول شبهة الرقيق: رفع اللبس عن ادعاء استرقاق الإسلام للأحرار.
¥