تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

أن نقول: نفس الحديث المحتج به دل على أن لأهل الجنة رؤية في مواطن عديدة فإنه {قال: وأعلى أهل الجنة منزلة من يرى الله كل يوم مرتين غدوة وعشية} فإذا كانت هذه للأعلى فمفهومه أن الأدنى له دون ذلك ولا يجوز أن يقصر ما دون ذلك على " رؤية الجمعة " لأنه لا دليل عليه؛ بل يجوز أن يراه بعضهم كل يوم مرة وبعضهم كل يومين مرة وبعضهم أكثر من ذلك والحكمة تقتضي ذلك؛ فإن " يوم الجمعة يشترك فيه جميع الرجال من الأعلين والمتوسطين ومن دونهم. وكل يوم مرتين للأعلين فالذين هم فوق الأدنين ودون الأعلين لا بد أن يميزوا عمن دونهم؛ كما نقصوا عمن فوقهم. الجواب الثالث أنه قد جاءت الأحاديث برؤية الله في غير هذين الموطنين منها: ما رواه ابن ماجه في " سننه " والدارقطني في " الرؤية " عن الفضل بن عيسى بن المنكدر عن جابر بن عبد الله قال: {قال رسول الله صلى الله عليه وسلم بينا أهل الجنة في نعيمهم إذ سطع لهم نور فرفعوا رءوسهم فإذا الرب تبارك وتعالى أشرف عليهم فقال: السلام عليكم يا أهل الجنة وهو قول الله: {سلام قولا من رب رحيم} فلا يلتفتون إلى شيء مما هم فيه من النعيم ما دام الله بين أظهرهم حتى يحتجب عنهم وتبقى فيهم بركته ونوره}

ورويناه من طريق أخرى معروفة إلى سلمة بن شبيب حدثنا بشر بن حجر حدثنا عبد الله بن عبيد الله عن محمد بن المنكدر عن جابر قال: {قال رسول الله صلى الله عليه وسلم بينما أهل الجنة في ملكهم ونعيمهم إذ سطع لهم نور فرفعوا رءوسهم فإذا الرب تبارك وتعالى قد أشرف عليهم من فوقهم فيقول: السلام عليكم يا أهل الجنة فذلك قوله تبارك وتعالى: {سلام قولا من رب رحيم} فينظرون إليه وينظر إليهم فلا يلتفتون إلى شيء من الملك والنعيم حتى يحتجب عنهم قال: فيبقى نوره وبركته عليهم وفي ديارهم}. وهذه الطريق تنفي أن يكون قد تفرد به الفضل الرقاشي وهذا الحديث بعمومه يقتضي أن جميعهم يروونه لكن لم يستدل به ابتداء لأن في إسناده مقالا والمقصود هنا أنه قد روى ذلك وهو ممكن ولا سبيل إلى دفعه في نفس الأمر والعمومات الصحيحة تثبت جنس ما أثبته هذا الحديث. وأيضا فالحديث الصحيح {إذا دخل أهل الجنة الجنة نادى مناد يا أهل الجنة إن لكم عند الله موعدا يريد أن ينجزكموه فيقولون: ما هو؟ ألم يبيض وجوهنا ويثقل موازيننا ويدخلنا الجنة ويجرنا من النار؟ فيكشف الحجاب فينظرون إليه فما أعطاهم شيئا أحب إليهم من النظر إليه}. فهذا ليس هو نظر الجمعة؛ لأن هذا عند الدخول ولم يكونوا ينتظرونه ولا اجتمعوا لأجله ونظر الجمعة يقدمون إليه من منازلهم ويجتمعون لأجله كما جاءت به الأحاديث وبين هذا التجلي وذاك فرق تدل عليه الأحاديث؛ ولا هذا التجلي من المرتين اللتين تختص بالأعلين بل هو عام لمن دخل الجنة كما دل عليه الحديث موافقا لقوله: {للذين أحسنوا الحسنى وزيادة} - {أولئك أصحاب الجنة}. وأيضا فقد جاء موقوفا على ابن عباس وعن كعب الأحبار مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم {أنهم يرونه في كل يوم عيد}. وأيضا فقد ثبت بالنصوص المتواترة في عرصات القيامة قبل دخول الجنة أكثر من مرة وهذا خارج عن المرتين؛ إلا أن يقال: وإن كان لم يقل: ولا في سؤال السائل ما يدل عليه فهو مبطل لحصره قطعا ومن أراد أن يحترز عنه يصوغ السؤال على غير ما تقدم وإنما صغناه كما أورد علينا. وأيضا فقد قال تعالى: {فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين} {قال النبي صلى الله عليه وسلم يقول الله: أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر} فكيف يمكن أن يقال:

إن من سوى الأعلين لا يرى الله قط إلا في الأسبوع مرة؟ ويقضي ذلك الدليل على ما قد أخفاه عن كل نفس؛ ونفى علمه من كل عين وسمع وقلب وفرق بين عدم العلم والعلم بالعدم. وبين عدم الدليل؛ والدليل على العدم فإذا لم يكن مع الإنسان فيما سوى الموطن سوى عدم العلم وعدم الدليل لم يكن ذلك مانعا من موجب الدليل العام بالاضطرار وبالإجماع. ونكتة الجواب الأول أن النبي صلى الله عليه وسلم. إذا قال: إن أهل الجنة يرون الله تعالى وفسر به قوله تعالى {للذين أحسنوا الحسنى وزيادة} إلى قوله: {أولئك أصحاب الجنة هم فيها خالدون} فأعلمنا بهذا أن أصحاب الجنة لهم " الزيادة " التي هي

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير