ـ[عبد الله الشنقيطي]ــــــــ[03 - 02 - 05, 04:04 ص]ـ
بعد أن بينا في الحلقة الماضية مدا جهل الكاتب بقواعد علم الحديث النظرية، نبين في هذه الحلقة ما ترتب على ذلك من جهل بتطبيقها، وهذا الجانب يتناول ثلاثة محاور الأول منها طريقة تخريجه للأحاديث، والثاني منها حكمه عليها، والثلاث منها قلة الأمانة العلمية في نقله لكلام أهل العلم حول بعضها.
أولا تخرجه للأحاديث تخريج من لم يعرف كيفية التخريج فتارة يخرج من كتب التاريخ وتارة من كتب الشروح وتارة من كتب المجاميع أي الكتب التي جمعت كتبا معينة مع حذف أسانيدها، وحتى عندما يخرج من الكتب الأصول لا تجد له منهجا معينا فتراه مثلا يخرج حديثا في صحيح مسلم من بن حبان ولا يشير إلى أنه في مسلم وتراه مرة أخرى يخرج حديثا من الأصول ومعها الكتب لتي ليست أصولا فيقدمها عليها في التخريج.
فحديث كلاب الحوأب خرجه من سير أعلام النبلاء.
إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ذات يوم: كيف بإحداكن تنبح عليها كلاب الحوأب؟ «.
حديث صحيح.انظر: سير أعلام النبلاء 2/ 177ـ 178
وأحد روايات قصة سعد بن أبي وقاص مع معاوي، أخرجه من فتح الباري.
وعند أبي يعلى عن سعد من وجه آخر لا بأس به قال: لو وضع المنشار على مفرقي على أن أسب عليا ما سببته أبدا «
فتح الباري 7/ 74
وحديث المغفرة لأهل بدر خرج من شرح المبارك فوري للترمذي وفتح الباري والتمهيد.
لن يدخل النار أحد شهد بدرا
رواه أحمد بإسناد على شرط مسلم، انظر المباركفوري: تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي 9/ 142وابن عبد البر: التمهيد لما في الموطإ من المعاني والأسانيد 6/ 355 وفتح الباري 7/ 305
وحديث قل الحق ولوكان مرا خرجه من مجمع الزوائد وهو كما يعلم كل طلاب علم الحديث ليس تخريجا.
مجمع الزوائد 7/ 265 وقال الهيثمي: "رواه الطبراني في الصغير، والكبير بنحوه … ورجاله رجال الصحيح غير سلام أبي المنذر، وهو ثقة، ورواه البزار"
وحديث دعاء الرسول صلى الله عليه وسلم الهداية أخرجه من ابن حبان مع أنه في مسلم دون أن يشير إلى ذلك.
"اللهم رب جبريل وميكائيل وإسرافيل، فاطر السماوات والأرض، عالم الغيب والشهادة، أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون .. اهدني لما اختُلف فيه من الحق، فإنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم"
صحيح ابن حبان 6/ 335
وحديث القضاة، أخرجه من كتب أصلية وثانوية فمثلا كتاب الترمذي كتاب أصلى في التخريج فهو كتاب راية يروي بالإسناد وكتب البيهقي كتب تروي من كتب الرواية فهو قدم الثانوي في التخريج على الأصلي.
"القضاة ثلاثة: قاضيان في النار، وقاض في الجنة. رجل علم الحق وقضى به فهو في الجنة، ورجل قضى للناس على جهل، فهو في النار، ورجل علم الحق وقضى بخلافه فهو في النار"
، وحديث "القضاة ثلاثة .. " رواه بألفاظ مختلفة: الحاكم 4/ 101 والبيهقي في الكبرى 10/ 117 وفي الشعب 6/ 73 والترمذي 3/ 613 والطبراني في الأوسط 7/ 39 وفي الكبير 2/ 21
كل ما مر نماذج وليس هو جميع ما أخطأ فيه في طريقة التخريج بل كل تخريجاته من هذا المعجن.
وأما المحور الثاني وهو أخطاءه في حكمه على بعض الأحاديث.
إيراده لبعض الآثار والأحاديث الضعيفة ناسفا بذلك ما قرره في القاعدة الأولى من قواعده وهي التثبت في النقل والرواية، ونساق مع ما حذر منه من خلط الوقائع بالمشاعر، والسكوت على الضعيف ما دام يؤيد رأي.
من ذلك قبوله لأثر عائشة في فقصة تسمية الناس القتال الأول بيوم الجمل.
قال عن عائشة في ص 137
"محمد بن قيس قال ذكر لعائشة يوم الجمل، قالت والناس يقولون يوم الجمل؟ قالوا: نعم قالت: وددت أني جلست كما جلس أصحابي، فكان أحب إلي من أن أكون ولدت من رسول الله صلى الله عليه وسلم عشرة، كلهم مثل عبد الرحمن بن هشام وعبد الله الزبير "
هذا الأثر قال عنه الحافظ بن حجر بعد أن ساقه
وفي سنده أبو معشر نجيح المدني وفيه ضعف
فتح الباري ج 13 ص 55
ومن الأخطاء الحديثية في الحكم على الحديث تصحيحه لقصة الوليد بن عقبة مع بن المصطلق وأنها سبب نزول قوله تعالى يأيها الذين آمنوا إنجاءكم فاسق بنبأ.
قال في ص 196 ـ 197
¥