التعقيب السابع والثلاثون:
في ص236 كتب عنوانا بلفظ التمذهب بالسلفية بدعة، وهذا الكلام يثير الدهشة والاستغراب، كيف يكون التمذهب بالسلفية بدعة، والبدعة ضلالة وكيف يكون بدعة وهو اتباع لمذهب السلف واتباع مذهبهم واجب بالكتاب والسنة وحق وهدى؛ قال تعالى {وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ} الآية وقال النبي - صلى الله عليه وسلم - (عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين. . .) الحديث فالتمذهب بمذهب السلف سنة وليس بدعة، وإنما البدعة التمذهب بغير مذهبهم، وإذا كان قصده أن التسمي بهذا الاسم حادث كما يظهر من كلامه، ولم يكن معروفا من قبل فهو بدعة بهذا الاعتبار، فمسألة الأسماء أمرها سهل، والخطأ فيها لا يصل إلى حد البدعة، وإن كان قصده أن في الذين تسموا بهذا الاسم من صدرت عنهم أخطاء تخالف مذهب السلف فعليه أن يبين هذا دون أن يتناول السلفية نفسها فالتسمي بالسلفية إذا كان يعني التمسك بمذهب السلف ونبذ البدع والخرافات فهذا شيء محمود وطيب، كما قرر هذا هو في ص233 حيث قال عن حركة جمال الدين الأفغاني ومحمد عبده وتسميتها السلفية: " فقد كان الشعار الذي رفعه أقطاب هذه الحركة الإصلاحية هو السلفية، وكان يعني الدعوة إلى نبذ كل هذه الرواسب التي عكرت على الإسلام طهره وصفاءه ".
هذا ما قاله عن هذه الحركة وتسميتها بالسلفية ولم يعب عليها هذا التسمي؛ نظرا لسلامة أهدافها عنده.
فنقول له: وهل السلفية اليوم تعني غير ذلك؟!
التعقيب الثامن والثلاثون:
وفي ص236 - 237 عبر عن دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب - رحمه الله - بالمذهب الوهابي، وقال: " الوهابية تبرموا من هذه الكلمة لأنها توحي بأن ينبوع هذا المذهب بكل ما تضمنه من مزايا وخصائص يقف عند الشيخ محمد بن عبد الوهاب فدعاهم إلى أن يستبدلوا بكلمة الوهابية هذه كلمة السلفية. . . إلخ ما قال.
والجواب أن نقول: إن الشيخ محمد بن عبد الوهاب ليس له مذهب خاص يدعى بالوهابية؛ لأنه في العقيدة على منهج السلف، وفي الفروع على مذهب الإمام أحمد بن حنبل الذي كان عليه علماء نجد من قبله وفي عصره ومن بعده.
التعقيب التاسع والثلاثون:
في ص129 - 240 تكلم عن زيارة القبر النبوي _ على صاحبه أفضل الصلاة والسلام _ فقال: " ولكم اتهمنا واتهم كثير من المسلمين من أهل السنة والجماعة بالابتداع والمروق؛ لأننا ذهبنا إلى ما ذهب إليه الجمهور من علماء السلف وغيرهم من أنه لا ضير في أن يعزم الرجل على زيارة كل من قبر النبي - صلى الله عليه وسلم - ومسجده ". كذا قال.
