والحقيقة المؤلمة أنني لم أجد للكاتب في هذا القول سلفا، مع خطورة القضية ووجود نص صحيح صريح فيها، وكثرة بحث أهل العلم لها، واختلافهم في تكفير الساب، مما يجعل توضيح القضية واجبا عليهم، فهم مطبقون على أن كل ما يسمى سبا يحرم التلفظ به في جانب الصحابة،وعدوه كبيرة من الكبائر، وفصلوا أنواع السب تفصيلا بينا، فلو كان السب المحرم في جانب الصحابة هو اللعن فقط ولم يبينه هؤلاء العلماء وينصوا عليه لكانوا للعلم كاتمين ولعباد الله ظالمين إذ كفروهم بغير مكفر، وفسقوهم بغير ذنب.
===========
وهذه نصوصهم على خلاف ما ذكر الكاتب. وفي تفسير القرطبي
"وقيل لمالك بن أنس رضي الله عنه من السفلة قال الذي يسب الصحابة "
تفسير القرطبي 9/ 24
: قال الإمام أحمد رحمه الله: " لا يجوز لأحد أن يذكر شيئا من مساوئهم، ولا يطعن على أحد منهم بعيب ولا بنقص، فمن فعل ذلك وجب على السلطان تأديبه وعقوبته، ليس له أن يعفو عنه، بل يعاقبه ويستتيبه، فإن تاب قبل منه، وإن ثبت عاد عليه بالعقوبة، وخلده الحبس حتى يموت أو يرجع ". طبقات الحنابلة 1/ 24
السنة للخلال.
وقال أبو عبدالله من تنقص أحدا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا ينطوي إلا على بلية وله خبيئة سوء إذا قصد إلىخير الناس وهم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم حسبك
وفي الكفاية للخطيب البغدادي:
" أخبرنا أبو منصور محمد بن عيسى الهمذاني ثنا صالح بن احمد الحافظ قال سمعت أبا جعفر أحمد بن عبدل يقول سمعت احمد بن محمد بن سليمان التستري يقول سمعت أبا زرعة يقول إذا رأيت الرجل ينتقص أحدا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فاعلم أنه زنديق وذلك أن الرسول صلى الله عليه وسلم عندنا حق والقرآن حق وانما أدى إلينا هذا القرآن والسنن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وانما يريدون أن يجرحوا شهودنا ليبطلوا الكتاب والسنة والجرح بهم أولى وهم زنادقة "
الكفاية في علم الرواية ج 1 ص 51
وقال الإمام أبو نعيم رحمه الله: " فلا يتتبع هفوات أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وزللهم ويحفظ عليهم ما يكون منهم حال الغضب والموجدة إلا مفتون القلب في دينه ". (الإمامة لأبي نعيم 344).
قال البهيقي رحمه الله:
"وإذا ظهر أن حب الصحابة من الإيمان فحبهم أن يعتقد فضائلهم ويعترف لهم بها ويعرف لكل ذي حق منهم حقه ولكل ذي غناه في الإسلام منهم غناه ولكل ذي منزلة ثم رسرل الله ص منزلته وينشر محاسنهم ويدعو بالخير لهم ويقتدي بما جاء في أبواب الدين عنهم ولا يتبع زلاتهم وهفواتهم وتعمد تخير أحد منهم ببنيه عنه ويسكت عما لا تقع ضرورة إلىالخوض فيه مما كان بينهم وبالله التوفيق
عن أبي بكر بن عياش في أوصاف أهل السنة والجماعة ومن كف عن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فيما اختلفوا فيه فلم يذكر أحدا منهم إلا بخير "
شعب الإيمان 2/ 192
قال شيخ الإسلام:
"قال القاضي: ابو يعلى فقد اطلق القول فيه أنه يكفر بسبه لاحد من الصحابة وتوقف في رواية عبد الله وابي طالب عن قتله وكمال الحد وايجاب التعزير يقتضي أنه لم يحكم بكفره قال فيحتمل أن يحمل قوله ما اراه على الاسلام اذا استحل سبهم بأنه يكفر بلا خلاف ويحمل اسقاط القتل على من لم يستحل ذلك بل فعله مع اعتقاده لتحريمه كمن ياتي المعاصي قال ويحتمل أن يحمل قوله ما اراه على الاسلام على سب يطعن في عدالتهم نحو قوله ظلموا وفسقوا بعد النبي واخذوا الامر بغير حق ويحمل قوله في اسقاط القتل على سب لا يطعن في دينهم نحو قوله كان فيهم قلة علم وقلة معرفة بالسياسة والشجاعة وكان فيهم شح ومحبة للدنيا ونحو ذلك قال ويحتمل أن يحمل كلامه على ظاهره فتكون في سابهم روايتان احداهما يكفر والثانية يفسق وعلى هذا استقر قول القاضي وغيره حكوا في تكفيرهم روايتين.
الصارم المسلول ج: 3 ص: 1065
قال القرطبي في تفسيره:
"الخامسة روى أبو عروة الزبيري من ولد الزبير كنا عند مالك بن أنس فذكروا رجلا ينتقص أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقرأ مالك هذه الآية محمد"
ثم قال _ بعد أن ذكر الأدلة المحرمة لسبهم ـ:
"والأحاديث بهذا المعنى كثيرة فحذار من الوقوع في أحد منهم"
تفسير القرطبي ج16/ص298
قال القرطبي:
¥