أولا عدالة الصحابة العدالة الدينة وأنهم جميعا من أهل الجنة دلت عليه نصوص كثيرة من الكتاب والسنة وأجمع على ذلك أهل العلم وذكروه في جمل قطعيات الدين التي يجب على المسلم أن يعتقدها.
فمن الآيات الدالة على ذلك.
{محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم تراهم رُكعاً سُجدا يبتغون فضلاً من الله ورضوانا سيماهم في وجوههم من أثر السجود ذلك مَثَلهم في التوراة ومثلهم في الإنجيل كزرع أخرج شطأه فآزره فاستغلظ فاستوى على سُوقه يُعجب الزراع ليغيظ بهم الكفار وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات منهم مغفرة وأجراً عظيماً} (سورة الفتح: 29).
وجه الدلالة من الآية على عدالة الصحابة العدالة الدينة، أن الله تعالى أخبر أن كل الصحابة الذين صحبوا رسول الله صلى الله عليه وسلم متصفون بكل الأوصاف التي يحبها الله من بغض أعدائه وجهادهم وحب أوليائه وموالاتهم، وعبادته سبحانه وتعالى ابتغاء مرضاته، لا رياء ولا سمعة.
قال البغوي رحمه الله:
أشداء على الكفار غلاظ عليهم كالأسد على فريسته لا تأخذهم فيهم رأفة رحماء بينهم متعاطفون متوادون بعضهم لبعض كالولد مع الوالد كما قال أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين تراهم ركعا سجدا أخبر عن كثرة صلاتهم ومداومتهم عليها يبتغون فضلا من الله أن يدخلهم الجنة ورضوانا أن يرضى عنهم سيماهم أي علامتهم في وجوههم من أثر السجود.
تفسير البغوي ج4/ص206
قال القرطبي رحمه الله:
وهذا مثل ضربه الله تعالى لأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يعني أنهم يكونون قليلا ثم يزدادون ويكثرون وهوصلى الله عليه وسلم حين بدأ بالدعاء إلى دينه ضعيفا فأجابه الواحد بعد الواحد حتى قوي أمره كالزرع يبدو بعد البذر ضعيفا فيقوى حالا بعد حال حتى يغلظ نباته وأفراخه فكان هذا من أصح مثل وأقوى بيان وقال قتادة مثل أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم في الإنجيل مكتوب أنه سيخرج من قوم ينبتون نبات الزرع يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر فآزره أي قواه وأعانه وشده أي قوى الشطء الزرع وقيل بالعكس أي قوى الزرع الشطء وقراءة العامة آزره بالمد وقرأ بن ذكوانوأبو حيوة وحميد بن قيس فآزره مقصورة مثل فعله والمعروف المد
قال امرؤ القيس:
بمحنية قد آزر الضال نبتها**** مجر جيوش غانمين وخيب
فاستوى على سوقه على عوده الذي يقوم عليه فيكون ساقا له والسوق جمع الساق يعجب الزراع أي يعجب هذا الزرع زراعه وهو مثل كما بينا فالزرع محمد صلى الله عليه وسلم والشطء أصحابه كانوا قليلا فكثروا وضعفاء فقووا قاله الضحاك وغيره ليغيظ بهم الكفار اللام متعلقة بمحذوف أي فعل الله هذا لمحمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه ليغيظ بهم الكفار الرابعة قوله تعالى وعد الله الذين آمنوا أي وعد الله هؤلاء الذين مع محمد وهم المؤمنون الذين أعمالهم صالحة مغفرة وأجرا عظيما أي ثوابا لا ينقطع وهو الجنة وليست من في قوله منهم مبعضة لقوم من الصحابة دون قوم ولكنها عامة.
تفسير القرطبي ج:16 ص:295
قال ابن كثير رحمه الله:
يخبر تعالى عن محمد صلى الله عليه وسلم أنه رسوله حقا بلا شك ولا ريب فقال محمد رسول الله وهذا مبتدأ وخبر وهو مشتمل على وصف كل جميل ثم ثنى بالثناء على أصحابه رضي الله عنهم فقال والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم كما قال عز وجل فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين وهذه صفة المؤمنين أن يكون أحدهم شديدا عنيفا على الكفار رحيما برا بالأخيار غضوبا عبوسا في وجه الكافر ضحوكا بشوشا في وجه أخيه المؤمن كما قال تعالى يا أيها الذين آمنوا قاتلوا الذين يلونكم من الكفار وليجدوا فيكم غلظة.
تفسير ابن كثير ج: 4 ص: 204
قال الشيخ السعدي رحمه الله:
¥