تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ونسوق بعض الأمثلة للتدليل على هذا الاتجاه الغالب على تفسير الإمام البغوي – رحمه الله – وهو حرصه على المأثور.

فمن ذلك أنه في بيانه لمعنى الصراط المستقيم يوضح ذلك من خلال آراء السلف، فيقول – رحمه الله -: قال ابن عباس وجابر: هو الإسلام، وهو قول مقاتل, وقال ابن مسعود: هو القرآن، وروي عن علي مرفوعاً: (الصراط المستقيم) كتاب الله، وقال سعيد بن جبير: هو طريق الجنة، وقال سهل بن عبدالله: طريق السنة والجماعة، وقال بكر بن عبدالله المزني: طريق رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقال أبو العالية والحسن: رسول الله وآله وصاحباه، وكذلك يصنع في بيانه لمعنى (الذين أنعمت عليهم) فيورد فهم وتفسير عكرمة وابن عباس وأبي العالية وعبدالرحمن بن زيد وشهر بن حوشب.

وفي هذا دليل على اعتماد البغوي – رحمه الله – على التفسير بالمأثور وهو اعتماد ظاهر في السور كلها، وإن كان هذا لا يعني أن تفسيره اقتصر على المأثور بل يستعين في فهم الآية باللغة العربية والمعقول من الاجتهاد.

وقد جرَّد البغوي – رحمه الله – تفسيره بالمأثور من رجال السند اختصاراً؛ لأنه ذكر طرقه في مقدمة التفسير ولكننا نجد أسماء أخرى لم يذكرها في مقدمته، فقد وردت بعض الآراء في تفسير الآيات عن جماعة من الصحابة والتابعين لم تُذكر أسماؤهم ولا طرق روايته عنهم في مقدمته التي استهل بها تفسيره، فمن هؤلاء: الربيع بن أنس، وابن مسعود، وعكرمة، وإبراهيم النخعي، والشعبي، وسعيد بن جبير، وإبراهيم بن أدهم وغيرهم.

كما أنه أحياناً لا يذكر الأسماء ويكتفي بأن يقول: قال أكثر المفسرين، أو قال سائر المفسرين, أو قال أهل التفسير, أو قيل كذا وكذا.

وكذلك فقد روى عمن ذكر أسانيده إليهم بإسناد آخر غير الذي ذكره في مقدمته، كما فعل في بعض ما نقله عن ابن عباس – رضي الله عنهما – حيث روى عنه بطرق أخرى غير التي ذكرها في مقدمته.

وبهذا نخلص إلى الأصول الأساسية التي اعتمدها البغوي – رحمه الله – في كتاب (معالم التنزيل) وهي:

1 – اعتماده على الكتاب والسنة فهو يفسر القرآن بالقرآن أو بالسنة النبوية مراعياً بذلك سياق السند وتحري الصحة والدقة.

2 – حرصه على المأثور من التفسير من أقوال الصحابة والتابعين ممن ذكر طرق الأخذ عنهم في المقدمة مع أخذه من آخرين لم يذكرهم وقد برز طابع المأثور في تفسيره بصورة ظاهرة وكان أميناً في نقله – رحمه الله – لآراء هؤلاء السلف دون ترجيح وقد يرجح فيما يختاره ويجد الدليل عليه.

3 - يعرض لرأي أهل السنة ولآراء مخالفيهم مع الإنتصار لرأي أهل السنة مدللاً عليه بالمنقول والمعقول كما عند قوله تعالى (لاتدركه الأبصار) الأنعام/103وغيرها كثير.

وبقية أصول منهجه في تفسيره كعنايته باللغة والنحو والقراءات وما يتعلق بالإسرائيليات والموضوعات، وما يتعلق بالعقيدة والمسائل الفقهيةلعل الله أن ييسر لي طرحها مستقبلاً إن شاءالله أو أحد الإخوة يقوم بذلك مأجوراً وبهذا نكون قد وقفنا على شيء من سيرة وحياة الإمام البغوي – رحمه الله – ومكانته العلمية وكذلك وقفنا على بعض جوانب منهجه في تأليفه لكتابه (معالم التنزيل) إلى غير ذلك، وأعتذر عن الإطالة إن وُجِدَتْ لأن المؤلِّف ومؤلَّفه من الأعلام البارزة التي قد يكون الاختصار في حقه – رحمه الله – أو في حق كتابه قد يكون اختصاراً مخلاً، وأحب أن أذكر أن الهدف من مثل هذه الوقفات السريعة هو التذكير بأمثال أولئك الأعلام-رحمهم الله- وجمعنا بهم مع نبينا محمد-صلى الله عليه وسلم- في مقعد صدق عند مليك مقتدر، وأرجوا من المشائخ الأفاضل والإخوة الكرام التعليق على أي ملحوظة أو خطأ ليستفيد الكاتب أولاً والقارئ ولكم جزيل الشكر والتقدير.

هذا والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين.


عوض احمد الناشري الشهري
المعيد بكلية الشريعة وأصول الدين - جامعة الملك خالد بأبها
http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?t=630

http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?p=2166#post2166

ـ[مسلم_92]ــــــــ[18 - 12 - 04, 12:54 ص]ـ
شيخنا الكريم بارك الله فيك وزادك علما.

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير