تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ـ[محمد زياد التكلة]ــــــــ[26 - 12 - 04, 04:39 م]ـ

قلت:

تنبهتُ إلى أنه لم تُرَدّ دسيسة أحمد الغماري على الصحابي الجليل خال المؤمنين وكاتب الوحي ومجدد الفتوحات معاوية رضي الله عنه، إذ اتهمه بشرب الخمر عبر حكاية في المسند، فأقول:

أما من جهة الرواية:

فالحديث يرويه الحسين بن واقِد، ورواه عنه اثنان: ابنه علي، وزيد بن الحُباب.

فرواه أبوزرعة الدمشقي في تاريخه (2/ 677) ومن طريقه ابن عساكر (27/ 127) من طريق علي بن الحسين، عن أبيه، حدثني عبد الله بن بريدة، قال: "دخلت مع أبي على معاوية". انتهى.

وقال ابن أبي شيبة (11/ 94 - 95): حدثنا زيد بن الحُباب، عن حسين بن واقد، قال: حدثنا عبد الله بن بريدة، قال: دخلت أنا وأبي على معاوية، فأجْلَسَ أبي على السَّرير، وأَتَى بالطعام فأطْعَمنا، وأتَى بشرابٍ فشَرِبَ، فقال معاوية:"ما شيءٌ كنتُ أستَلِذَّهُ وأنا شابٌّ فآخُذُهُ اليومَ إلا اللَّبَنَ؛ فإني آخُذُه كما كنتُ آخُذُه قَبْلَ اليَومِ، والحديثَ الحَسَنَ".

ورواه أحمد عن زيد به، وجاءت عنده زيادة تفرد بها، وهي التي فرح بها الغماري:

فقال أحمد (5/ 347) ومن طريقه ابن عساكر (27/ 127): ثنا زيد بن الحُباب، حدثني حسين بن واقد، حدثنا عبد الله بن بُريدةَ، قال: دخلتُ أنا وأبي على معاوية، فأجلَسَنا على الفُرُش، ثم أُتِينا بالطعام، فأكَلْنا، ثم أُتينا بالشَّرابِ، فشَرِبَ معاوية، ثم ناوَلَ أَبي.

ثم قال: "ما شَرِبْتُه منذُ حَرَّمَه رسولُ الله صلى الله عليه وسلم".

ثم قال معاوية: "كنتُ أجمَلَ شَبابِ قُرَيْشٍ؛ وأَجْوَدَهُ ثَغْراً، وما شَيْءٌ كنتُ أَجِدُ له لَذَّةً كما كنتُ أجدُه وأنا شابُّ غيرَ اللَّبَنِ، أو إنسانٌ حَسَنِ الحديثِ يُحَدِّثُني".

وسنده رجاله ثقات في الظاهر، إلا أنه بهذا السياق معلول، بل هو منكر.

إذ ليس بالإمكان أن يَتَفَرَّدَ راوٍ بحديثٍ مرفوعٍ من طبقة زيد بن الحُباب، ولو كان أوثق الناس، فضلا عمَّن بعد ذلك.

ولا سيما أنَّ ابنَ الحسين بن واقد لم يرو الحديث المرفوع، ولا رواه عن زيد: ابنُ أبي شيبة، وأغلب الظن أن زيد قد وهم فيه، وقد ذُكرت له أوهام، وكذا شيخه، ولا سيما فيما يرويه عن ابن بريدة، ونقل أحد الإخوة كلام الإمام أحمد في ذلك فيما سبق.

ومن الواضح أن سياق القصة هكذا ناقص، وهناك محذوفٌ اللهُ أعلم به، أما رواية ابن أبي شيبة فلا إشكال فيها.

ثم هذه الزيادة قد استنكرها الهيثمي في مجمع الزوائد (5/ 42)

من جهة الدراية:

قول معاوية: "فوالله ما شربته" يعني المُسْكِر، وهذا استطرادٌ من معاوية لا تعلق له بما قبله ولا بعده، وقال المعلق على المسند (38/ 26 الرسالة): "ولعله قال ذلك لِما رأى من الكَراهة والإنكار في وجه بُريدة، لظنِّه أنه شرابٌ محرم، والله أعلم".

قلت: هذا تجويزٌ من قائله، ولم يَرِدْ في شيء من مصادر الخبر نَقْلُ كراهية بريدة أو إنكاره، فضلا عن ردِّه وامتناعه عما ناوله معاوية، ولو كان بُريدة رضي الله عنه يظن ذلك لما جلس هذا المجلس، ولَنَقَلَ ابنُه استفهامَه على أقل تقدير، ثم إن مما يتبادر للذهن أن الشراب هو اللبن، بدليل أن معاوية في سنّه هذه لا يُفَضِّلُ عليه غيره؛ كما في آخر الخبر، والله تعالى أعلم.

إلا أن آخر ما يمكن أن يُفهم هو أن معاوية شَرِبَ الخمر!! كيف وهو ينص في الخبر ذاته على أنه لم يشربها قط! وأنَّه عَلِمَ النَّهْيَ عنه مِنَ النبيِّ صلى الله عليه وسلم، وروى عنه حديثَ جلد الشارب ثلاثا، ثم قتله في الرابعة، ومن شدَّته في مسألة المسكر أنه أمر بقتل السكران إذا قَتَل، مع أن بعضهم لا يوقعه.

هذا ما يسر الله تحريره، لأني رأيتُ بعض الإخوة طلب الرد على هذه الفقرة، ولا دفاع عن أحد من الأمة أولى من الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين، ويا ليتنا نجد بعضهم يغار عليهم كغيرته على هلكى شيوخه.

ومما يتصل بموضوع معاوية تخريج حديث "اللهم اجعله هاديا مهديا" في معاوية: http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?p=124238#post124238

وتخريج حديث: "اللهم علمه الكتاب والحساب وقه العذاب" في معاوية أيضا: http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?p=124240#post124240

ـ[خالد الأنصاري]ــــــــ[26 - 12 - 04, 05:05 م]ـ

بسم الله الرحمن الرحيم

بارك الله فيك أخي الشيخ محمد , فقد كنت منذ مدة أبحث في طرق هذا الحديث وكلام الحفاظ عليه من حيث القبول أو الرد و الإعلال.

وأقول: لقد أمتعتنا بتخريجاتك وتعليقاتك؛ جزاك الله خيراً.

محبكم / خالد الأنصاري.

ـ[محمد زياد التكلة]ــــــــ[26 - 12 - 04, 10:18 م]ـ

وإياك أخي خالد ..

ما آخر أخبار الأستاذ محمود؟

ـ[خالد الأنصاري]ــــــــ[27 - 12 - 04, 01:54 ص]ـ

ما المسئول عنه بأعلم من السائل.

ـ[محمد زياد التكلة]ــــــــ[28 - 12 - 04, 10:10 م]ـ

الأستاذ محمود: رأينا منك حماسا عارما وطلبا جازما في البداية، ثم ..

على كل حال، إذا حصلت لديك ظروف وأردتَ الانسحاب أو ضده فأخبر جموع المترقبين .. وذلك من أجلك .. حتى يكون لكلامك نوع مصداقية وجدية عند الناس مستقبلا ..

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير