تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

أحدها: أن الذين ميزوا برؤية كل يوم مرتين شركوا الباقين في رؤية يوم الجمعة فصار لهم النوعان جميعا؛ فإذا كان فضلهم بالنوعين جميعا فما المانع في أن بعض من دونهم يشركهم في " الجمعة " دون " رؤية الغداة والعشي " والبعض الآخرون يشركونهم في " الغداة والعشي " دون " الجمعة " ولا يكون من له الغداة والعشي دون الجمعة أعلى مطلقا؛ وإنما الأعلى مطلقا الذي له الجميع. لكن قد يقال: يلزم على هذا أن يكون النساء أعلى ممن له الجمعة دون " البردين " من الرجال فيقال: قد لا يلزم هذا؛ بل قد تكون الجمعة وحدها أفضل من " البردين " وحدهما. وقد يقال: فهب أن الأمر كذلك. أكثر ما فيه تفضيل النساء على مفضول الرجال وهذا الاحتمال وإن كان ممكنا؛ لكن يبعد أن تكون كل امرأة تدخل الجنة أفضل ممن لا يرى الله كل يوم مرتين؛ فإن ذلك مستلزم أن يكون مفضول النساء أفضل من مفضول الرجال فيترك هذا الاحتمال ويقتصر على الذي قيل وهو: أن الأعلى مطلقا الذي له المرتان مع الجمعة وإنما لزم هذا لأنا نتكلم بتقدير أن لا رؤية إلا هذين؛ ولا ريب أن هذا التقدير باطل قطعا. (الوجه الثاني: أنه من أين لكم أن " الرؤية كل يوم مرتين " أفضل من " رؤية الجمعة "؟ نعم هي أكثر عددا لكن قد يفضل ذلك في الكيفية فيكون أحد النوعين أكثر عددا والآخر أفضل نوعا: كدينار وخمسة دراهم ولا ريب أن هذا ممكن إمكانا قريبا؛ فإن الله يثيب عبده على: {قل هو الله أحد} مع قلة حروفها بقدر ما يثيبه على ثلث القرآن. وإذا كان الأمر كذلك. فيمكن في حق من حرم الأفضل في نوعه أن يعطى النوع المفضول وإن كثر عدده سواء كان فاضل النوع أفضل مطلقا أو كانا متكافئين عند التقابل؛ وفي أحاديث المزيد ما يدل على هذا؛ فإنهم يرجعون إلى أهليهم وقد ازدادوا حسنا وجمالا فيقولون: إنا جالسنا اليوم ربنا الجبار فيحق لنا أن ننقلب بمثل ما انقلبنا به. وفي حديث آخر: {فليسوا إلى شيء أحوج منهم إلى يوم الجمعة ليزدادوا نظرا إلى ربهم ويزدادوا كرامة}. ومن تأمل سياق " الأحاديث المتقدمة " علم أن التجلي يوم الجمعة له عندهم وقع عظيم لا يوجد مثله في سائر الأيام؛ وهذا يقتضي أن هذا النوع أفضل من الرؤية الحاصلة كل يوم مرتين وإن كانت تلك أكثر فإذا منع النساء من هذا الفضل لم يلزم أن يمنعن مما دونه وهذا بين لمن تأمله. (الوجه الثالث: هب أن رؤية الله كل يوم مرتين أفضل مطلقا من رؤية الجمعة فلا يلزم حرمانهن من الثواب المفضول حرمان ما فوقه مطلقا؛ وذلك أن العبد قد يعمل عملا فاضلا يستحق به أجرا عظيما ولا يعمل ما هو دونه فلا يستحق ذلك الأجر وما زال الله سبحانه يخص المفضولين من كل صنف بخصائص لا تكون للفاضلين وهذا مستقر في الأشخاص من الأنبياء والصديقين وفي الأعمال.

ولو كان العمل الفاضل يحصل به جميع المفضول مطلقا لما شرع المفضول في وقت؛ فلا يلزم من إعطاء الأعلى إعطاء الأدنى مطلقا ولا يلزم منه منع الأعلى مطلقا فهذا ممكن إمكانا شرعيا في عامة الثوابات ألا ترى أن الذين في الدرجات العلى من أهل الجنة لا يعطون الدرجات الدنى ثم لا يكون هذا نقصا في حقهم؛ فإن الله سبحانه يرضي كل عبد بما آتاه فجاز أن يكون قد أرضى النساء بأعلى " الرؤية " عن مجموع أعلاها وأدناها. والذي يؤيد هذا أنه من الممكن أن تكون رؤية الجمعة جزاء على عمل الجمعة في الدنيا؛ ورؤية الغداة والعشي جزاء على عمل الغداة والعشي فهذا ممكن في العقل وإن لم يجئ به خبر؛ وإذا كان ممكنا لم يلزم من منعهن " رؤية الجمعة " لعدم المقتضي فيهن منعهن " رؤية البردين " مع قيام المقتضي فيهن. ومن الممكن في العقل أنهن إنما لم يشهدن رؤية الجمعة لأنه مجتمع الرجال. والغيرة في الجنة؛ ألا ترى {أن النبي صلى الله عليه وسلم لما رأى الجنة ورأى قصرا وعلى بابه جارية قال: فأردت أن أدخل فذكرت غيرتك فقال عمر: أعليك أغار؟.} والله أعلم بحقائق الأمور فإذا كان كذلك فهذا منتف في رؤية الغداة والعشي؛ لأن تلك الرؤية قد تحصل وأهل الجنة في منازلهم. ثم هذا من الممكن أن " الرؤية جزاء العمل " فإنه قد جاء في الأخبار ما يدل على أن الرؤية يوم الجمعة ثواب شهود الجمعة؛ بدليل أن فيها يكونون في

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير