فليست آية المائدة كآية القلم، وإضافة اليدين لله تعالى صريحة واضحة لا تحتمل معنى آخر. أما ما ذكره ابن كثير فهو كما ذكر الإخوة السابقون ليس تأويلاً، وإنما هو ذكر لمقتضى اتصافه بهذه الصفة مع وصفها بالبسط.
ـ[د. هشام عزمي]ــــــــ[23 - 12 - 04, 08:37 م]ـ
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته،
لي سؤال يا شيوخنا كنت قد وضعته في موضوع سابق و لم يجبه أحد، لذا أنتهز فرصة وجود مشايخنا الأفاضل لأسألهم عنه:
يفهم من كلام السلف أن بسط اليدين و قبضهما ليس على الحقيقة بل هو فقط للدلالة على الكرم أو غيرها من المعاني، في حين أني أجد بعض شيوخنا من شراح متون العقيدة يؤكدون على كون البسط و القبض و الامساك و المسح و غيرها من أفعال اليد أفعال حقيقية مفهومة على حقيقتها.
و مما اربكني في الواقع كلام شيخ الإسلام في الجواب الصحيح عندما رد على اتهام النصارى للمسلمين بالتجسيم فهو يقول ج3 ص114 - 115 طبعة دار الحديث:
((الوجه الثاني: أن يقال ما ذكرتموه عن المسلمين كذب ظاهر عليهم، فهذا النظم الذي ذكروه ليس هو في القرآن ولا في الحديث، ولا يعرف عالم مشهور من علماء المسلمين ولا طائفة مشهورة من طوائفهم يطلقون العبارة التي حكوها عن المسلمين، حيث قالوا عنهم: " إنهم يقولون: إن لله عينين يبصر بهما، ويدين يبسطهما، وساقا، ووجها يوليه إلى كل مكان، وجنبا ".
ولكن هؤلاء ركبوا من ألفاظ القرآن بسوء تصرفهم وفهمهم تركيبا زعموا أن المسلمين يطلقونه.
وليس في القرآن ما يدل ظاهره على ما ذكروه فإن الله تعالى قال في كتابه: {وقالت اليهود يد الله مغلولة غلت أيديهم ولعنوا بما قالوا بل يداه مبسوطتان ينفق كيف يشاء} واليهود أرادوا بقولهم: " يد الله مغلولة " أنه بخيل، فكذبهم الله في ذلك وبين أنه جواد لا يبخل فأخبر أن يديه مبسوطتان كما قال: {ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك ولا تبسطها كل البسط فتقعد ملوما محسورا} فبسط اليدين المراد به الجواد والعطاء ليس المراد ما توهموه من بسط مجرد.
ولما كان العطاء باليد يكون ببسطها صار من المعروف في اللغة التعبير ببسط اليد عن العطاء.
فلما قالت اليهود يد الله مغلولة وأرادوا بذلك أنه بخيل كذبهم الله في ذلك وبين أنه جواد ماجد.
وإثبات اليدين له موجود في التوراة وسائر النبوات كما هو موجود في القرآن.
فلم يكن في هذا شيء يخالف ما جاءت به الرسل ولا ما يناقض العقل وقد قال تعالى لإبليس: {ما منعك أن تسجد لما خلقت بيدي} فأخبر أنه خلق آدم بيديه وجاءت الأحاديث الصحيحة توافق ذلك)).
فظاهر كلام شيخ الإسلام أن البسط ليس على حقيقته بل المراد به الجود و الكرم على ما هو معروف في اللغة .. فما هو توجيه شيوخنا الأفاضل في هذه القضية؟
ـ[حارث همام]ــــــــ[23 - 12 - 04, 08:55 م]ـ
أستاذنا الفاضل ودكتورنا الكريم، الحقيقة قسيمها المجاز فمن قال بالمجاز نفى الحقيقة، أما الكناية فأمر زائد على الحقيقة، وما قرره شيخ الإسلام وغيره هنا هو من قبيل الكناية، ولاينطبق عليه أي حد للمجاز، ولعل الرد أعلاه يبين الفرق بين الكناية وغيرها فلا حاجة لتكراره.
وفقكم الله ونفع بكم
وجزاكم الله خيراً.
ـ[أبو عمر السمرقندي]ــــــــ[24 - 12 - 04, 06:57 م]ـ
- السلام عليكم
الأخوة الأكارم حارث وهمام وأبو مجاهد وبقية الأخوة ... وفقهم الله
القضية المبحوثة هنا للمدارسة لا للتقرير.
القضية التي معنا هي: هل الذي ورد في سياق (الآية التي معنا) ذكر اليد الحقيقية أو الكناية عن الكرم (مع عدم نفي اليد).
بمعنى هل أراد اليهود الكلام على يد الله تعالى أو أرادوا التكلُّم عن صفة البخل.
فردَّ الله عليهم بأنه ليس ببخيل بكنايةٍ تعرفها العرب في كلامها، وهي أن يداه مبسوطتان، وهي الكناية عن الكرم والجود.
وفي ضمنه (لا أصله) إثبات اليدين له تعالى؛ لأنَّ ما لا يصلح وصفه حقيقة لا يصلح وصفه مجازاً.
وبارك الله فيكم
ـ[أبو عبد المعز]ــــــــ[24 - 12 - 04, 07:59 م]ـ
الاخ السمرقندي وفقه الله:
اراد اليهود-لعنهم الله- صفة البخل .. لأن قوة الجملة فى اللغة العربية فى الخبر لا فى المبتدأ .. لذلك منعوا الابتداء بالنكرة المحضة .. لأن المفروض ان يكون المبتدأ معهودا عند المخاطب .. وجوزوا ان يكون الخبر نكرة .. لأنه هذا شأنه .. وهو غير معروف عند المخاطب .. ولو كان معروفا لكان الخبر بلا فائدة ..
فقولهم الذى حكاه الله عنهم: يد الله مغولة .. قصدهم فيه الاخبار بصفة مغلولة .. لا صفة اليد .. التي هي بمقتضى البلاغة العربية معهودة عند المخاطب ..
ـ[أبو بيان]ــــــــ[24 - 12 - 04, 11:01 م]ـ
وممَّا يفيد أيضاً:
أنه لا يُوصَف بغِلِّ اليد في كلام العرب إلا من كانت له يدٌ على الحقيقة, ومن ثَمَّ فكلام ابن كثير صحيح في مَحَلِّه؛ إذ لازمُه إثبات الصفة, ثم هو يثبت هذه الصفة في غيرما موضع كما ذكر الإخوة.
أمَّا قول اليهود -لعنهم الله- فالمُراد به وصف الله تعالى بالبخل, تعالى الله عمَّا يصفون؛ ولذا جاء الردُّ عليهم بإثبات نقيض دعواهم: {بل يداه مبسوطتان ينفق كيف يشاء} , كما يدل على ذلك سبب النزول أيضاً- لو رُوجِع في أي كتاب تفسير-.
¥