والجواب أن نقول: إن زيارة قبر النبي - صلى الله عليه وسلم - من غير سفر سنة وليست بدعة ولم يقل أحد إنها إذا كانت على هذه الصفة بدعة ومروق أما السفر لزيارة قبره - صلى الله عليه وسلم - فهو بدعة لأنه لا يجوز السفر لأجل زيارة القبور لا قبر النبي - صلى الله عليه وسلم -?ولا قبر غيره من الأولياء والصالحين لقوله: - صلى الله عليه وسلم - لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد المسجد الحرام ومسجدي هذا والمسجد الأقصى وعملًا بهذا الحديث لم يكن السلف والأئمة الأربعة وغيرهم من الأئمة المقتدى بهم يسافرون من أجل زيارة القبور وقد أوغل الدكتور في الخطأ حين ادعى أن مذهب الجمهور من علماء السلف وغيرهم أنه لا ضير في أن يعزم الرجل على هذا فإن كان قصده العزم على السفر لزيارة قبر النبي - صلى الله عليه وسلم - فعلماء السلف ينهون عما نهى عنه الرسول - صلى الله عليه وسلم - من السفر لزيارة القبور عمومًا قبر النبي - صلى الله عليه وسلم -?وغيره ثم إن الدكتور خطأ شيخ الإسلام ابن تيمية في استدلاله بالحديث المذكور على منع السفر لزيارة القبور وسماه غلطًا عجيبًا انزلق فيه الشيخ حيث قال ويترتب على هذا الغلط العجيب الذي انزلق فيه ابن تيمية - رحمه الله - إن الإنسان لا يجوز له أن يشد الرحال إلى زيارة رحم أو إلى طلب علم أو إلى انتجاع رزق لأن هذه الأشياء كلها خارج المساجد الثلاثة ونحن نقول له بل الغلط العجيب ما انزلق اليه فهم الدكتور لأن الحديث الشريف يعني منع السفر إلى بقاع مخصوصة لأجل التعبد فيها أو عندها غير المساجد الثلاثة سواء كانت هذه البقاع مساجدَ أو قبورًا أو غيرها أما السفر لزيارة الرحم أو طلب العلم أو طلب الرزق فلم يدخل في مدلول الحديث أصلًا.
التعقيب الأربعون:
في ص241 قال عن سبب صبر الإمام أحمد على تحمل محنة القول بخلق القرآن وإنما كان سبب المحنة التي تعرض لها الإمام دون غيره هو ورعه الشديد الذي منعه أن يفصل ويفرق بين اللفظ والمعنى.
والجواب أن نقول له:
أولا: لم يكن الإمام أحمد وحده الذي تعرض لهذه المحنة بل شاركه في ذلك خلق كثير من العلماء منهم من قتل في ذلك ومنهم من عذب وأوذي لكن يظهر أن الدكتور لم يقرأ التاريخ.
ثانيًا: ليس هناك تفريق بين معنى القرآن ولفظه كلاهما كلام الله منزل غير مخلوق والتفريق بينهما بأن يقال المعنى غير مخلوق واللفظ مخلوق هذا قول المبتدعة لا قول أهل السنة فالإمام أحمد لم يفرق بينهما لأنه كغيره من الأئمة لا يرى فرقا بينهما ولا يعتقد عقيدة الأشاعرة.
التعقيب الواحد والأربعون وهو الأخير:
في ص256 - 257 استنكر الرد على كتاب الذخائر المحمدية لمحمد علوي مالكي وبيان ما فيه من الضلالات وقال: إن محمد علوي من أهل السنة والجماعة ولم يقرأ الناس في تأليفه وكتاباته ولم يروا في واقع حاله إلا ما يزيدهم ثقة باستقامة دينه وصلاح حاله وسلامة عقيدته.
والجواب: أن نقول له الواجب عليك أن تنظر محتويات كتب هذا الرجل وتعرضها على الكتاب والسنة وعلى عقيدة السلف لتعرف مدى مطابقتها أو مخالفتها لهذه الأصول ولا تعتمد على قراءة الناس وإنما تنظر أنت هل المعترض عليه مصيب أو مخطئ هذا ما يتطلبه الباحث المصنف الذي يحترم ما يقول ويكتب دون التهجم على من اعترض علوي قبل معرفة وجهة اعتراضه ثم هل كون الرجل من أهل السنة والجماعة ومن أهل الاستقامة هل ذلك يمنع من الاعتراض عليه إذا أخطأ؟
والله أعلم.
وصلى الله وسلم على نبيينا محمد وعلى آله وصحبه.
¥