لا يجوز الاحتجاج بخبره إذا انفرد لأنه لم يتبين عندنا عدالته فيقبل ما انفرد به وذاك أنه قليل الحديث لم يتهيأ اعتبار حديثه بحديث غيره لقلته فيحكم له بالعدالة أو الجرح ولا يتهيأ إطلاق العدالة على من ليس نعرفه بها يقينا فيقبل ما انفرد به فعسى نحل الحرام ونحرم الحلال برواية من ليس بعدل أو نقول على رسول الله صلى الله عليه وسلم ما لم يقل اعتمادا منا على رواية من ليس بعدل عندنا كما لا يتهيأ إطلاق الجرح على من ليس يستحقه بإحدى الأسباب التي ذكرناها من أنواع الجرح في أول الكتاب وعائذ بالله من هذين الخصلتين أن نجرح العدل علم أو نعدل المجروح يقين ونسأل الله الستر
المجروحين ج: 2 ص: 27 ـ المجروحين ج: 2 ص: 28
وقال:
وأماشرطنا في نقلة ما أودعناه كتابنا هذا من السنن، فإنا لم نحتج فيه إلا بحديث اجتمع في كل شيخ من رواته خمسة أشياء:
الأول العدالة في الدين بالستر الجميل.
والثاني الصدق في الحديث بالشهرة فيه.
والثالث العقل بما يحدث من الحديث.
والرابع العلم بما يحيل من معاني ما يروي.
والخامس المتعرى خبره عن التدليس. فكل من اجتمع فيه هذه الخصال الخمس، احتججنا بحديثه وبنينا الكتاب على روايته، وكل من تعرى عن خصلة من هذه الخصال الخمس لم نحتج به، والعدالة في الإنسان: هو أن يكون أكثر أحواله طاعة الله، لأنا متى ما لم نجعل العدل إلا من لم يوجد منه معصية بحال؛ أدانا ذلك إلى أن ليس في الدنيا عدل، إذ الناس لا تخلو أحوالهم من ورود خلل الشيطان فيها، بل العدل من كان ظاهر أحوله طاعة الله، والذي يخالف العدل من كان كثر أحواله معصية الله.
صحيح ابن حبان 1/ 151
لكن المنهج الذي انتهجه ابن حبان أنه أورد في كتابه الثقات كل من لا يعلم فيه جرحا.
واتضح ذلك من خلال كلامه في الرجال عندما اتهم عكرمة بن عمار بالكذب.
قال في ص 111
"هذا حديث معلول المتن، وفي سنده متهم بالكذب، رغم أنه في صحيح مسلم، فقد أعله العديد من أهل العلم، منهم ابن حزم وابن الجوزي اللذان جزما بإن الحديث موضوع، واتهما أحد رواته (عكرمة بن عمار) بالكذب.
قال كاتب المقال عفا الله عنه:
عكرمة بن عمار لم يتهمه أحد من أئمة الحديث بالكذب إطلاقا، ونحن نقول أئمة الحديث فإن ابن حزم وإن كان إماما في كثير من العلوم إلا أنه لم يكن عالما بعلم الجرح والتعديل ولذلك كثر خطأه في الكلام على الرجال وابن حزم وحده هو الذي اتهم عكرمة بن عمار بالكذب وقد رد عليه ابن الصلاح ردا قويا كما سيأتي في ترجمة عكرمة.
أما حال عكرمة بن عمار فقد لخصها الذهبي بقوله:
عكرمة بن عمار الحنفي اليمامي عن الهرماس وله صحبة وعن طاووس وجماعة وعنه شعبة والقطان وعبد الرزاق ثقة إلا في يحيى بن أبي كثير فمضطرب وكان مجاب الدعوة مات 159 م 4
الكاشف ج 2 /ص 33
هذه خلاصة كلام أهل العلم فيه وقد فصل الحافظ ابن حجر كلامهم فيه فقال:
"عكرمة بن عمار العجلي أبو عمار اليمامي بصري روى عن الهرماس بن زياد وله صحبة .. قال عبد الله بن أحمد بن حنبل عن أبيه عن عكرمة مضطرب الحديث عن يحيى بن أبي كثير وقال أيضاعن أبيه عكرمة مضطرب الحديث عن غير إياس بن سلمة وكان حديثه عن إياس صالحا وقال أبو زرعة الدمشقي سمعت أحمد يضعف رواية أيوب بن عتبة وعكرمة بن عمار عن يحيى بن أبي كثير وقال عكرمة أوثق الرجلين وقال الفضل بن زياد سألت أبا عبد الله هل كان باليمامة أحد يقدم على عكرمة اليمامي مثل أيوب بن عتبة وملازم بن عمرو وهؤلاء فقال عكرمة فوق هؤلاء أو نحو هذا ثم قال روى عنه شعبة أحاديث وقال معاوية بن صالح عن يحيى بن معين ثقة وقال الغلابي عن يحيى ثبت وقال بن أبي خيثمة عن بن معين صدوق ليس به بأس وقال أبو حاتم عن بن معين كان أميا وكان حافظا وقال عثمان الدارمي قلت لابن معين أيوب بن عتبة أحب إليك أو عكرمة بن عمار فقال عكرمة أحب إلي وأيوب ضعيف وقال بن المديني أحاديث عكرمة عن يحيى بن أبي كثير ليست بذاك مناكير كان يحيى بن سعيد يضعفها وقال في موضع آخر كان يحيى يضعف رواية أهل اليمامة مثل عكرمة وضربه وقال محمد بن عثمان بن أبي شيبة عن علي بن المديني كان عكرمة عند أصحابنا ثقة ثبتا وقال العجلي ثقة يروي عنه النضر بن محمد ألف حديث وقال البخاري مضطرب في حديث يحيى بن أبي كثير ولم يكن عنده كتاب وقال الآجري عن أبي
¥