" فأما أصحاب رسول الله – صلى الله عليه وسلم – فهم الذين شهدوا الوحي والتنزيل وعرفوا التفسير والتأويل وهم الذين اختارهم الله - عز وجل - لصحبة نبيه – صلى الله عليه وسلم – ونصرته وإقامة دينه وإظهار حقه فرضيهم له صحابة وجعلهم لنا أعلأماوقدوة فحفظوا عنه – صلى الله عليه وسلم – ما بلغهم عن الله - عز وجل - وما سن وما شرع وحكم وقضى وندب وأمر ونهى وأدب، ووعوه وأتقنوه ففقهوا في الدين وعلموا أمر الله ونهيه ومراده بمعاينة رسول الله – صلى الله عليه وسلم – ومشاهدتهم منه تفسير الكتاب وتأويله وتلقفهم منه واستنباطهم عنه، فشرفهم الله - عز وجل - بما مَنَّ عليهم وأكرمهم به من وضعه إياهم موضع القدوة فنفى عنهم الشك والكذب والغلط والريبة والغمز وسماهم عدول الأمة، فقال - عز ذكره - في محكم كتابه: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ} (البقرة آية (143) ففسر النبي – صلى الله عليه وسلم – عن الله - عز ذكره - قوله: (وسطاً قال: عدلاً، فكانوا عدول الأمة وأئمة الهدى وحجج الدين ونقلة الكتاب والسنة. وندب الله -عز وجل - إلى التمسك بهديهم والجري على منهاجهم والسلوك لسبيلهم والاقتداء بهم فقال: {وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى ... } (النساء آية (115
كتاب الجرح والتعديل (1/ 7).
==============
قال ابن عبد البر:
"الصحابة كلهم عدول، مرضيون، ثقات، أثبات، وهو أمر مجتمع عليه عند أهل العلم بالحديث".
التمهيد 22/ 47
قال القرطبي:
"وهكذا القول في الصحابة إن شاء الله تعالىاشتركوا في الصحبة ثم تباينوا في الفضائل بما منحهم الله من المواهب والوسائل فهم متفاضلون بتلك من أن الكل شملتهم الصحبة والعدالة والثناء عليهم وحسبك بقول الحق (محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار) إلىآخر السورة وقال: (وألزمهم كلمة التقوى وكانوا أحق بها وأهلها) ثم قال: (لايستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل) وقال: (لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة) فعم وخص ونفى عنهم الشين والنقص رضي الله عنهم أجمعين ونفعنا بحبهم آمين"
تفسير القرطبي 3/ 264
قال القرطبي:
"العدالة هي الاعتدال في الأحوال الدينية وذلك يتم بأن يكون مجتنبا للكبائر محافظا على مروءته وعلى ترك الصغائر.
================
قلت: فالصحابة كلهم عدول أولياء الله تعالى وأصفياؤه وخيرته من خلقه بعد أنبيائه ورسله هذا مذهب أهل السنة والذي عليه الجماعة من أئمة هذه الأمة. وقد ذهبت شرذمة لا مبالاة بهم إلى أن حال الصحابة كحال غيرهم فيلزم البحث عن عدالتهم ومنهم من فرق بين حالهم في بداءة الأمر فقال إنهم كانوا على العدالة إذ ذاك ثم تغيرت بهم الأحوال فظهرت فيهم الحروب وسفك الدماء فلا بد من البحث وهذا مردود فإن خيار الصحابة وفضلاءهم كعلي وطلحة والزبير وغيرهم رضي الله عنهم ممن أثنى الله عليهم وزكاهم ورضي عنهم وأرضاهم ووعدهم الجنة بقوله تعالى (مغفرة وأجرا عظيما) وخاصة العشرة المقطوع لهم بالجنة بإخبار الرسول هم القدوة مع علمهم بكثير من الفتن والأمور الجارية عليهم بعد نبيهم بإخبارهم لهم بذلك، وذلك غير مسقط من مرتبتهم وفضلهم إذ كانت تلك الأمور مبنية على الاجتهاد ... ".
تفسير القرطبي 16/ 254
قال النووي:
"ولهذا اتفق أهل الحق ومن يعتد به في الإجماع على قبول شهاداتهم ورواياتهم وكمال عدالتهم رضي الله عنهم أجمعين".
شرح مسلم 15/ 149
قال ابن حزم:
"والصحابة كلهم عدول رضي الله عنهم لثناء الله تعالى عليهم".
المحلى 5/ 92
=============
فبان بما قدمنا أن عدالة الصحابة العدالة الدينية بمعناها السلوكي، وهو اجتناب الكبائر والإصرار على الصغائر، واجتناب ما يقدح في المروءة، إجماع من المتقدمين من أهل الحديث والفقه والأصول، لا كما أردتم أن تصوروا للناس من أنه فهم خاطئ للمتأخرين.
وكل يوم نناقش ملحوظة من الملحوظات التي أرى أنكم جانبتم فيها الصواب.
محبكم /عبد الله الشنقيطي.
ـ[محمد بن المختار الشنقيطي]ــــــــ[01 - 01 - 05, 04:00 م]ـ
السلام عليكم أيها الأحبة ..
قبل الإجابة على ملاحظات الأخوين سليمان وعبد الله لدي تحفظات ثلاثة:
1 - طلبت من الأخوين التعريف بأنفسهما أكثر من مرة، لأن ما نتحدث فيه دين، ولا مكان فيه للهواة والمجاهيل. ولم يفعلا حتى الآن.
2 - كتبت عنوان ناشر الكتاب مرتين بعد طلب أحد الإخوة ذلك، وفي كلتا المرتين يتم حذفه. وكنت أعتقد أني أتحاور مع طلاب علم لا مع ضباط شرطة. وما قيمة حوار بدأ بالمصادرة؟
3 - طلبت من إدارة الملتقى مساعدتي فنيا على نشر نص الكتاب كاملا على الموقع، تفاديا للتعب التكرار، لأن أكثر الاعتراضات تمت الإجابة عنها في الكتاب، فلم تجب إدارة الملتقى ذلك.
(تنبيه من المشرف لايسمح بالدعاية أو بوضع رابط للكتاب حتى تتم المناظرة) والله الموفق لكل خير.
أخوكم/ محمد بن المختار الشنقيطي
¥