"وقد تمسك الرافضة بتأخر علي عن بيعة أبي بكر إلى أن ماتت فاطمة وهذيانهم في ذلك مشهور وفي هذا الحديث ما يدفع في حجتهم وقد صحح بن حبان وغيره من حديث أبي سعيد الخدري وغيره أن عليا بايع أبا بكر في أول الأمر وأما ما وقع في مسلم عن الزهري أن رجلا قال له لم يبايع على أبا بكر حتى ماتت فاطمة قال لا ولا أحد من بني هاشم فقد ضعفه البيهقي بإن الزهري لم يسنده وأن الرواية الموصولة عن أبي سعيد أصح وجمع غيره بأنه بايعه بيعة ثانية مؤكدة للأولى لإزالة ما كان وقع بسبب الميراث كما تقدم وعلى هذا فيحمل قول الزهري لم يبايعه علي في تلك الأيام على إرادة الملازمة له والحضور عنده وما أشبه ذلك فإن في انقطاع مثله عن مثله ما يوهم من لا يعرف باطن الأمر أنه بسبب عدم الرضا بخلافته فأطلق من أطلق ذلك وبسبب ذلك أظهر على المبايعة التي بعد موت فاطمة عليها السلام لإزالة هذه الشبهة ".
والمؤاخذات على تصرف الكاتب في هذا النص في نقطتين.
أولا لم يسق الكاتب النص في سياقه بل بتر منه ما أراد ليبني عليه حكمه وهو تضعيف الحافظ ابن حجر للحديث، فسياق النص لا يخدم فكرة تضعيف ابن حجر للحديث إذ هو في سياق رده على الرافضة استدلالهم بحديث البخاري في تأخر علي رضي الله عنه في بيعة أبي بكر وأنه كان يطلب حقه في الإمامة التي أخذها منه أبو بكر والصحابة الآخرين، ثم يستشهد الحافظ ابن حجر عليهم بالحديث الذي ذكر عن ابن حبان أنه صححه.
النقطة الثاني أن الحافظ لم يترك العهدة في تصحح الحديث على ابن حبان كما زعم الكاتب، بل في النص الذي نقل عنه الكاتب قال فيه " وقد صحح بن حبان وغيره" ويا سبحان الله أنا غابت هذه اللفظة عن الكاتب حتى يزعم أن الحافظ ترك العهدة على ابن حبان مع أنه ذكر معه غيره مما يدل على أنا الحافظ لم يترك العهدة على بن حبان وحده.
وقد ذكر الحافظ ابن حجر في الجزء الذي بتر الكاتب من كلامه تصحيح البيهقي للحديث ورده به كلام الزهري أن عليا وبني هاشم لم يبايعوا عليا مدة حيات فاطمة.
وتصرف الحافظ مع الحديث يدل على تصحيحه له، فلم يرده بحديث البخاري بل جمع بينها ولو كان ضعفا عنه لما جمع بينهما ولبين ضعفه ومعارضته لما في البخاري والأصل في العالم إذا نقل عن أحد من أهل العلم تصحيح حديث ولم يتعقبه أنه موافقا له في تصحيحه.
تنبيه لم أجد هذا الحديث في صحيح ابن حبان الذي بين أيدينا، ولم يعزه له ابن كثر فلينتبه لذلك.
والحديث في المستدرك على الصحيحين ج 3 ص 80 ـ سنن البيهقي الكبرى ج 8 ص 143.
ومن قلة أمانته العلمية في نقل كلام أهل العلم في الحديث إيهام القارئ أن ابن تيمية يضعف قصة مجادلة أبي بكر لسعد بن عبادة في قضية الإمارة وأنها في قريش واعتراف سعد بذلك.
فقال في ص 95
"وحين ما أورد بن تيمة حديث الحميري في بعض نسخ "المنهاج " صرح بإرساله كما تقتضه الأمانة العلمية .. "
نعم صرح ابن تيمية بإرساله ولكن صححه وبنى عليه أن سعدا بايع أبا بكر.
قال شيخ الإسلام ابن تيمة: "وهذا مرسل حسن، ولعل حميدا أخذه عن بعض الصحابة الذين شهدوا ذلك، وفيه فائدة جليلة جدا، وهي أن سعد بن عبادة نزل عن مقامه الأول في دعوة الإمارة، وأذعن للصديق بالإمارة، فرضي الله عنهم أجمعين ".
منهاج السنة 1/ 536
ومن قلة أمانته العلمية في نقل كلام أهل العلم حول الحديث، إيهام القارئ أن الترمذي يضعف حديث دعاء الرسول صلى الله عليه وسلم لمعاوية "اللهم اجعله هاديا مهديا واهد به " والحق أن الترمذي قد أخرج الحديث من طريقين حسن واحدة منها وضعف الأخرى فكان المستحسن من باب الأمانة العلمية أن ينقل الكاتب الحكمين لا أن ينقل واحدا منهما ويدع الآخر.
[3842] عن عبد الرحمن بن أبي عميرة وكان من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لمعاوية اللهم اجعله هاديا مهديا واهد به قال أبو عيسى هذا حديث حسن غريب
سنن الترمذي ج 5 ص 687
[3843] عن أبي إدريس الخولاني قال لما عزل عمر بن الخطاب عمير بن سعد عن حمص ولى معاوية فقال الناس عزل عميرا وولى معاوية فقال عمير لا تذكروا معاوية إلا بخير فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول اللهم أهد به قال أبو عيسى هذا حديث غريب قال وعمرو بن واقد يضعف
سنن الترمذي ج 5 ص 687
¥