ـ صوفي في زمن المهدي يبين مراتب الخلفاء:
قال ابن عبدربه في " العقد الفريد " ـ من كتاب أخبار الممرورين والمجانين ـ , قال العتبي: سمعت أباعبدالرحمن بشراً , يقول: كان في زمن المهدي رجل صوفي , وكان عاقلاً عالماً , فيجدّ ليجد السبيل إلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر , وكان يركب قصبة في كل جمعة يومين الأثنين والخميس.
فإذا ركب في هذين اليومين فليس لمعلم على صبيانه حكم ولا طاعة , فيخرج؛ ويخرج معه الرجال والنساء والصبيان , فيصعد تلاًّ وينادي بأعلى صوته: " ما فعل النبيون والمرسلون؟ أليسوا في عليين؟ فيقولون: بلى .... قال: هاتوا أبابكر الصديق ... فأخذ غلام فأُجلس بين يديه , فيقول: جزاك الله خيراً أبابكر من الرعية , فقد عدلت وقمت بالقسط وخلفت محمداً عليه الصلاة والسلام في حسن الخلافة , ووصلت حبل الدين بعد حل وتنازع , وفرغت منه إلى أوثق عرى وأحسن ثقة .... اذهبوا به إلى أعلى عليين.ثم ينادي: هاتوا عمر ... فأُجلس بين يديه غلام , فقال: جزاك الله خيراً أباحفص عن الإسلام , قد فتحت الفتوح , ووسعت الفيء , وسلكت سبيل الصالحين , وعدلت في الرعية .... اذهبوا به إلى أعلى عليين بحذاء أبي بكر.ثم يقول: هاتوا عثمان ... فأُتي بغلام فأُجلس بين يديه , فيقول له: خلطت في تلك السنين , ولكن الله تعالى يقول: {خلطوا عملاً صالحاً وآخر سيئاً عسى الله أن يتوب عليهم} , ثم يقول: اذهبوا به إلى صاحبيه في أعلى عليين.ثم يقول: هاتوا علي بن أبي طالب ... فأُجلس غلام بين يديه , فيقول: جزاك الله عن الأمة خيراً أبا الحسن , فأنت الوصي , وولي النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - , بسطت العدل , وزهدت في الدنيا , واعتزلت الفيء , فلم يخمش فيه ناب ولا ظفر , وأنت أبو الذرية المباركة , وزوج الزكية الطاهرة .... اذهبوا به إلى أعلى عليين الفردوس.ثم يقول: هاتوا معاوية ... فأُجلس بين يديه صبي , فقال له: أنت القاتل عمار بن ياسر , وخزيمة بن ثابت ـ ذا الشهادتين ـ , وحُجر بن الأدبر الكندي ـ الذي أخلفت وجهه العبادة ـ , وأنت الذي جعلت الخلافة ملكاً , واستأثر بالفيء , وحكم بالهوى , واستبطر بالنعمة , وأنت أول من غير سنة رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - , ونقض أحكامه , وقام بالبغي .... اذهبوا به فأوقفوه مع الظلمة.ثم قال: هاتوا يزيد ... فأُجلس بين يديه غلام , فقال له: يا قواد , أنت الذي قتلت أهل الحرة , وأبحت المدينة ثلاثة أيام , وانتهكت حرم رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - , وآويت الملحدين , وبؤت باللعنة على لسان رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - , وتمثلت بشعر الجاهلية:
ليت أشياخي ببدر شهدوا - جزع الخزرج من وقع الأسل
وقتلت حُسيناً , وحملت بنات رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - سبايا على حقائب الإبل .... اذهبوا به إلى الدرك الأسفل من النار.
ولا يزال يذكر والياً بعد والٍ , حتى بلغ عمر بن عبدالعزيز , فقال: هاتوا عمر ... فأُتي بغلام فأُجلس بين يديه , فقال: جزاك الله عن الإسلام خيراً , فقد أحييت العدل بعد موته , وألتت القلوب القاسية , وقام بك عمود الدين على ساق بعد شقاق ونفاق .... اذهبوا به فألحقوه بالصديقين.
ثم ذكر من كان بعده من الخلفاء .... إلى أن بلغ دولة بني العباس فسكت؛ فقيل له: هذا أبوالعباس أمير المؤمنين.
قال: فبلغ أمرنا إلى بني هاشم , فبلغ أمرنا إلى بني هاشم .... ارفعوا حساب هؤلاء جملة , واقذفوا بهم في النار جميعاً. اهـ.
قلت (الغماري): كان هذا المجذوب بحراً في السنة ومعرفة التاريخ وسير الخلفاء الراشدين رضي الله تعالى عنهم , والملوك الجبابرة بعدهم , فما أخطأ حرفاً مما كانوا عليه وماهم عند الله تعالى عليه , وكأنه كان يُعلِّم الصبيان والعوام ما يجب عليهم أن يعتقدوه فيهم حت ينزلوهم , ولا يقتدوا بالمبتدعة النواصبالذين يرفعون من قدر معاوية , ويدافعون عن ابنه اللعين.
ولا الشيعة الذين يتكلمون في الخلفاء الثلاثة الراشدين رضي الله تعالى عنهم أجمعين.
ومن خرج عن اعتقاد ما قاله هذا المجذوب العالم المنور القلب!!! فهو أحد رجلين:
ـ إما جاهل لا يعرف من العلم والتاريخ مثقال ذرة.
ـ أو مبتدع ينطوي قلبه على دَغل وغش للإسلام.
وغير هذا هوس لاطائل تحته ,,,,, والسلام.
قلت (الأنصاري): لقد وضع هذا المجذوب نفسه في مقام الربوبية (تعالى الله عما يقول الظالمون علواً كبيراً) , يدخل هذا في رحمته , وذاك في عذابه , ويذكرهم بما عملوه!!! ويركب التلال , ويجمع العوام من النساء والصبيان والشيوخ.
ثم أجد هذا الغماري يمتدح هذا المجنون , ويصفه بفرط الذكاء والمعرفة بتاريخ هذه الأمة , بل سماه بحر السنة!!!
إن هذا لتناقض عجيب , فالغماري نفسه قد ألف رسائل في تحريم تمثيل شخصيات الأنبياء والصحابة والصالحين , وأنكر على من يفعل هذا أشد الإنكار .....
ولكن عندما يأتي مجنون من مجانينه يتمثل الناس على صعيد ويدخل من يشاء الجنة ويقذف في النار من يشاء .... لا يتحرك لدى الغماري أي ساكن , ولا يستنكر!!! بل يمتدح ويعلي من شأن هؤلاء الفسقة المجرمين!!!! ويقول بأن من يخالف هذا الكلام عنده هوس!!!
ثم عجبت للغماري , كيف لم يلحظ بأن ابن عبدربه قد ذكر هذه القصة في أخبار المجانين , فهل ذهل عن ذلك.
إنه حقاً ..... لإمام حافظ بارع لم تنجب النساء مثله؟؟؟!!!!!
¥