تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

النجعة، وبالغتم مبالغة مذمومة، وبلغتم بابن تيمية أو غيره ممن تتعصبون له درجة

لا تطاق ولا تقرون عليها! إن هذا العلم قدر مشترك لكل علماء المسلمين، وكل

منهم ساهم في هذا البناء المتماسك.

فنقول: نعم، لا ندعي لأحد الإحاطة، ولا نغمط أحداً حقه ولا نبخسه ما

وهبه الله، يأبى علينا الإنصاف ذلك، ولكننا - مع اعترافنا لكل ذي حق بحقه -

ننظر إلى ما هو موجود، وإلى نفعه للمسلمين من الجانب العملي، وإلى مردوده

على ما نتطلع إليه من الانتقال بحالهم من التراجع والضعف؛ إلى النظر إلى

المستقبل بثقة وثبات، وإلى تحويل إمكاناتهم من قوة كامنة إلى قوة دافعة، أي كتب

تقترحها علينا نطل من خلالها على الإسلام الصافي بقوة حججه، وسمو أخلاقه،

ووضوح أفكاره، وحرارة الإيمان، وفاعلية العقيدة فيه:

الفتوحات المكية أم اقتضاء الصراط المستقيم؟!

فصوص الحكم أم منهاج السنة النبوية؟!

اليواقيت والجواهر أم الصارم المسلول؟!

إرشاد المغفلين من الفقهاء والفقراء إلى شروط صحبة الأمراء! أم السياسة

الشرعية؟!

الكبريت الأحمر وشرح وصية المتبولي أم درء تعارض العقل والنقل [11]؟

الكلمة الثانية:

هناك مجال ما أجداه على الدعوة الإسلامية لو اقتحمه الشيخ البوطي، فبدلاً

من اقتصاره على الحديث ناقداً ومشنعاً على إخوانه أتباع الكتاب والسنة، وشنه هذه

الحملات المتكررة عليهم في داخل بلده وخارجه؛ حبذا لو خرج من هذه الدائرة

المغلقة والتفت إلى تربية الدعاة والاهتمام بنشر العلم الشرعي الذي استؤصلت

معالمه بشكل مقصود وأساليب ملتوية مفضوحة، إلا بقايا من الجهود الفردية التي لا

تفي بالحاجة ولا تقوى على التحديات المحيطة، وإن في إمكانات الشيخ البوطي -

«التي لا نحب أن نرتاب فيها» - البركة، فهو في حال - من البحبوحة الكلامية،

وحرية التحرك - يغبطه عليها الكثير، وله قدم صدق عند أصحاب الحل والعقد،

فلم لا يستثمر هذه الفرصة بما يعود على الإسلام والمسلمين بالخير، وينشِّط

«الصحوة الإسلامية» التي نوه بها بقوله مرة: «إن معين الصحوة الإسلإمية

من الشام، وهي من الشام تنتشر، وسرها في الشام، وقد كان ذلك فيما مضى،

واليوم، وسيبقى بعد اليوم» [12]. بشره الله بالخير، ولو أزال الشيخ الغموض

الكامن في عبارة «وسرها في الشام» لأجاد وأفاد، ووفى بالمراد، ولشكر له

المنتظرون سماع هذه التطمينات شكراً لا مزيد عليه. وكذلك قوله الآتي في

كلمته تلك فيه غموض يحتاج إلى تفصيل وشرح، ولا يقدر على ذلك سواه -

حفظه الله - فهلا فعل؟! يقول:

«إن المكائد تضاعفت ليس من أفراد فقط أو جماعات؟ بل من حكومات

تعادي الإسلام ... وإذا كانت الشام منبع أعداء الإسلام فلتنهض الشام نهضتها،

ولينهض الشعب متعاوناً مع رئيسه» [13]. كيف يكون معين الصحوة في الشام؛

ومنبع أعداء الإسلام من الشام؟! ومن الأفراد، ومن الجماعات، ومن الحكومات

التي تعادي الإسلام؟ ولم لا تضع دليلاً يستخدمه أهل الشام لاكتشاف هؤلاء الأفراد،

والجماعات، والحكومات؟! كل ذلك يحتاج إلى تجلية وبيان من أجل النشء

الذي وقفت جهودك لتوعيته، لتستبين سبيل المجرمين. فضع إصبعك على

الجروح الناغرة يا شيخ، ولا تخف، وخذِّل عن المسلمين، ولا يكن همك كهمِّ

المتنبي فقط؛ ضيعة أو ولاية [14]، فما أنت فيه خير من الضيعة أو الولاية،

وكن على ذكر من كلمة إبراهيم بن أدهم أو غيره: «لو يعلم الملوك ما نحن فيه

لجالدونا عليه بالسيوف». واعتبر بأصحاب الضيعات حواليك - ضباع تتهارش

على الجيف في العاجلة، وتذهب - مخلفة روائح الجيف ورائها - إلى الآجلة.

*انتهى*


(1) خاتمة هذه العبارة تذكر بعبارة شمشون الجبار: عليَّ وعلى أعدائي ياربَّ!.
(2) كلام خطير يبين دخيلة البوطي على حقيقتها وموقفه ممن لا يرون رأيه المريض في دعوة الشيخ
محمد بن عبد الوهاب حيث يريد أن يقطع - بتفسيره المدخول - صلة هذه الدعوة بجذور العقيدة
الإسلامية الصحيحة، ومع أن كلامه هذا ظاهر التهافت؛ وهو يحس بذلك؛ لذلك فقد قال في الكلمة
التي وشح بها ظهر غلاف كتابه: إنما أخرجت هذا الكتاب لناشئة الأمة، ولكن من أين له أن يغطي
الشمس غرباله؟!.
(3) ألا ينطبق هذا التعريف عليه؟!.
(4) مر قبل كلامه هذا أنه يعتبر السلفيين مبتدعين بلا ريب، وأن الابتداع ثابت في اتخاذ كلمة (السلفية)
هذه، وعلى الرغم من قذفه وشتائمه المتكررة فإنه لم يستطيع أذ يثبت بكلمة موثقة أن السلفيين الذين
يشهر بهم بأوصافه هذه يقولون بهذه الآراء واللوازم التي يتخايل بها.
(5) سبحانك هذا بهتان عظيم.
(6) نحن نستشهد بهذه العبارة على سبيل الإلزام، لا اقتناعاً بفحواها؛ بل نرى أن مذهب السلف أسلم
وأحكم.
(7) جلاء العينين ص 404.
(8) بحوث أسبوع الشيخ محمد بن عبد الوهاب 2/ 235.
(9) مجموع فتاوى ابن تيمية 17/ 362.
(10) ليلاحظ القارئ الكريم أن هذا التشاكي لم يكن جماعياً بل كل واحد من الضيوف كان يشكو للشيخ
البوطي على انفراد من هذه المحنة.
(11) الفتوحات المكية، وفصوص الحكم، كتابان لابن عربي واليواقيت والجواهر، وإرشاد المغفلين
والكبريت الأحمر، ووصية المتبولي كتب للشعراني الصوفي وهي كتب مشهورها كمجهولها في
الضرر أو قلة النفع عند العقلاء.
(12) صحيفة تشرين 18/ 4/1990.
(13) صحيفة تشرين 18/ 4/1990.
(14) إشارة إلى قوله في مدح كافور الإخشيدى:
إذا لم تَنط بى ضيعة أو ولاية فجودك يكسوني وشغلك يسلُبُ.

((مجلة البيان ـ العدد [40] صـ 7 ذو الحجة 1411 ـ يونيو 1991))
¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير